الهدوء الذي يسبق العاصفة
بقلم: حاميد أعرور
بعد تزكية الدستور الجديد رسميا بغض النظر عن الوسيلة التي مرت بها أجواء الاستفتاء الشعبي،يشهد الشارع المغربي انقساما واضحا وتشهد حركة 20 فبراير ارتباكا بينا،في حين تتمادى الأجهزة المخزنية العتيقة في استعراض عضلاتها بشكل دونكيشوطي، بالاستمرار في خلق تنظيمات مأجورة باسم حركة 9مارس و الشباب الملكي و* ولاد الشعب-* وغيرها من *البارشوكات* الواهية. لكن قبل التطرق إلى بعض المخاطر المحدقة لابد من وضع اليد بمكامن هشاشة الوضع وعدم الاستقرار الملازمين لطبيعة النظام السياسي القائم والتي يمكن في نظري اختصارها فيما يلي:
1- إن الأسلوب الذي اعتمد في حث المواطنين على التصويت على الدستور أسلوب عتيق، ينهل من سياسة *إدريس البصري* عبر تحويل الاستحقاق الدستوري إلى بيعة،فعوض جعل المؤسسة الملكية في منأى ومنزهة وعدم الزج بها بميزان الإرادة الشعبية تم تحويل الاستفتاء إلى مخاطرة، إذ جند المواطنين وتمت تعبئتهم على أن التصويت بنعم على الدستور يعني التصويت على الملك، والتصويت بلا أو المقاطعة يعني رفض الملكية، في حين أن الملك مارس صلاحياته الدستورية وعين لجنة استشارية لتهيئ مشروع في إطار مشاورات موسعة، قصد عرضه على الاستشارة الشعبية لتقول كلمتها ، فإن كان التصويت بنعم إراديا يعني تزكية المشروع، وإن كان بلا أو بالمقاطعة يعني استدعاء اللجنة من جديد لصياغة مشروع يعكس الإرادة الحقيقية للشرائح الاجتماعية،وفي كلا الحالتين تبقى المؤسسة الملكية في منأى وفي حياد نبيل.
2- خلال الحملة لوحظ صراع بين الأحزاب السياسية والأجهزة المخزنية العتيقة، كل من موقعه يحاول أن يعكس قدرته على حث المواطنين على التصويت بنعم،أي بلغة واضحة الأجهزة المخزنية حاولت أن تبين للمؤسسة الملكية قدرتها على التحكم في الجماهير الشعبية، بمعزل عن الأحزاب السياسية المنهكة،وتجد تبريراتها في نسبة المشاركة الضعيفة بالانتخابات التشريعية لسنة 2007. ونتساءل بالمناسبة من كانت له القدرة إذا حث المواطنين واستقدامهم للتصويت بنعم؟ هل الأحزاب أم الأجهزة المخزنية؟ أم تحالف الأطراف معا؟
3- بعد نتائج الاستفتاء شرعت بعض القيادات الحزبية في محاولة لفك تحالفها مع هذه الأجهزة في مقدمتها حزب العدالة والتنمية،وفي محاولة لإنقاذ ماء الوجه واستعادة بريقه المغتصب إذ اعتبره أمينه العام نسبة المشاركة مبالغ فيها واشمأز من تدخل رجال السلطة والشيوخ والمقدمين في العملية برمتها.
4- لا ننسى أن عدد المواطنين البالغين سن التصويت يناهز 24 مليون ناخبا بناء على معطيات الإدارة العامة للأمن الوطني، في حين لا تضم لوائح المسجلين إلا 13 مليون مسجلا، فحسابيا صوتت 9 ملايين من أصل 13 مليون،هذه المعادلة إن قيست على 24 مليون ستعني عدم تجاوز النسبة ل 13 بالمائة،هذا من جهة ومن جهة أخرى فنسبة لا يستهان بها من المواطنين صوتت بنعم بحسن نية وبثقة عمياء بما تم التسويق له عبر مختلف الوسائل الرسمية وغير الرسمية،كون الدستور الجديد سينعكس إيجابا على الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
5- الآن نعيش مرحلة التنزيل الدستوري وخطاب العرش كان واضحا للتعجيل بتجديد جميع المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية،وسن القوانين التنظيمية والقوانين العادية دون الالتفاف على روح البنود الدستورية ،لكن أمام تمادي وزارة الداخلية والأجهزة المخزنية العتيقة وكذا الأحزاب المتآمرة والمتواطئة في نهج نفس الأسلوب القديم، في خرق سافر للحد الأدنى من المقتضيات الدستورية، سيخلق المزيد من الاشمئزاز لدى المواطنين خاصة المصوتون بنعم برغبة التقدم إلى الأمام والاستفادة من ثمار المرحلة القائمة خاصة ومخيلته تواقة إلى العيش الكريم والقطع مع ممارسات الماضي.
6- أرشح انضمام الشباب الملكي وحرك 9 مارس وباقي المحايدين إلى حركة 20 فبراير آجلا أم عاجلا، مادامت نفس الوجوه والتنظيمات والأجهزة المخزنية تمارس نفس الأساليب بالحجر والوصاية لاغتصاب هذه الخطوة، وإفراغ المضامين من محتواها، علما أن بوادر هذا الاغتصاب تلوح في الأفق بتمسك وزارة الداخلية بملف التقطيع الانتخابي وصياغة مشاريع القوانين الانتخابية وإشرافها المباشر على الانتخابات، خارج سياق الخضوع لسلطة رئيس الحكومة، وستجتهد جاهدة لاستعمال بنود دستورية بدهاء خاصة تلك التي تجعل من سلطة الملك سلطة الحسم والاعتراض.سنعيش صراعا يولد من جديد بين الفاعلين السياسيين الرسميين والأجهزة المخزنية، التي ترفض التواري بدون عنف والانصهار بالمؤسسات الدستورية ،والتي تسعى إلى بما أوتيت من دهاء وتجربة لكي يكون رئيس الوزراء على مقاس الخضوع للتعليمات.
7- لكي لا نذر الرماد في العيون وبوضوح تام ،فإن الدستور الجديد ليس إلا خطوة نحو الدولة الديمقراطية في إطار ملكية برلمانية مؤجلة رهينة بنتائج الصراع، الذي سيحتدم بين الأجهزة المخزنية والفاعلين السياسيين ، الدستور الجديد فتح هذا الصراع بشكل فج بين الطرفين من جهة ومع الشارع عموما، علما أن ديباجة الدستور الجديد ضمنت وبإسهاب الحقوق الفردية والجماعية كما هي متعارف عليها عالميا على رأسها حق التظاهر والاحتجاج .
في تقديري الخاص الارتباك الحاصل بحركة 20 فبراير والزواج غير الشرعي بين التيارات التقدمية والتيارات السلفية،وانتظارات المصوتين بنعم والبلطجة وتمادي الأجهزة المخزنية في نفس الممارسات أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة ويرشح إلى مزيد من الاحتقان في غياب ترجمة حقيقية لتطلعات الجماهير وتأثرها بمحيطها الإقليمي والخارجي.
DS
\"في حين لا تضم لوائح المسجلين إلا 13 مليون مسجلا، فحسابيا صوتت 9 ملايين من أصل 13 مليون،هذه المعادلة إن قيست على 24 مليون ستعني عدم تجاوز النسبة ل 13 بالمائة\" J\'aimerai juste que l\'écrivain m\'explique comment il a fait ce calcul (le 13% surtout ). 9/13*100= 69.23% de participation parmi ceux inscrit 9/24*100= 37.5% ce que represente les gens qui ont voté parmi les gens aptes à faire.