مولاي مروان العلوي
"صوّت" كلمة من ثلاث حروف بعثها ملكنا العزيز محمد السادس في خطابه الذي ألقاه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، هي كلمة أرسلها الملك لمتلق خاص ومعروف، إنه المواطن. هي كلمة، إذا أردننا تحليلها، نجدها جاءت فعلا في صيغة أمر، لكن إذا ما تتبعنا تنامي الخطاب، نلفيها فعلا يحمل دلالة التماس، التماس لمواطن يحمل سلطة تتجلى في سلطة اختيار من سيضمن الثورة الحقيقة التي تحمل التغيير وتعد بمستقبل أفضل للبلاد.
هذه الكلمة لم تجئ منفردة، بل سبقتها وتلتها موجهات كثيرة تضيف دلالات وتتضمن إيحاءات. فإذا كان الملك قد ابتدأ خطابه بلفظتي "التضحية" و"الوطنية الصادقة"، فلأنهما الخاصيتين اللتين يعول عليهما في المواطن المغربي وهما ما سيضمنان انخراطه في العملية الانتخابية، وإذا كان قد أردفهما بلفظة "الجهوية الموسعة"، فلأنها سياسة المغرب المستقبلية التي ستضمن توحيد المغرب وضمان وحدته واستقراره، وإذا كان قد ركز على أن لكل مرحلة رجالها ونساءها فلأنه حان الأوان لنغير الوجوه التي ألفناها وحفظناها وترسخت في أذهاننا طيلة عقود من الزمن، ولم تعد صالحة "للثورة" الجديدة والمرحلة المقبلة التي اعتبرها ملكنا العزيز نقطة حاسمة في مستقبل المغرب.
"صوّت" كلمة موجهة للمواطن البسيط خاصة، لأنه يمثل الغالبية في الكتلة المنتخبة، ويشكل لقمة يسيل لعاب المرشحين عليها، ويتهافتون على استدراجها بشتى الطرق، مادية كانت أو معنوية، فيقيمون الولائم للجائعين، ويغرون بالدريهمات الفقراء المساكين، ويؤثرون بالشعارات على من يعتبرون أنفسهم مثقفين. لهذا حذر ملكنا العزيز من اتباع الأصوات "المجعوقة" ونبهنا من الجري وراء دريهمات معدودة، فسعى إلى تعريفنا بمسؤولية كل جهة وما يخوله الدستور والقانون للمجالس المنتخبة.
لكن، هل هذا كاف لضمان التغيير؟ هل هذا كاف لدفع المواطن إلى التصويت؟ كيف سيصوت المواطن وهو لا يملك صلاحية المحاسبة، وهو لا يتقن أفانين اللعبة الانتخابية! كيف نعد المواطن بالتغيير وهو يرى المختلس في حالة سراح، بل ويعيش في جهة حولها المنتخَب إلى ملكية خاصة يفوت الأراضي لمن أراد ويترك الفقراء يبيتون في العراء، يحلل ويحرم كيفما شاء كأنه ورثها عن أبيه..
كيف سنتحمل هذه المسؤولية الجسيمة في اختيار من سيمثل قاطرة الإصلاح؟ مختلس في حالة سراح، وآخر يستمتع بركوب سيارات آخر موديل على حساب أموال الشعب. كيف سنختار في لائحة وكيلها فاسد وتابعوه تابعوه؟ كيف سنطمئّن ولم يحرك أحد ساكنا بعد تسريب مكالمة أوزين وزير الشبيبة والرياضة السابق مع أحد ذويه وهما يطبخان الأكلة الانتخابية ويستهبلون المغاربة؟ بل ظل ثابتا في مكانه يواجه المغاربة كأن شيئا لم يكن.
هل سنصوت على أباطرة هم وزراء وبرلمانيون ورؤساء جماعات في الآن نفسه؟ هل سنصوت على هؤلاء الذين متى ولجوا المناصب "تيقلبوا وجوههم" كأن المواطن لديهم لعبة صينية تنتهي صلاحيتها بمجرد انتهاء الحملة الانتخابية؟ هل نملك حقيقة إمكانية اتخاذ القرار؟ هل نملك فعلا آلية للمحاسبة؟ كيف سيحمي الفقير نفسه أمام التماسيح والعفاريت؟ بل كيف سيحمي وطنه من مستغلي ثرواثه وناهبيها؟
اعذرنا ملكنا العزيز، فنحن لا نثق إلا بك، لا نثق برئيس حكومة مجعوق، ولا بمعارض منافق، ولا ببغاوات يعيدون الخطاب نفسه كل خمس سنوات.
خالد
كيف كيف
نفس المشهد نعاينه كل خمس سنوات..وعود فارغة.. كذب بالجملة.. يعتقدون أن المغربي شخص غبي سيضحكون عليه بشعارات فارغة و زرقة آنية...