عبد النبي الصيبي
انخرطت جامعة مولاي سليمان ببنى ملال، على غرار عدد من الجامعات المغربية، في مشروع التعليم الإلكتروني أو التعليم عن البعد، وذلك لما يكتسيه هذا النظام التربوي من أهمية في مسايرة التكنولوجية الحديثة وحل مجموعة من المشاكل التي أصبحت تتخبط فيها الجامعات وفي مقدمتها الخصاص في أطر التعليم والاكتظاظ في عدد من الشعب.
وتراهن جامعة مولاي سليمان على هذا النظام التعليمي عن بعد، من أجل النهوض بمستوى التدريس داخل مؤسساتها، وإعطاء البحث العلمي نفسا جديدا وتمكين الطلبة الباحثين المغاربة من مواكبة والاطلاع على المستجدات والتطور الذي يعرفه هذا المجال على الصعيد الدولي، بالإضافة الى تحسين مردودية التعليم بصفة عامة.
وفي هذا الصدد، تشارك جامعة مولاي سليمان من خلال الكلية المتعددة التخصصات في تجربة دولية رائدة في هذا المجال، بعد توفرها على مختبر بتجهيزات متطورة للتعليم عن بعد الذي يندرج في إطار المشروع الخاص بالإجازة المهنية الدولية لنظام التعليم الالكتروني، الذي يعتمد على المختبرات المتحكم بها عن بعد، في ميدان البصريات والإلكترونيات، الذي انطلق العمل بتدريسه منذ شتنبر 2014 ، والذي سيتيح لعدد من الطلبة الحصول على إجازة مهنية في مجال "البصريات والإلكترونيات للأنظمة المدمجة".
وتتميز هذه التجربة بكون التدريس والتأطير يقام بشكل مشترك بين مجموعة من الجامعات المغاربية والأوروبية، بشكل آني، ويتيح للطلبة الحاصلين على دبلوم الدراسات الجامعية العامة أو ما يعادلها، المسجلين في هذا النظام، إنجاز الأشغال التطبيقية بواسطة هذه المختبرات التي تعتبر تجربة فريدة من نوعها، ليحصل في نهاية الدراسة التي تستغرق مدة سنة واحدة على دبلوم من الجامعة التي ينتمي اليها فضلا عن دبلوم آخر من جامعة ليموج الفرنسية.
ويشارك في هذا المشروع الواعد، الذي استغرقت فترة إعداده سنتين ( ابتداء من 15 أكتوبر 2012)، قبل انطلاقه الفعلي، كل من المغرب (جامعات القاضي عياض بمراكش، وعبد المالك السعدي بتطوان، ومولاي سليمان ببني ملال)، وتونس والجزائر وفرنسا وبلجيكا والبرتغال ورومانيا.
وأوضح الأستاذ الباحث عبد الصمد ملاوي، مدير هذا المشروع بجامعة مولاي سليمان، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، الأهمية التي يكتسيها هذا النظام للتعليم عن بعد، الذي تم من خلاله الشروع بتدريس إجازة مهنية مشتركة بين مجموعة من الجامعات الأوربية والمغاربية في مجال "الإلكترونيات والبصريات للأنظمة المدمجة"، منذ بداية الموسم الدراسي الجامعي الحالي، مشيرا الى أن هذه التجربة تتميز بكون التدريس والتأطير بها يقام بشكل مشترك بين هذه الجامعات بشكل آني، وبكون الأشغال التطبيقية تنجز بواسطة المختبرات المتحكم فيها عن بعد.
وبعد أن أشار الى أن هذا المشروع الذي صادق عليه مجلس الكلية متعددة التخصصات ببني ملال ولجنتها البيداغوجية، تم تقديمه الى جامعة مولاي سليمان من أجل اعتماده، أوضح الأستاذ الباحث عبد الصمد ملاوي أن الطلبة المسجلين من مختلف الدول والبالغ عددهم حاليا 25 طالبا، يدرسون نفس البرامج، حيث يدخل هذا التكوين في إطار مشروع دولي كبير يضم حوالي 15 جامعة مغاربية وأوروبية والذي يحظى بدعم وتمويل من الاتحاد الأوروبي.
واعتبر أنه بالإمكان استعمال التعليم الإلكتروني وخصوصا الطريقة المعتمدة في هذا البرنامج لتشمل تكوينات وتخصصات أخرى، كما أنه يمكن الاستفادة منه وتكييفه مع خصوصية المغرب للمساهمة في حل إشكاليات التعليم كالاكتظاظ الذي تعرفه الكثير من الكليات وخاصة تلك ذات الاستقطاب المفتوح، وكذلك النقص الملحوظ في أطر بعض التخصصات، ويتيح، أيضا، الفرصة للطلبة للولوج عن بعد الى المختبرات التطبيقية باهظة الثمن، المتواجدة بدول وجامعات أخرى.
وأوضح أن هذا النوع من التعليم سيساهم لا محالة في تطوير البحث العلمي، بالإضافة الى تشجيع التعاون المغاربي في هذا المجال ليكون من الوسائل الفعالة في التواصل بين مكونات جامعات هذه الدول من أجل تحسين مردودية المنظومة التربوية والتعليمية.
ولاحظ أن تقنيات هذا المشروع، يمكن أن تعمم ليس فقط في مجال التعليم العالي، بل أيضا استثمارها في ميادين أخرى تهم التكوين المستمر، والتعليم الغير النظامي، والتعليم الخصوصي، وتأهيل العنصر البشري العامل بقطاعات المجتمع المدني وتوعية وتأهيل المرأة بالبيت والأسرة بصفة عامة.
وخلص الى القول أن التعليم الالكتروني في المغرب لا يزال في مراحله الأولى رغم وجود بعض المشاريع المطروحة سواء من طرف بعض الوزارات كوزارة المالية التي عمدت الى إدماج خدمة التعليم الالكتروني عن بعد في هياكلها التنظيمية، أو وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني التي عملت على إنشاء نظام التلفزيون التفاعلي، والمشروع المستقبلي "المدرسة الذكية" كأول تجربة في المغرب ستعتمد على التكنولوجيات الحديثة في عملية التلقين التربوي للتلميذ من خلال "المحفظة الرقمية".
من جهتهم، ثمن بعض طلبة جامعة مولاي سليمان هذا التكوين الذي يخول الحصول على شهادتين للإجازة الأولى ممنوحة من قبل الجامعة المغربية المنتمي اليها الطالب والثانية من الجامعة الفرنسية ليموج فضلا عن كونه يتيح للمستفيدين الفرصة للولوج السلس الى سوق الشغل، معربين في الوقت ذاته عن أسفهم لعدم استفادة طلبة هذه الجامعة خلال الموسم الجامعي الحالي من هذا التكوين بالرغم من توفر الكلية المتعددة التخصصات ببني ملال على مختبر وأستاذين اثنين منخرطين في هذا المشروع.
وأكدوا على ضرورة الاسراع باعتماد هذه الإجازة المهنية من قبل هذه الجامعة على غرار نظيرتيها القاضي عياض وعبد المالك السعدي حتى يتمكن الطلبة بجهة تادلة أزيلال ابتداء من السنة الدراسية المقبلة من الاستفادة من هذا التكوين الذي يشرف عليه مجموعة من الأساتذة المغاربيين والأوربيين، ويؤهلهم لتعزيز قدراتهم العلمية في مجال الالكترونيات والبصريات للأنظمة المدمجة.