لن يقهر القادم المجهول الا العدل
حمزة بوعياد
كلما نظرت إلى ما هو أبعد زاد خوفي مما يخفيه القادم بمجهول ملحقه من عطايا في حسابات الزمن وما سيسفر عنه من منغصات في طي ما يحمله جيل ذلك الوقت من عدم مبالاة وانعدام قدرة على مواكبة المستقبل بسجله الحافل بكل المفاجآت التي لا يستطيع هذا الجيل التعامل مع الجديد في هذا السجل .. وكم أخاف أكثر حين أقيس مجال العلم بتعلم ما هو على رحل المتمني منه وأرى وأسمع ما هو في سطور مدارسنا وجامعاتنا من مسقى غير مؤهل لتطبيع العلاقة مع القادم المجهول فأجد أن المنتظر نظيره موازٍ لخوف الجميع من هذا المستقبل المشحون بجهل القادمين إليه بمحصل ما لديهم من فهم معكر ومعرفة ساذجة لا يؤمل بمقياس مقدارها وهذا ليس تشاؤماً بل حقيقة دامغة في نهج الممتلك لزاد غير مزود بنكهة الأمل ولا منتج الأمان.
عاصفة التغيير والاصلاح مستمرة, وقد مضى عليها من الزمن عامان, فماذا نحن مستخلصون منها العبر, وماذا نحن مخططون للقادم المجهول, ونحن نعيش واقعا أمر من الدفلى والعلقم, فهل نركن الى زاوية ونخدع أنفسنا بأننا انحنينا لمرور العاصفة, وذهبت عنا الى ديار أخرى!! اذا كانت الحالة هكذا فنحن غارقون حتى الذقون في عالم المجهول القادم.
كل مواطن يعاني في نفسه ومع الآخرين قلقا شديدا, من الواقع الراهن المرئي أو المقروء, ومن القادم المعتم المجهول, وكل يجتهد في التحليل أو التفسير الى أين ستقودنا الأحداث ما ظهر منها وما خفي, وخلص بنا الوضع الى البحث عن الانقاذ, فمنهم من رأى بالمسيرات حلا ومنهم من رأى بالاعتصامات والمظاهرات والاضرابات مخرجا, ومنهم من التزم الصمت وهو يعتصر ألما ويندب حظا ويتأسى على ماض تليد مجيد, وكلها ليست حلولا ترقى لمستوى احياء وطن واستمرار الحياة له في أمن وأمان.
كل الحلول والخيارات المطروحة على الساحة (ترقيع) والشعب يتساءل لماذا وما السبب الخفي الغامض وراء ذلك, بالوقت الذي يطلب فيه جلالة الملك اجراء اصلاحات والتسارع بها, وهذا واضح جلي في كتب التكليف السامي ولكن هذا التكليف لا يجد منفذين له بقوة وعزم شديد, وكأنهم يصطدمون بعوامل خفية لا يعرفها الناس ولا تعلن لهم حتى يصل الجميع الى القناعة, بأن هذا هو الواقع الحقيقي الذي يجب التعايش معه والقبول به.
ادا مادا قدمت لنا الحكومة سوى سوء في تطبيق القوانين وانتقاء ما يطبق منها حسب رغبة الاشباح, تهميش المواطن وعدم فهمه, انعدام التخطيط للصالح العام, سوء في الادارة, نمو وسرعة انتشار الفساد, غياب العدالة، هذه أسباب المطر الذي أنبت الربيع العربي, فهل استعصى الحل لها, حتى ندور في حلقة مفرغة في الصباح والمساء؟!.