موضوع
فتاوى أهل العلم لشرح لماذا لحم الإبل ينقض الوضوء
ما ورد عن الشيخ ابن عثيمين: المراد من هذا الموضوع هو طاعة الرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال توضأوا من لحوم الإبل وسئل سائل الرسول صلى الله عليه وسلم، أتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت قال أتوضأ من لحوم الإبل قال نعم فكونه جعل الوضوء من لحم الغنم عائداً إلى مشيئة الإنسان أمّا في لحم الإبل فقال نعم دليل على أنّه لا بدّ من الوضوء من لحم الإبل وأنه لا يرجع لاختيار الإنسان ومشيئته وإذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء فإنه حكمة ويكفي المؤمن أن يكون أمراً لله ورسوله قال الله تعالى (وما كان لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنةٍ إِذا قضى اللّهُ ورسُولُهُ أمْراً أنْ يكُون لهُمُ الْخِيرةُ مِنْ أمْرِهِمْ)، ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن المرأة الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة فجعلت الحكمة هي الأمر فإذا أمر الله ورسوله بشيء فالحكمة في فعله على أن بعض أهل العلم أبدى حكمة في ذلك وهي أن لحوم الإبل فيها شيء من إثارة الأعصاب والوضوء يهدئ الأعصاب ويبردها ولهذا أمر الرجل إذا غضب أن يتوضأ والأطباء المعاصرون ينهون الرجل العصبي عن كثرة الأكل من لحم الإبل فإن صحت هذه الحكمة فذاك وإن لم تصح فإن الحكمة الأولى هي الحكمة وهي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتعبد لله تعالى بتنفيذ أمر نبيه صلى الله عليه.
أكل لحم الإبل لا ينقض الوضوء؛ وهو قول جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية، قال الإمام النووي رحمه الله: "لا ينتقض الوضوء بشيء من المأكولات سواء ما مسته النار وغيره، غير لحم الجزور، قولان: الجديد المشهور لا ينتقض، وهو الصحيح عند الأصحاب، والقديم أنه ينتقض، وهو ضعيف عند الأصحاب" انتهى "المجموع " (2/69) والدليل على ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سأله رجل عن الوضوء مما مست النار؟ فقال: لا، قد كنا زمان النبي صلى الله عليه وسلم لا نجد مثل ذلك من الطعام إلا قليلاً، فإذا نحن وجدناه لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، ثم نصلي ولا نتوضأ.. (البخاري /5141)وفي صحيح مسلم (رقم/354) تحت باب نسخ الوضوء ممّا مسّت النار: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: (أكل عرقا أو لحما ثم صلى ولم يتوضأ ولم يمس ماء) (مسلم /354)وأما حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه الذي قال فيه: ( كُنْتُ جالِساً عِنْد النبي صلى الله عليه وسلم فسألُوهُ أنتوضّأُ مِنْ لُحُومِ الْغنمِ؟ فقال: إِنْ شِئْتُمْ فتوضّئُوا وإِنْ شِئْتُمْ لا توضّئُوا.. فقالُوا: يا رسُول اللّهِ! أنتوضّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قال: نعمْ توضّئُوا) رواه مسلم.. فأجاب العلماء عليه بجوابين: أحدهما: أنه منسوخ بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: ( كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار ) رواه أبو داود.. والثاني: تفسير الوضوء الوارد في الحديث على غسل اليد والمضمضة، وقد خصت الإبل بذلك - أي غسل اليدين والمضمضة - لزيادة دسم لحمها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت الرجل وفي يده أو فمه دسم خوفاً من عقرب ونحوها.. كما في سنن أبي داود.. ولكن يستحب الوضوء لمن أكل لحم الجمل احتياطاً، وخروجاً من خلاف من أوجبه كما في المذهب القديم للشافعي، والمعتمد عند الحنإبلة.. والله تعالى أعلم.