الرفع من سن التقاعد .....خرجة نشاز من قمقم قرارات الحزب الحاكم

مارية الشرقاوي

منذ تولي السيد عبد الالاه بنكيران رئاسة الحكومة - وحتى نكون صادقين مع أنفسنا ومعه لا يسعني القول إلا أن أتموقف منددة ومستنكرة بمعظم قرارته التي تنزل كالصاعقة على المواطن المغربي البسيط. ومن جملة هده القرارات القرار المفاجئ المتمثل في رفع سن التقاعد إلى 62 سنة والذي سيصبح ساري المفعول به بداية يوليوز 2015 . انفراد بنكيران بالقرار المطبوخ في كواليس إدارته دون استشارة  ديمقراطية للنقابات والأحزاب السياسية واللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد ، أمر عضال يوحي بأن هناك ارتجال في تدبير الملفات الاجتماعية الكبرى للشأن العام الوطني، ونية مبيتة في إقصاء المعنيين بالأمر من بقية الشركاء من صناع القرار، وذلك عبر تجسير سبل الحوار المستدام مع ممثلي الشغيلة . عمل شنيع ضرب بالحوار حول موضوع اصلاح أنظمة التقاعد عرض الحائط بدم بارد، غير آبه ببراءة موظفي المغرب الذين لا يتحملون مسؤولية سوء تدبير صندوق التقاعد من طرف الدولة طيلة أربعين سنة... أزمة كهاته، جعلت النقابات تمتعض من مثلها سلوكيات، وتعلنها حالة تصعيد لا تحمد عقباه ، مستنفرة بردود فعل ساخنة لن تدع موضوعا يتعلق بخبز المواطن يمر مرور الكرام، أمر اعتبره منافسو بنكيران خطا أحمرا، فيما اعتبره شركاؤه مساسا بحقوقهم الدستورية في التشاور وإبداء الرأي ... نسأل الله أن تمر العاصفة بسلام. فعندما صرح رئيس الحكومة في إحدى خرجاته الإعلامية بالمعضلة التي يعرفها الصندوق المغربي للتقاعد، اعتبرناه تصريحا شجاعا كشف عن المستور المفهوم غير المنطوق والمسكوت عنه ردحا طويلا من الزمن. لكن حين اطلعنا على قراره في معالجة الإشكالية ، اعترض الرأي العام عن بكرة أبيه عن الحل الذي اختاره والمتمثل في رفع سن التقاعد، التي بحت أصواته في مختلف المنابر ضدا على رفضه البات لقرار كهذا يجهز على القدرة الشرائية للمواطن ، ويضيق عليه الخناق. فهذه الاحتجاجات، ورغم اندلاع شرارات مآلاتها الغير المحمودة، فرئيس حكومتنا لا يزال منتشيا ببنت أفكار قراره. وقد سبق أن نبهنا رئيس الحكومة  بأن حل إشكالية الصندوق المغربي للتقاعد ليس هو الرفع من سن التقاعد ، بل استرجاع الأموال المختلسة عن طريق فتح تحقيق مع جل من توالوا على مسؤوليته لمعرفة مآل الأموال المنهوبة، التي التهمتها التماسيح والعفاريت المعفى عنها من قبل رئيس حكومتنا. قرار مشؤوم كهذا لن يحل المشكلة بل سيعقدها وسيزيد في الطين بلة، فالمجال الاجتماعي في المغرب يعرف هشاشة وسيزيد هشاشة برفع الأسعار وسن التقاعد. قرار سيجعل المغرب يسير بسرعتين قصوتين ، يزداد معها البون الصارخ بين المستفيدين من ثمار المسار التنموي الكبير بالمملكة، وبين من لم تطلهم أية منفعة أو قيمة مضافة همت استقرار حياتهم الاقتصادية والاجتماعية وأمنهم الغذائي، ويؤجج فتيل احتقان جماهيري ذي أبعاد غير مضمونة العواقب. حقيقة نأسف لمثل هذه القرارات ، فالشعب المغربي حينما منحك يا سيد عبد الالاه بنكيران صوته، أرادك أن تكون معه لا عليه، أرادك أن تكون أبا له لا زوج أم . فقراركم هذا يجعلكم حَمَلا وديعا أمام التماسيح والعفاريت ، وأسدا مفترسا أمام المواطن الكادح الذي توسم في مصباحك نورا و خيرا.