الفدائية المغربية الشقراء ..طردت من إسرائيل لم تستطع البقاء في باريس ومنعت من دخول المغرب
قصة محيرة فعلا ليس للموساد الأسرائيلي الذي نخرته الانتكاسات. بل للعالم بأسرة، فتاة جميلة، شقراء، ثرية. أدارت ظهرها لكل مظاهر الترف واختارت أن تصبح فدائية، تضع حياتها ثمنا للقضية الفلسطينية. إنها قصة الشقراء النبيلة الطيبة، نادية برادلي التي تصلح قضيتها سيناريو عظيم لفيلم كبير جدا، لم تنل حظها من الاهتمام الإعلامي، وغالبية المغاربة لايعرفون أن مواطنة مغربية أدارت ظهرها لمتاع الدنيا واختارت الجهاد من أجل فلسطين.
جريدة «العلم» نقبت في هذه القضية المثيرة إلى أن عثرت على كتاب لصحافية اسرائيلية تحكي فيه تفاصيل مثيرة لهذه البطلة، والكتاب- الذي أصدرتهدارالجليل للنشر سنة 1986 تحت عنوان « نادية برادلي . الفدائية المغربية الشقراء » - يكتسي أهميته لأن شاهدا من أهلها هو الذي يشهد. ونأمل أن يمثل هذا النشر انطلاقة للغوص في تفاصيل كثيرة من حياة هذه الفدائية البطلة.
تضيف نادية قائلة عندما أطلق سراح مرلين، لم تعرف ماذا تفعل مع الحرية. فقد نسيت تماما كيف يصعدون الدرج، وكثيرا ما كانت تقع أثناء صعوده، وأنت تعرفين حساسيتها البالغة، وحتى السجن لم يستطع تغييرها.
وتقول نادية إن شقيقتها تنازعت مع رجياني، وتم طردنا من البيت.
- ولماذا لم تعودي إلى بيتك في المغرب؟
٭ لقد كان ذلك مستحيلا. فقد أبلغني السفير المغربي في باريس، بأنه لا يستطيع منحي جواز سفر مغربيا، لكن السفير قال إنه سيسعى من أجل أن يرتب لي تأشيرة مرور، بيد أنه نصحني بأن لا أتوجه إلى المغرب، وإلا فإن السجن سيكون بانتظارنا.
- لماذا لم تتوجهي إلى صديقك في المغرب... الذي كان رجلا ذا قيمة في المغرب؟
٭ لم يكن حينئذ قويا بما فيه الكفاية، وقد كان مكبل اليدين وعاجزا عن مساعدتي.
- والعائلة؟
٭ لقد قتل أبي عندما كنت في سن التاسعة عشرة. وقد وضع الأوصياء يدهم على الميراث، المتمثل بأملاك هائلة، ولم يبق لنا شيء».
- وأصدقاؤك في باريس؟
٭ إنك تعرفينني، أنا لست مفلسة، وفي وضع كهذا لا أريد أن يراني الناس أبدا. لقد نزلنا في فندق صغير، ومن ثم انتقلنا إلى فندق أرخص. وقد قامت شقيقتي مرلين ببيع اللعب من بيت لآخر. كانت تطرق الأبواب، وكثيرا ما أغلقوا الأبواب في وجهها. وذات مرة أحضرت عشرة دولارات، وكان ذلك بمثابة عيد كبير، وأنا كنت مريضة وبحاجة إلى رعاية طبية. إن من الأفضل عدم التحدث عن ذلك».
- وبعد ذلك؟
بعد ذلك سافرت إلى بيروت.
٭ من كل أقطار العالم اخترت بيروت بالذات؟
- «لقد طردوني من إسرائيل، وفي باريس لم أستطع البقاء، أما المغرب فمنعني من الدخول، فإلى أين أذهب؟ ومن يستقبلني، وحتى جواز سفر لم يكن في حوزتي».
- وهل سافرت إلى بيروت بمساعدة الفدائيين؟
٭ نعم - فقد كانوا هم الأشخاص الوحيدون الذين كنت على اتصال معهم في باريس وهم الوحيدون الذين قدموا لي المساعدة.
- إن هذا الأمر مدهش، ألن تصفيهم في السجن «بأنهم آدميون من الحيوانات» وكنت تخشين من أن يقوموا بتصفيتك عندما تخرجين من السجن، وألست أنت التي سلمت كل أعضاء الشبكة في إسرائيل...
٭ ألا زلت تقولين عنهم مخربين... ومن الذي لا يتكلم عندما يعتقل، كلهم يتكلمون وهم يعرفون ذلك ويفهمونه.
- ولكنك كنت قبل ذلك في ميلانو؟
٭ صحيح.
- وهناك كان معسكر تدريبكم؟
٭ ما هذا، يا عدنه، وأية أسئلة تسألينها، فهل بعثك الشين - بيت» لتحققي معي؟
- إنني أفهم بأنك كنت في روسيا، فماذا فعلت هناك؟
٭ نعم ذهبت هناك ثلاث مرات، في الأعوام 76، 78، و81. كنت مريضة جدا حيث أرسلت إلى هناك لتلقي العلاج. «فالروس يمنحون منظمة التحرير كل مرة من 100 - 150 سريرا في مستشفياتهم. وكل شيء يقدم مجانا، كما يرسلون إلى هناك مبتوري الأيدي والأرجل من أجل معالجتهم، وليس فقط أولئك الذين أصيبوا من جراء أعمالكم، وأعمال الكتائب.
- ربما كان علاجك في الاتحاد السوفياتي غطاء للتدريب، أو،،،
* يبدو أنك قرأت كتب تجسس أكثر من اللازم، ياعدنه وعلى كل حال ذهبت لتلقي العلاج فقط، حيث عالجني طبيب يهودي في مستشفى عسكري في موسكو يدعى فاديم ميخائيل بولياتشوف، وسمعت أنه رُفع إلى رتبة جنرال، وأنا سعيدة من أجله.
فجأة أخذت تتحدث مع أحد الأشخاص بلغة عربية فصحى، وتذكرت أنها تنصلت في السجن من أنها تعرف التحدث بالعربية بطلاقة.
* في السجن قلت لي بأنك لاتعرفين كلمة واحدة عربية؟
* قلت لك في السجن أمورا كثيرة، لقد تعلمت العربية خلال فترة طويلة...
وواصلت نادية حديثها قائلة: «في عام 1976 سافرت إلى بيروت، وكان ذلك، إبان الحرب الأهلية، ولم يكن لدي أدنى فكرة عن المأساة الدائرة هناك. فقد قام أصدقاؤكم، بذبح الفلسطينيين بكل بساطة، وقد سمعت عن ذلك كثيرا في السابق، ولكنني لم أفهم حتى رأيت ذلك بأم عيني، حيث كنت موجودة هناك في بيروت.
- أنت لم تتركي «المخربين»؟
٭ خطؤك يا عدنه لا تزالين تطلقين عليهم اسم «مخربين»، وأنا أنظر إلى عينيك وأنت تلفظين هذه الكلمة، وكأنك تقصدين، أنهم قتلة. بالنسبة لكم، أيها الإسرائيليون تعتبرون كل فلسطيني بأنه مخربا أسود يعتمر كوفيه، مطلقا لحيته، ويركض مع السكين بين أسنانه.
- ليس بالضبط، فقد تعلمنا بأن «المخربة» يمكن أن تكون شقراء جميلة، مع «صدرية» مليئة بالمتفجرات، فماذا تفعلين أنت هناك وسط هذه المجموعة، يا نادية، وما شأنك بهم؟ فأنت حتى لست فلسطينية؟
٭ «قلت لك إنني عربية! ولم أستطع مشاهدة كيف تقومون بقتلهم. إنهم أناس طيبون معي، لقد اهتموا بوضعي. وأنا أسكن في شقة مجانا، مع قليل من الأكل. ويدفعون نفقات علاجي. وقد أجريت أربع عمليات جراحية في المستشفى الأمريكي في بيروت (وتكشف عن أربع نُدب على بطنها وجيدها)، ودفعوا تكاليف هذه العمليات. كذلك، أنا أعمل معهم ويدعون لي راتبا قدره 50 دولارا في الشهر، وهذا قليل جدا.
نقلا عن العلم
......
ewa hado homa nisaa lmonadilat.tahia