عبد السلام أقصو
خص الله تعالى رمضان بنزول الوحي والقرآن، وخصه كذلك بليلة مباركة، والتي قال عنها المولى عز وجل في سورة القدر الآية (2) ۩ ليلة القدر خير من ألف شهر ۩ ، ومن هنا جاء الصيام كفرض وركن من أركان الإسلام ، لتطهير النفوس من العلل و الآثام ، و كعبادة تقرب العبد من مولاه عز و جل ، ولعظمة هذه الفريضة ، قال فيها الرسول الأكرم صلوات الله و سلامه عليه ،« للصائم فرحتان ، فرحة عند إفطاره و فرحة عند لقاء ربه» ، وفي مشروعية الصيام في هذا الشهر الفضيل ، أيضا قال عز وجل في سورة البقرة الآية (183-181)، ۩ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون . أياما معدودات، فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وعلى الذين لا يطيقونه فدية من طعام مساكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له، وأن تصوما خير لكم إن كنتم تعلمون.
إن رسول الله ، الرحمة المهداة من رب العالمين ، خص الصيام و رمضان في أحاديث كثير، نذكر منها قوله عليه الصلاة والسلام ، « الصلوات الخمس والجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن إن اجتنبت الكبائر » حديث رواه مسلم .
ومن فضائل هذا الشهر أنه شهر البركة والرزق، وجب على المسلم فيه المسارعة إلى الطاعات و اجتناب المعاصي و السعي فيما يرضي الله ، و أن يستن بسنن الحبيب المصطفى الذي قال في حديثه الذي رواه الترمذي وهو صحيح « من فطّر صائما فله أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء». هي إذن كرامات رمضان و الصيام بشكل عام، اختصرنا فضائله من الكتاب و السنة النبوية العطرة، قد يستشعر حلاوتها المؤمن الصادق مع ربه .
وقد ظهرت في السنوات الأخير الماضية حركة ممن يسمون أنفسهم دعاة التحرر ، والداعين إلى فصل الدين الإسلامي عن الحياة العامة ، عن طريق حذف الفصل 222 من القانون الجنائي الذي ينص صراحة على ما يلي « كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي ، وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي ، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من إثني عشر إلى مائة وعشرين درهما» ، دعوات من خلال حملات في مواقع التواصل الاجتماعي بإدراج صور لتصرفات شاذة و مستفزة ، لمعتقدات المغاربة ، الذين أجمعوا على الدين الإسلامي دين الدولة ، كما هو الشأن لبعض الصور التي تناقلتها مواقع التواصل عن إفطار قبالة صومعة حسان بالرباط ، ربما يكون الدافع الرغبة في الشهرة ما دام المرء يشهر إفطاره ، ويطالب بالإفطار العلني في الأماكن العمومية .
ما صايمينش برخصة شرعية مغتاظون، من الحركة سالفة الذكر ، لعدم استثمارها لهذه النعمة العظيمة التي حباهم بها الله تعالى «نعمة الصحة والبدن»، والطاقة والقدرة على تحمل مشاق الصيام ، والاستفادة من شهر رمضان كشهر نقاهة للجسم من السموم و الأمراض ، حسب ما أوردته الدراسة التي نشرتها مجلة «frame actuelle» الفرنسية أجرها فريق من الباحثين الفرنسيين والأمريكيين والبريطانيين و اليابانيين ، حول استخدام الصيام كوسيلة من الوسائل العلاجية ، خصوصا في شقها المتعلق بالأمراض الأوعية الدموية و الأمراض التي تصيب المخ (...) ، والتي أثبتت أن الصيام يخفض من السعرات الحرارية ، الأمر الذي يساهم في تنشيط الأعصاب، كما يساعد الصيام حسب ذات المجلة ، في التخفيض من آلام العظام و المفاصل ، و من خطر الإصابة بأمراض السكري بنسبة 40 بالمائة ، ومن خطر الكولسترول، بالإضافة إلى الوقاية من أمراض السرطان ، كما يعطي للكلي الوقت الكافي للتخلص من سموم الجسم كما يعمل أيضا على تنقية المسالك البولية ، وتجديد الخلايا الكلوية ، ويوفر راحة ظرفية للجهاز الهضمي (...) .
ما صايمينش المغتاظون شاءت الأقدار على منعهم من الصيام لأعذار شرعية وبرخص طبية، خصوصا المصابين بأمراض السكري ، و أمراض القلب و الشرايين والضغط الدموي ، وأمراض القصور الكلوي المتابعين للعلاج ، و القصور الكلوي المزمن (...) واللائحة طويلة، كلها موانع شرعية للصيام، مصداقا لقوله تعالى « وعلى الذين لا يطيقونه فدية من طعام مساكين» سورة البقرة الآية 182، إلا أن نفسية الإنسان المسلم و المؤمن بربه ، تبقى مشوشة خصوصا عند دخول الأيام الأولى من شهر رمضان ، و المعروف عنها إمساك الصائم عن الأكل و الشرب ، إلى غروب الشمس ، حيث يكون الكل صائما ، وللأسف نائما لاقتران رمضان بالعطلة، ورغم الرخصة الشرعية ، يجد المريض صعوبة و خجلا عميقا في نفسه ، للإفطار في نهار رمضان ، نظرا للأخلاقية و الروح الإيمانية التي يتحلى بها الإنسان المسلم، في التعاطي مع حدود الله ، وما يزيد من خجله ، نظرات و تواجد بعض أفراد الأسرة الذين يطالهم العجب من رؤية إنسان راشد يفطر في نهار رمضان .
إشكالية الصوم والإفطار في رمضان ، إيمان و قناعة شخصية ، بين الإنسان و بين خالقه ، فالصيام ليس فقط الإمساك عن الطعام و الشراب ، بل إعمال العقل و البصيرة ، و منع اللسان عن الكلام الفاحش، والتحدث عن أعراض الناس ، « والترمضين على عباد الله» ، والسب و القذف ، حتى تكون مهدا لإعمالها في كل الشهور ، وليس فقط في شهر رمضان .
وكلنا أمل أن يدخل هذا الشهر الكريم ، علينا و عليكم بموفور الهداية والغفران و الزرق ، و أن يرزق «لي ما صايمينش برخصة» الصحة و العافية والشفاء من كل داء ، حتى ينعموا كباقي المسلمين بالاستمتاع بأجواء الروحانية والأيام الإيمانية لشهر رمضان، وكل رمضان و أنتم بألف خير .
الرهوني بريس
صايمين ان شاء الله و تقبل الله صيام جميع المسلمين ...والهداية للاخرين.