أخبارنا المغربية - و م ع
مكنت جهة فاس بولمان، بفضل ما تحقق فيها خلال سنة 2014 من مشاريع ضخمة ورائدة همت العديد من القطاعات خاصة قطاعي البيئة والطيران، أن تعزز مكانتها كوجهة لا محيد عنها لاستقطاب الاستثمارات، وأن تفرض نفسها كإحدى أهم الأقطاب الاقتصادية بالوسط الشمالي للمغرب.
ولا شك أن المشاريع التي تم إنجازها أو التي في طور الإنجاز بجهة فاس Ü بولمان، ستساهم، بشكل كبير، في دعم وتعزيز التجهيزات الأساسية للقطاعات الحيوية ذات القيمة المضافة والتي لها ارتباط مباشر بحياة الساكنة كالتطهير والطيران والسياحة وغيرها.
ويعد مشروع محطة تصفية المياه العادمة لمدينة فاس، الذي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشينه مؤخرا بالجماعة القروية عين بوعلي (إقليم مولاي يعقوب)، أحد المشاريع الرائدة على المستويين الوطني والقاري باعتباره يشكل منظومة متكاملة لحماية البيئية وتحقيق التنمية المستدامة.
ويروم هذا المشروع، الذي يعد الحلقة الأساسية في منظومة التطهير السائل لمدينة فاس، والذي أنجز باستثمار يقدر بمليار و104 مليون درهم ممولة في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، تحسين الظروف المعيشية والصحية لحوالي خمسة ملايين من السكان الذين يعيشون بحوض وادي سبو على مستوى أقاليم مولاي يعقوب وتاونات وسيدي قاسم والقنيطرة علاوة على مدينة فاس والمنطقة ككل.
ويأتي إحداث هذه المحطة الجديدة لمعالجة المياه العادمة بمدينة فاس، التي أقيمت على مساحة إجمالية تقدر ب14 هكتارا، في سياق جهود رد الاعتبار للبيئة بالمنطقة، وتحسين ظروف عيش الساكنة عبر خلق إطار ملائم للعيش، ولتجاوز مجموعة من الاختلالات المرتبطة بتلوث حوض سبو التي تخطى تأثيرها السلبي الجانب البيئي ليمتد إلى الساكنة، علما بأن تلوث واد سبو يخلف سنويا خسائر تعادل مليار درهم.
وسيمكن هذا المشروع إضافة إلى تصفية مجموع المياه العادمة لفاس قبل تصريفها في وادي سبو، ما يساهم في معالجة الإشكاليات المتعلقة بالتدبير المندمج للموارد المائية من الرفع من جودة مياه وادي سبو وتفادي توقف محطتي معالجة المياه الصالحة للشرب بكل من قرية با محمد والمكانسة، مع القضاء على الروائح الكريهة وتقليص انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بالإضافة إلى تحسين الظروف المعيشية والصحية لحوالي خمسة ملايين من السكان يعيشون بسافلة وادي سبو فضلا عن تحقيق التنمية الحضرية والفلاحية لمدينة فاس والمنطقة.
وتعمل المحطة الجديدة لتصفية المياه العادمة بفاس، التي تستجيب للمعايير الدولية، وتستعين بآخر التكنولوجيات المعتمدة في مجال معالجة المياه العادمة، وفق نظام تصفية المياه من صنف "الحمأة المنشطة ذات الحمولة المتوسطة"، وذلك بقدرة معالجة تقدر ب2ر1 مليون معادل نسمة وبصبيب يصل إلى 155 ألف و400 متر مكعب في اليوم.
وتشتمل محطة التصفية التي تم إنجازها من طرف الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بفاس، والتي سيكون لها انعكاس إيجابي من الناحيتين البيئية والاجتماعية على ساكنة مدينة فاس وحوض سبو التي تناهز خمسة ملايين نسمة على مسلكين للمعالجة "الماء والأوحال"، كما تتوفر على مختبر للتحاليل يتيح قياس مختلف المؤشرات المتعلقة بجودة الماء قبل وأثناء وبعد المعالجة إلى جانب شبكة لمعالجة الأوحال مع منهجية ل"التوليد المشترك" تتيح إنتاج 50 في المائة من حاجيات المحطة من الطاقة الكهربائية.
ولتحقيق الاستدامة يصاحب إنجاز هذه المحطة تنفيذ مخطط للقضاء على التلوث الصناعي بمدينة فاس، من خلال القضاء على المواد العضوية والسامة عبر ترحيل الصناعات الملوثة (وحدات استخلاص الزيوت والمدابغ ومصانع النحاس وغيرها) وتجميعها بالمنطقة الصناعية عين النقبي.
وإلى جانب الجهود التي بذلت خلال السنة الحالية من أجل حماية الوسط البيئي والإيكولوجي لمدينة فاس والمنطقة، وتحسين ظروف عيش الساكنة، تميزت هذه السنة بتقدم الأشغال بمشروع رائد آخر يروم تمكين مدينة فاس من منافسة المدن الكبرى المعروفة بتوفرها على تجهيزات أساسية جد مهمة في مجال الطيران.
ويتمثل هذا المشروع، الذي بلغت نسبة الإنجاز به مراحل جد متقدمة، في المحطة الجديدة التي يتم تشييدها بمطار فاس Ü سايس على مساحة إجمالية تقدر ب17 ألف متر مربع وفق آخر المستجدات التقنية والتي من المقرر أن تدخل الخدمة في الأسابيع القادمة.
وستساهم المحطة الجديدة، التي يدخل إنجازها ضمن مشروع ضخم لتوسيع منشآت مطار فاس Ü سايس تقدر تكلفته المالية الإجمالية ب479 مليون درهم، بشكل كبير، في الرفع من طاقة الاستقبال بهذا المطار لتصل إلى 5ر2 مليون مسافر في السنة مقابل 500 ألف مسافر المسجلة حاليا، بالإضافة إلى تفعيل حركية التنمية على مستوى جهة فاس Ü بولمان في مختلف المجالات.
وقد فرضت عملية توسعة المطار وتمكينه من محطة جديدة عدة عوامل لعل أبرزها هو الارتفاع المطرد لعدد المسافرين الذين يمرون عبر هذه المنشأة حيث استقبل مطار فاس Ü سايس سنة 2013 ما مجموعه 790 ألف و785 مسافرا مقابل 654 ألف و691 مسافرا خلال سنة 2012 أي بزيادة بلغت نسبتها 79ر20 في المائة وكذا الدينامية الاقتصادية التي تعرفها الجهة في العديد من القطاعات الاستراتيجية.
وتتضمن مكونات هذا المشروع، الذي يتم تمويله بشراكة بين المكتب الوطني للمطارات والبنك الإفريقي للتنمية، توسيع موقف الطائرات والمسلك الطرقي للربط بين المدرج مع إنجاز موقف جديد للسيارات بسعة 800 سيارة وتجهيز المحطة الجوية الجديدة بكل التجهيزات الضرورية لتشغيلها في أحسن ظروف السلامة والأمن وجودة الخدمات.
وستمكن هذه المنشآت الجديدة من رفع المساحة الإجمالية لمطار فاس Ü سايس إلى 22 ألف و600 متر مربع كما ستساهم في تسهيل وتطوير عملية معالجة حركية النقل الجوي وبالتالي الاستجابة للزيادة المتوقعة في عدد المسافرين عبر هذا المطار مع فتح المجال أمام وكالات جديدة للطيران.
ويأتي إنجاز المحطة الجديدة لمطار فاس Ü سايس وباقي المنشآت والتجهيزات الفنية الأخرى من أجل الاستجابة للنمو الذي تعرفه حركة النقل الجوي للمسافرين، ولمواكبة التطور المهم الذي يشهده القطاع السياحي بالعاصمة الروحية للمملكة وكذا لمصاحبة المشاريع المهيكلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى جهة فاس Ü بولمان.
ويوفر مطار فاس Ü سايس، الذي يقع على بعد 12 كلم جنوب مدينة فاس، خدمات ذات جودة عالية للمسافرين، كما يستجيب للمعايير الدولية في مجال الأمن والسلامة والتي تقرها المنظمة الدولية للطيران المدني وهو ما مكن هذا المطار من الحصول على شهادة (إيزو 9001) لسنة 2008 وشهادة (14001) لسنة 2004.
ومن شأن هذه المشاريع الطموحة سواء في قطاع البيئة والتطهير أو في قطاع الطيران أن تساهم، بشكل كبير، في تحقيق الإشعاع الدولي للعاصمة العلمية للمملكة مع تقوية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجهة.