عبد المغيث مرون
من الحين للآخر تظهر بعض الاشكالات على مستوى التسيير والتدبير، فينتفض المواطنون ضدها، وحينما يتوجهون إلى من منحوهم الثقة لتمثيلهم والتحدث بأسمائهم والدفاع عن مصالحهم يتفاجؤون بأن المنتخبون لا يملكون للمواطنين نفعا، بل يتأمرون مع جهات يخشون التصريح بها، أوالاعتراف للمواطنيين بحقيقة الأمر وفضح المستور، فسرعان ما ينكشف أمرهم وتذهب هيبتهم ويصيرون أضحكة أمام المغاربة أجمعين.
بعد التطبيل والتزمير والتشدق بالعهد الجديد والدستور الفريد، تفاءل الشعب خيرا واستبشر حسنى، فدعم خيار الديمقراطية على أساس أن من يقترح هو الشعب، ومن ينفذ هو المنتخب لأنه من الشعب وإليه، فتتوالى الأحداث وتتبخر الأماني ويسقط القناع.
يعيش الشارع الطنجي هذه الأيام على وقع احتجاجي لقي اجماعا والتفافتة من الجميع، ليس بطنجة فحسب، بل المغاربة قاطبة داخل وخارج الوطن عبروا عن تضامنهم لهذا الشكل الاحتجاجي السلمي ضد الاستعمار الفرنسي الاقتصادي في شخص غول يطلق عليه اسم " أمانديس ".
انطلقت شرارة الاحتجاج بمنطقة بئر الشفا الصامدة، التي رفضت الظلم والحكرة والابتزاز، فلم يثنيها عن عزمها سياسة المراوغة والتهكم بدعوى أنكم تشوشون على جلالة الملك، ولم تلتفت للمشوشين والمغرضين، فأرغمت المسؤولين على الحوار، ولم ترضخ للحلول الترقيعية التي اعتاد المسؤولون عن اسكات بها الأصوات الحرة المطالبة للكرامة والعدالة الاجتماعية، فأعطت الدرس للشارع الطنجي بأن الحق ينتزع ولا يعطى، وما ضاع حق من ورائه طالب.
لتهدئة الأوضاع صارت الاشاعة التي اعتبرت كمسكن للاحتجاج حتى لا يندلع، ومن هذه الاشاعات، أن الملك سيقف على هذا الملف شخصيا، وبعد ذلك قيل أن الوالي سيشرف على الملف شخصيا، وبعدها أن وزير الداخلية سيلتحق إلى مدينة طنجة لحل وتسوية الملف كذلك شخصيا.
ولما اقتنع الطنجيين جميعا، بأن الحل لتسوية الأوضاع هو طرد أمانديس من طنجة، وبدأ الأمر يأخد مسار الجد، وذلك بإطفاء الأضواء يوم السبت 17 أكتوبر 2015 من الساعة الثامنة مساء الى التاسعة ليلا، فكانت المفاجأة التي لم يتخيلها جميع المسؤولين سلطة ومنتخبين.
بل تصاعدت وثيرة الاحتجاج، وأبدع المحتجون عن طريق تنظيم مسيرات بالشموع ووقفات منددة ومستنكرة للغلاء الفاحش الذي طالهم بدون وجه حق، بل يفكرون ولايزالون في أساليب احتجاجية يكون له ثأثير ووقع كبير على شركة أمانديس الانتهازية.
أما المنتخبون المعول عليهم للأسف، يقفون وقفة صامتة، ويتربصون ببعضهم البعض، ليدخل رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة على الخط، ويضرب في خطوات رئيس المجلس الجماعي لطنجة، وتتحول المعركة إلى صراعات سياسية بعيدة عن هموم المواطنين وحاجياتهم ومتطلباتهم، وتظهر في الأخيرة السلطة هي المصلحة وهي الخلاص.