أمريكا.. حبيبة الثورات

أمريكا.. حبيبة الثورات

 

عبد الله الدامون - المساء

 

 

أمريكا تدعم انتفاضات وثورات الشعوب العربية.. من كان يصدق هذا؟ من كان يصدق أن أمريكا، التي يردد الناس في كل مناسبة أنها عدوة الشعوب، صارت فجأة صديقة للشعوب وترسل تهديدات إلى الحكام العرب تطالبهم بالتنحي أو إرساء الديمقراطية.
الثورات -ليس في العالم العربي فقط، بل في العالم كله- كانت تخاف من أمريكا أكثر مما تخاف من الدكتاتوريين المحليين، فأمريكا اكتسبت، عن جدارة واستحقاق، لقب أكبر راعية للدكتاتوريات، ومن حليبها استقى حكام جبابرة طاقتهم للاستئساد على شعوبهم المستضعفة.
اليوم، تبدو أمريكا وكأنها تريد أن تخلع ثوب الذئب وتلبس ثوب حمل وديع. وفي أي مكان تخرج فيه مظاهرات شعبية، تبادر أمريكا إلى الوقوف إلى جانب المتظاهرين، لكنها تفعل ذلك على مراحل.. ففي البداية، تصمت لعل وعسى..؛ وإذا استمرت المظاهرات، تصدر بيانا أو تصريحا خجولا حول ضرورة احترام النظام لحقوق الإنسان؛ وإذا سخنت الاحتجاجات الشعبية، يتحدث مسؤول أمريكي مطالبا الحاكم العربي بإصلاحات؛ وعندما تتعقد الأشياء وتدرك أمريكا أن الحاكم زائل لا محالة، تبدأ في تهديده وتقول إن عهده انتهى، وتبدأ في البحث لها عن موطئ قدم بين أنصار العهد الجديد.
في تونس، لم يكن الجنرال بنعلي بعيدا من أمريكا، بل كان رجلها المفضل في المنطقة، وكان خادم الغرب الوديع؛ لكن بما أن سقوطه كان محتما، فقد وقفت أمريكا إلى جانب الشعب التونسي، مرغمة لا بطلة.
في مصر، لم يكن بإمكان أمريكا أن تجد رجلا أفضل من حسني مبارك، كان لا يهش ولا ينش ولا يكسر بيضة من قش، وبراعته الكبرى كانت في الاستئساد على شعبه، لذلك حاولت أمريكا في البداية أن تقيه شر غضبة شعبه، لكن الإعصار كان قويا، فاضطرت واشنطن إلى القفز نحو الضفة الأخرى والوقوف إلى جانب المصريين المنتفضين.
في ليبيا، لم يعد العقيد الأحمق، معمر القذافي، كما كان من قبل.. ثائرا ضد أمريكا وإمبرياليتها، لقد صار ولدا مطيعا لأمريكا وقدم إليها كل أسراره وتجهيزاته النووية والعسكرية، لذلك تمنت أمريكا لو بقي، لكن الليبيين كان لهم رأي آخر، فكان لا بد لأمريكا أن تنصاع، ومرة أخرى مجبرة لا مختارة.
في أماكن أخرى تكرر ذلك، وسيتكرر كثيرا خلال الشهور والسنوات المقبلة، لأن هذه النار المشتعلة لن تستثني أحدا، وأمريكا مستعدة لذلك، رغم أنها في البداية لم تتوقع ذلك بالمرة، لأن المخابرات الأمريكية كان يجب أن تكون حمقاء كي تتوقع أن قلب عربة بائع خضر تونسي يمكنه أن يشعل فورات غضب عارمة في كل العالم العربي.
النفاق الأمريكي ليس وحيدا في هذا المجال، ففرنسا لها نفاق أكثر وضوحا؛ فعندما انفجرت انتفاضة تونس، صدّرت فرنسا إلى هذا البلد أدوات قمع وتعذيب للتنكيل بالمتظاهرين؛ وعندما تبين لها حمق تصرفها، استدركت ذلك في التجربة الليبية وبادرت إلى الاعتراف الفوري بالمجلس الانتقالي الليبي، وكأنها تريد أن تغفر لنفسها خطيئتها مع التونسيين.
لكن لفرنسا رؤية أخرى حول ليبيا، إنها بلد المليون ونصف المليون برميل من النفط يوميا، وهي كعكة ينبغي على الأذكياء أن يبادروا إلى الفوز بها، لذلك فإن الحلف الأطلسي لم يبادر إلى قصف مواقع القذافي من أجل سواد عيون الليبيين، بل من أجل سواد ذلك البترول الذي يوصف بكونه واحدا من أجود الأنواع في العالم.
في اليمن، لا يبدو أن الغرب مهتم كثيرا بما يحدث هناك، لأن ذلك البلد فقير وفيه الكثير من القات الذي يمضغه اليمنيون من أجل أن يريحوا أعصابهم، لذلك صارت الثورة اليمنية منسية ولا أحد يهتم بها، لأنه سواء نجحت أو فشلت فليس لها ما تقدمه أو تؤخره للغرب.
الغرب لا يمكنه أن يقف مع الشعوب الثائرة، عربية كانت أو غير عربية، فقط الظروف حتمت عليه ذلك، ربما لأنه يدرك أن ما يحدث في العالم العربي ليس ثورات حقيقية، وإنما هو مجرد فورات غضب مؤقتة سرعان ما تبرد ويسهل احتواؤها.

عدد التعليقات (4 تعليق)

1

ابنة طنجة

الحمد لله على سلامتنا اننا انتبهنا واعترفنا بأن امريكا حبيبة الثورات والثورات العربية بالخصوص، لكن نقطة واحدة غابت عنك اخي الكريم، امريكا لا تنافق الشعوب الغاضبة وتساعدهم وتساندهم فحسب بل هي من دبرت لكل هذه الثورات وهذه الثورات هي من صنعها وكانت تخطط لشئ اسمه  (تغييرات الانظمة ) اكثر من 40 سنة وما بائع الخضر التونسي الا سبب استغلته امريكا ولعبت عليه، اما المواطن الضعيف سوى اداة يحركها ويتحكم فيها العقل الامريكي والاروبي معا ويستغل نقطة ضعفه، لما لا تدعم امريكا والاتحاد الاوروبي الثورة اليمنية كما قلت او الثورة الاسبانية او الانجليزية او القطرية حتى؟؟؟؟؟؟؟ الجواب واضح على ما يبدو والشمس لا تحجب بالغربال، نقطة ثانية لماذا يتواجد في كل مظاهرة مغربية كانت او عربية ثلة من الاجانب وسط المتظاهرون؟؟؟؟؟؟ وعلى ماذا يتظاهرون يا ترى؟؟؟؟ وأي حق يخول للسائح التظاهر وسط متظاهرون لا يقربونه بصلة، المتظاهرون او الثوار هم ابناء الوطن ويعانون من مشاكل مجتمعية كانت او سياسية تتعلق ببلدهم هم؟ واي مطالب يطلبونها ويحتجون عيها؟؟؟؟؟؟ نقطة اخرى اذا كانت امريكا تطبق الديمقراطية كما تدعي وتسعى لنشر الامن والآمان والسلام في العالم؟؟؟ اذا فلتنقد إخواننا بالصومال الذين يموتون كل يوم العشرات من الاطفال الصغار جوعا وتوفر لهم المأكل والمشرب ؟؟؟؟؟؟

2011/08/29 - 07:09
2

مغربي

لرقم 1 والله كلامك معقول ومنطقي وما حصل في امريكا من اعصار ما هو الا غضب من ربنا العظيم في هذا الشهر الكريم اراد الله ان يغرقها ويجعلها عبرة لمن يعتبر، فيقو ايها العرب وعو ان ما يجري في العالم من ثورات وتغييرات ما هو الا ارادة وتكتيك غربي، نعم كلنا نطمح في التغيير وكلنا نريد ان يكون بلدنا افضل بلد في العالم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، نعترف انه عندنا فوضى وعندنا عدة مشاكل ونعاني منها ومازلنا متأخرين، لكن كل شئ يحصل بالعقل والتروي، وها نحن والحمد لله بدأنا نعيش مرحلة من التغيير حتى ولو انه بطئ المهم انه تغيير للأحسن وفي تقدم والمغرب افضل بكثير من عدة بلدان عربية والله ونحسد عليه، التروي يا اخواننا هذه الفترة تحتاج منا العقل والحكمة والتروي وايانا والطيش، الكل ينتظر منا هذا والسلام

2011/08/29 - 07:21
3

ابن طنجة

ههههه عادي عند امريكا اعصار او فيضنات او تسونامي حتى، تتحطم عندها كل الولايات وتنجرف مع المياه عادي وشئ بسيــط ومشكل محلــول عندهــا، تتحطم نيويورك وباقي الولايات في هذا الشهر ويعيد بناؤها بتــرول ليبيا الشهر المقبل او ثروات سوريا ومصر وتونس و...... والقائمة طويلة، اين هو المشكل عندها اذا؟؟؟؟؟؟ امريكا الدكتاتور الذي لا يهزمه لا نظام ولا حلف ولا كارثة  (استغفر الله العلي العظيم على قولي هذا ان الله قادر على كل شئ ) كما قال في كتابه عز وجل في سورة الاعراف الآيتين 130  (وقالوا مهما تاتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمومنين 131 فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ءايات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ) صدق الله العلي العظيم

2011/08/29 - 07:41
4

سيف الدين

في ليبيا الشاسعة و الواسعة التي ضاقت على اهلها فقتلوا من اخوانهم 50 الفا و جرحوا و شوهوا و رملوا و يتموا نجحت الثورة و لكن لليبيين لا والله انما للناتو و ساركوزي و هيلاري المستنفرة للمجلس الانتقالي بان يعاود دور الدكتاتور و يضرب على ايدي المتطرفين الدي كانوا بلاامس ثوارا بمطالب شرعية...و في تونس يريد ان ينقض العلمانيون و حراس الاستبداد ان يستفردوا بتلة من الاسلاميين لم يولدوا بعد و كان اغلب قادتهم في المنافي لسنين و في سوريا اقسم بعض المتامرينمع بعض العملاء مع ثلة من المستضعفين الراغبين بلقمة عيش هنية عل اطعام سوريا لاسرائيل و اعداء الخارج و ربما لتصبح يوما ما سوريا الشمالية المعادية في مقابل سوريا الجنوبية المعتدلة التوجه تماما كما حصل في السودان و سيحصل في اليمن السعيد او الشقي او البعيد...و ما سيحصل في مناطق اخرى سياتي عليها الدور ...و المتامر ليس بالضرورة مثقف ياتي من الخارج او جاسوس او عميل و لكن يمكن ان يكون دلك الانسان البسيط الدي الف الادعان لقانون القطيع و نسي ان الامن نعمة و الوحدة نعمة و التالف نعمة ....و لكننا قوم عملنا قليل و قولنا كثير ....ولا ندري الى حيث نسير

2011/08/31 - 05:15
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات