خوصصة الطب و اللعب بالصحة العامة

خوصصة الطب و اللعب بالصحة العامة

كاسم مبارك

 

يبدو أن الحكومة المغربية ماضية بعزم في مسلسل التنصل من المسؤوليات العمومية التي تتعلق بالصالح العام للمغاربة، فبعد أن مست سياسات الخوصصة   قطاعات حيوية و سيادية فإن هذا المد الرأسمالي و الاسثثماري قد وصل قطاع الطب و الصحة. فبعد مشروع المصحات الخاصة وفتح المجال للاسثثماريأتي مشروع خوصصة كليات لتكوين الأطباء الذي يعد بمثابة حقنة شلل يراد غرزها في جسم الصحة العامة و فتح الباب لتخريب ما تبقى من مكاسب في قطاع الصحة المعطوب أصلا.

وإذ وضعنا هذا المشروع في ميزان الحكامة و ربطناه بمعايير التدبير العام فإن خوصصة الطب تعد بمثابة خطوة في اتجاه فتح الباب لضرب معايير الاستحقاق و الكفاءة في تكوين الأطباء  و تعويضها بمنطق المقاولة و الربح و الاسثثمار الذي يتنافى مع مبادئ الطب النبيل الذي يضع الصحة و جودة العلاج في سلم أولوياته.

ورغم أن بعض المتحمسين للنماذج الأنجلوسكسونية في التعليم العالي التي تدافع عن الخوصصة فإن السياق المغربي يختلف كليا.فأنظمة البكالوريا المعطوبة و الفساد و الزبونية المتجذرة في بنية المنظومة التعليمية المغربية سوف تجعل مشروع خوصصة الطب بمثابة خطوة تقضي على مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم أمام جميع أبناء الشعب المغربي وسيضرب مبدأ دستوريا و تعكس خضوعا لإملاأت المؤسسات الدولية التي تتحرش بالسيادة الوطنية للمغرب.

و في الوقت الذي يعرف فيه المغرب خصاصا كبيرا في الأطر الطبية،  كان يقتضي الأمر الزيادة في الطاقة الاستيعابية لكليات الطب العمومية وليس فتح المجال لكلية طب خاصة، على الأقل لتبرير النقص و معالجة الاختلالات.

إن مشروع خوصصة التكوين الطبي سيجعله بضاعة تقدم لمن هو قادر على دفع ثمنها دون أدنى اعتبار لشروط الاستحقاق أو لجودة التكوين، ويضع مستقبل القطاع على المحك.

 

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة