المعارض الجزائري وليد كبير يفضح نظام الكابرانات ويكشف أدلة تورطه في اختطاف عشرات الأسر بمخيمات تندوف

الحقوقي مصطفى الراجي يكشف آخر التطورات في قضية المدون الذي دعا إلى "بيع" وجدة للجزائر

أراضي عمرها أزيد من 300 سنة..ساكنة دوار المهارش بجرادة يطالبون بتحفيظ أراضيهم

بداية نهاية أمانديس.. انتخاب البامي منير ليموري رئيساً لمجموعة التوزيع بجهة الشمال

محامي الضحايا يكشف آخر مستجدات قضية ولد الشينوية

المحكمة تؤجل قضية ولد الشينوية وحقوقي يفجرها: تعرى على البوليس في الكوميسارية ومتعتاقلش

تأملات حول نظام الخلافة في الإسلام

تأملات حول نظام الخلافة  في الإسلام

بدر الدين الخمالي

 

 

يعتقد كثير من العلمانيين المتحاملين على مفهوم الخلافة بأنها مجرد نظام سياسي محض افرزه التاريخ السياسي في مرحلة معينة وانتهى العمل به و أن المسلمون غير معنيين به ولا بتطبيقه في زمانهم الحالي لأنه ليس من أمور الدين و أولوياته وانه يحق لهم اختيار أي نظام سياسي آخر غيره بل وجب عليهم من هذا المنطلق اختيار النظام الليبرالي باعتباره أرقي ما وصل إليه العقل الأوروبي ( الإنساني) المركزي الذي يقوم على الديمقراطية و فصل الدين عن الدولة و التعددية السياسية و الاجتماعية وبالتالي ضرورة اندماج المسلمين في المنظومة الليبرالية الرأسمالية الدولية التي تتحكم فيها اللوبيات الصهيونية على المستوى المالي و الاقتصادي و تتحكم فيها الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها على المستوى العسكري و التكنولوجي و الإيديولوجي والتخلي عن التعلق بأمل تطبيق نظام الخلافة و مرجعيته الدينية الإسلامية

ويعود هذا الخلل الفكري و التحليلي و الأخلاقي عند هؤلاء إلى عدم استيعابهم المريع لمعانيها الكلية التي جاءت في السنن القرآنية تفصيلا لمضامين السنن الإلهية الكونية في الخلق .

لذلك وجب الرد على هذا الطرح الذي أصبح يتبناه الكثير من الباحثين في العلوم السياسية من ذوي التوجهات العلمانية بالإضافة إلى عدد من منظري جماعات الإسلام السياسي و دعاة الوسطية والاعتدال التي خرج بعض رؤوسها في الآونة الأخيرة بمقالات يتبرؤون فيها من مفهوم الخلافة و يشككون في الأحاديث النبوية المتعلقة بها مثلما ذهب احمد الريسوني نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المرتبط بفكر جماعة الإخوان المسلمين حيث اعتبر في إحدى مقالاته الأخيرة أن  (... و الشرع الذي فرض علينا ما تقدم ذكره -وغيره- من الأحكام والمبادئ والمقاصد، لم يفرض علينا أبدا أن نقيم شيئا نسميه الخلافة، أو الخلافة الإسلامية، أو دولة الخلافة، ولا فرض علينا أن نقيم شكلا معينا ولا نمطا محددا لهذه الخلافة أو لهذه الدولة، ولا أمرنا -ولو بجملة واحدة- أن نسمي الحاكم خليفة، وأن نسمي نظام حكمنا خلافة...)

بعدما كانوا هم أصحاب الأدبيات الأكثر تأصيلا لمفهوم الخلافة و تطبيقاتها السياسية بل وجعلوا منها أساسا لقيام جماعاتهم و حركاتهم قبل أن يتخلوا عنها ويتبنوا منهج التدريج الذي يرتكز على المشاركة السياسية في المنظومات القائمة و تأسيس الأحزاب  و التحالف مع القوى العلمانية ( الليبرالية واليسارية )

فوجب بيان الأمور التالية

أولا - الخلافة ليست نظاما سياسيا بل الخلافة هي (نظام تطبيق الإسلام ) في جميع مستوياته باعتبار أن الإسلام دين جماعي وليس دين أفراد يمارسون شعائر دينية في خلوات وقفار 

فلا يمكن أن يمارس الإسلام الكامل إلا في إطار الجماعة المنظمة ( الأمة ) بحيث يحكم سلوكها وممارستها و توجهاتها العامة والفردية و منظومتها الأخلاقية و الاجتماعية و التشريعية .

و الجماعة المنظمة لا تقوم لها قائمة في العالم بين الأمم إلا بوجود الدولة المتمكنة من وسائل القوة و السلطة و لا تقوم الدولة القوية إلا بوجود هياكل تنظيمية ومرافق عامة يترأسها الخليفة عام تختاره الأمة وتبايعه و تسند أمر تدبير شؤونها العامة إليه فيتولى تدبير الدولة و يعهد بمهامها والمسؤوليات فيها لأهل المسؤولية من المتمكنين من الصنائع و العلوم والمعارف و الخبرات مع الديانة والالتزام و حسن السلوك .

وكونها ليست نظاما سياسيا يخضع للعبة السياسة و تجاذباتها و صراعاتها يعني أنها تنبني على العقيدة الإسلامية و تتأسس عليها و تستمر باستمرار المحافظة عليها وأي انحراف عن العقيدة الصافية يؤدي إلى انحراف مساراتها كما أن الخليفة لا يختار إلا على هذا الأساس بان يكون صاحب عقيدة وعلم بالدين و الدنيا و صاحب حنكة و تخطيط و تدبير  وعقل و رجولة و نسب فيعهد إليه بالأمانة على القيام بالشورى في أمور الدنيا مع الأمة على الخيار و على الرجوع إلى أهل العلم في أمور الدين على وجه الإلزام فلا يتخذ أمرا إلا إذا وافق القران والسنة وان يقيم العدل و يعهد إلى العلماء و العدول بالقيام بالقضاء و جمع الزكاة و الصدقات و جباية الخراج و الجزية و إنفاقها في وجوهها العامة لإصلاح أحوال المسلمين و إعالة فقرائهم وضعفائهم وتجهيز الجيوش و إعداد النشء  

ذلك لان المنهل العقدي هو محدد صحتها فهي خلافة لحفظ الدين و لسياسة الدنيا بالدين 

لذلك فان الخلافة لا تنبني على العصبيات ولا على النوازع الشخصية ولا على الطموحات الفئوية ولا على المصالح الاقتصادية ولا على التوافقات الاجتماعية ولا على الإملاءات الدولية ولا على الأهواء والملذات و الرغبات ولا على القهر و الإكراه الاثني و العنصري أو القومي أو العصبيات الطائفية والمذهبية و القبلية .

إنها خلافة هدفها إعلاء كلمة الله تتخذ من الجهاد سبيلا و من تطبيق كتاب الله وسنة رسول الله منهجا على جميع الناس برهم و فاجرهم فتعلي كلمة الله و تعز المسلمين و تنقذ الإنسانية من شر الطاغوت.

ثانيا - الخلافة على منهاج النبوة ليست وليدة مرحلة الراشدين ولا ابتداع جديد من قبلهم ...فهي ليست رهينة بالتاريخ و ظروفه الوقتية ولا بالمسميات ولا بالتداعيات الاجتماعي والصراعات التي حدثت إبان حكم الراشدين وزمانهم إنما كان الراشدون مجتهدون في التطبيق يتحرون تنزيلها على أفضل صورة فأصابوا رضي الله عنهم واخطئوا مثل جميع البشر واجتهدوا ما استطاعوا ثم أراد الله ان تسير الأمور كما سارت وله في ذلك حكمة لا يعلمها إلا هو...

فالخلافة على منهج النبوة هي الخلافة العامة في أصلها القرآني إنها الأمانة الأصلية التي حملها الإنسان قال تعالى ( إني جاعل في الأرض خليفة ) و قوله تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ) وقوله عز وجل ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)

فهي ليست خلافة عن الله ولا الخليفة هو خليفة الله ولا هو ظل الله في الأرض ولا كل تلك الاصطلاحات العوجاء التي اخترعها المنظرون السياسيون لاستبداد السلاطين في القرون الوسطى والتي اقتبس كثير منها من القاموس الكنسي الأوربي  المشرعن للاستبداد و للحكم المطلق لقياصرة الرومان ولملوك أوروبا الإقطاعيين.

 بل هي خلافة المؤمنين الصادقين للأنبياء في تطبيق الدين و تدبير الأرض بما جاء في كتاب رب العالمين قال تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين)

ثالثا - أن الخلافة بهذه الصفات يقوم بها المؤمنون الصادقون فهي إقامة الدين و إعلاء كلمة التوحيد و يواجهون في سبيل ذلك طواغيت الأرض و أشرارها ممن حكمتهم الأهواء و العصبيات العرقية و الفئوية و المصالح و المتع و الديانات الوهمية و الايدولوجيات و الانحرافات غرتهم قوتهم و إعدادهم و أموالهم فعلوا في الأرض فسادا و انتهاكا و إفسادا

فتحاربهم وتنتصر عليهم و تخرجهم من الظلمات إلى النور و تخرجهم من الجهالة و حكم الطاغوت إلى حكم بكتاب الله و شريعة رب العالمين على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم  .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات