د. محمد نجيب بوليف
لعل من أقدار الله تعالى أن تحدث أحداث وتقع وقائع لكي نتدبر ونعتبر...ونحاول أن نصلح شأننا وذواتنا، ونقيم اعوجاجنا، ونقدم أفضل ما عندنا...نأمل ذلك من الجميع، فالإصلاح قضية وطن، قبل أن تكون قضية شخصية، فردية...
ولنعد بكم إلى موضوع سابق، لنتمه على عجل، في جزئه الخامس، آملين أن لا نضطر للعودة لمضامينه مرة أخرى...
"حول ديمقراطية إشتراكيي الاتحاد الاشتراكي الحالي"
الجزء الخامس
ماذا عن قول بعض أبناء "الاتحاد الإشتراكي الحالي" بفشل "المشروع " الإسلامي وانهيار "البديل" الإسلامي؟؟ننطلق من الفكرة الخامسة لمقال المساوي بجريدة "الاتحاد الاشتراكي".
5/فكرة خامسة : المؤكد أن حكم الإسلاميين من خلال التجارب الثلاثة (يقصد تونس و مصر والمغرب) قد فشل في تحقيق "النهضة" الموعودة وفي توحيد المجتمع وفي تنزيل الوعود الانتخابية إلى أرض الواقع..."...
هل يقول قائل عاقل بأن سنة أو سنتين أو ثلاث في الحكومة كافية للحكم على تجربة؟ كيفما كانت ...وخاصة إذا كانت أول مشاركة لها، بأنها فاشلة...فكم أمضى إخواننا الإشتراكيون "الحــاليون" في الحـــكومة؟ وهل نجحوا في تحقيق "النهضة" الموعودة؟ وهل نجحوا في توحيد المجتمع؟ وهل نجحوا في تنزيل الوعود الانتخابية على أرض الواقع؟؟؟ خلال السنوات الكثيرة التي أمضوها في الحكومات المتعاقبة...ومادام الكاتب يتحدث عن دول عربية أخرى ...أين هي بقايا الاشتراكيين في مصر؟ وليبيا؟وتونس؟واليمن؟وغيرها من الدول التي أمضوا فيها أزمنة وعقودا؟؟؟ هل وصلوا لأحداث "النهضة"الموعودة...لكن الحقد الدفين جعل الكاتب يُسقط على المغرب تجربة الدول الأخرى دون أن يتوفر على ما يٌسْعِفُه في ذلك حيث يقول : "وفي المغرب تصدع التحالف الحكومي.... ...سخط الشارع"...ألا يعلم صاحبنا وهو يكتب مقاله في آخر مارس 2015 أن ليس هناك تصدعا حكوميا ...وإنما التصدع المفتعل تم تجاوزه بحكمة من طرف من هم في التدبير جميعا...وعن أي سخط الشارع يتحدث المسكين؟؟؟ أين هي الآلاف من المحتجين التي كانت تجوب الشارع وأمام البرلمان في عهدهم ؟؟؟
بل إن صاحبنا ، يتكلم في آخر "تحليله"عن فكرة سادسة هي:
6/انهيار "البديل"الاسلامي: حيث يربطه بطبيعة تصور الاسلاميين للديمقراطية" التي اختزلوها خلال ممارستهم للحكم كمعادل وحيد لصناديق الاقتراع".."ولأن هؤلاء (يقصد المعارضة) في نظر بنكيران يعاكسون إرادة الله"...بل يذهب به القول ب "أن الإسلاميين بشكل عام لا يؤمنون بفكرة الوطن"...ويجهل صاحبنا أن الاسلام الذي يقتبس منه هؤلاء مبادئهم يعــتبر أن الذي يمـوت دفاعا عن وطنه فهو شـهيد، مصداقا لقـول الرســول ص : "ومن مات دون أرضه فهو شهيد"...نعم الدفاع عن الوطن يمثل هذه القدسية بالنسبة لهذه المدرسة الفريدة في الاسلام السياسي...ثم ينطلق الكاتب في بسط جهله بواقع المغرب متحدثا عن "ذريعة الشرعية التي يناضل الإسلاميون المغاربة من أجل استعادتها...يقول :" قامت الحكومة الحالية بإصدار قانون تنظيمي واحد ألا وهو قانون التعيين في المناصب السامية لتتمكن من زرع أوتادها في الإدارة..." ...وهذا كذب واضح لأن القوانين التنظيمية الصادرة عن هذه الحكومة كثيرة وليس قانونا واحدا، ثم إن الكل يعلم ما هو عدد المنتمين للعدالة والتنمية في التعيينات السامية خلال السنوات الثلاث الأخيرة...وأظنه يمثل نسبة ضئيلة جِدّا جِدّا جِدّا قياسا لعدد الاشتراكيين في المناصب السامية ...وما كانت أبدا المناصب هي الهدف !!!
صاحبنا كادت تزهق روحه في آخر ملفه الذي يتحدث فيه عن انهيار "البديل" الإسلامي، حيث يقول : "وهم ماضون في التجني على الديمقراطية فكرا وسلوكا فقط لأنهم مدمجون بسلاح "الشرعية".
آه ...على خلاصتك هذه !!
تَصَوَّرتُ أن المجتمع المغربي كله لحي وكله حجاب، وكله أماكن للصلاة، من يسرق تقطع يده ، ومن يسكر يجلد، ومن ...ومن ...
تَصَورتُ أين يوجد هذا لكي أقتنع بخلاصتك التي قلت فيها أن الإسلاميين قتلوا التعدد السياسي والفكري المجتمعي...
ولكن لما نظرتُ - ونظر المغاربة من حولهم - فوجدوا أن كل تيار يشتغل وفق معتقداته وأفكاره ومبادئه، وأن الحرية الكاملة متوفرة للجميع – دون استثناء- في إطار المقدسات المتعارف عليها مجتمعيا...عَلمتُ أن الكاتب المسكين يحمل حقدا دفينا على مشروع "الإسلاميين" وانه لا يمتلك لا الأدوات العلمية ولا الفنية ولا التحليل السياسي النزيه لكي يُعطي رأيا ، يقنع به القارئ...
فلا بأس ، هذه آخر صيحات أبناء "الاتحاد الاشتراكي الحالي"...ولعل مقالا آخر للأستاذ يونس مجاهد – مرة أخرى - في عموده "بالفصيح" لعدد 31 مارس "برغماتية أم انتهازية العدالة والتنمية "...هو ما تبقى في جعبتهم للدفاع عن "مشروعهم " ...
فسلام عليكم ...وطبتم حاقدين ...ولن ينطفئ نور المصباح بغيض البعض...وإنما هو نور أتى ليضئ لسنوات بحول الله تعالى.