أخبارنا المغربية - و م ع
صدر، حديثا عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، مدون للفنان محمد العثماني، أستاذ مادة التربية الموسيقية، تحت عنوان "نوبة الاستهلال .. أنغام وأعلام"، وفق رواية والده المرحوم عبد الرحيم العثماني، وذلك ضمن مشروع تدوين تراث الموسيقى الأندلسية المغربية.
وتجدر الإشارة إلى أنه من المبادرات الطيبة التي عرفها مجال البحث والتوثيق الموسيقيين في المغرب، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، قيام بعض المهتمين والباحثين في أصول الموسيقى الأندلسية المغربية (طرب الآلة) بتدوين نوبات هذا التراث الأصيل، حفظا وصونا له في السطور، بعد أن حفظته الصدور لعدة قرون، حيث تجلت هذه الأعمال في كثير من المدونات التي اهتمت بتوثيق صنائع ومستعملات والأدوار اللحنية لهذه الموسيقى العريقة.
وتتجلى أهمية عملية تدوين الموروث الموسيقي الأندلسي حسب المعايير العلمية والعالمية في كونها وسيلة من أكبر الوسائل التي تكفل بقاءها واستمرارها وأصالتها، وتجعلها في مأمن من أن تتعرض في العصر الحاضر، بعد أن صمدت في وجه الزمان آمادا، للاندثار والضياع والأفول كما تعرضت لذلك غيرها من صنوف التراث الثقافي الوطني.
وجاء في مقدمة هذا المدون الجديد، الذي طبع بدعم من جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب، والذي يقع في 230 صفحة من القطع المتوسط، أنه بتدوين نوبة الاستهلال "نكون قد بلغنا عشرة أجزاء مدونة بالكتابة الموسيقية العالمية، لتظل آخر نوبة لإتمام سلسلة الإحدى عشرة نوبة هي نوبة الحجاز الكبير ويصير معها الموروث الأندلسي، الذي كان بالأمس القريب ينتقل شفهيا، ويعرف نوعا من التخوف عليه من الضياع في ظل تسرب أنماط مختلفة تؤثر على تواجده وتجعله منسيا مهجورا، بل موسميا في كثير من الأحيان، يصير اليوم موثقا بالكتابة الموسيقية، محفوظا تتوارثه الأجيال بكل تفاصيله الفنية".
وأوضح الأستاذ محمد العثماني، في هذه المقدمة، أنه حرص في هذا العمل "وانطلاقا من رواية الوالد المرحوم الحاج عبد الرحيم العثماني، الذي ظل وفيا طيلة مساره لأسلوب المرحوم محمد البريهي والحاج عبد الكريم الرايس والأستاذ محمد ابريول، على الاشتغال على العمل الفاسي في أداء أشعار ونغمات نوبة الاستهلال، مع مراعاة التوفيق في التدوين الموسيقي بين العزف والغناء المصحوب ببعض التعبيرات التي تمكن من إبراز شخصية كل لحن موسيقي ...".
وأشار الموثق العثماني إلى أنه اعتمد في تنسيق الجمل اللحنية وتوزيعها على أنطولوجية الموسيقى الأندلسية التي كلف جوق البريهي برئاسة المرحوم الحاج عبد الكريم الرايس بتسجيل أربع نوبات منها ومن ضمنها نوبة الاستهلال".
وقسم الأستاذ العثماني هذا المدون الى أربعة أبواب ، خصص الباب الأول لÜ"التاريخ .. قصة الأندلس وموسيقاها"، والباب الثاني لÜ"مكونات الموسيقى الأندلسية" و"التأثيرات النفسية للموسيقى الأندلسية" و"الآلات المستعملة في الموسيقى الأندلسية"، وأفرد الباب الثالث لتراجم لأعلام الموسيقية الأندلسية بمدينة فاس، فيما خصص الباب الرابع لنوبة الاستهلال موضوع المدون (تعريفها وأشعارها ومدوناتها الموسيقية).
والأستاذ محمد العثماني، وهو من مواليد مدينة فاس سنة 1978، حاصل على دبلوم التخرج من المركز التربوي الجهوي بالرباط سنة 2003 والجائزة الأولى في مادة الصولفيج سنة 2008، والجائزة الشرفية في الموسيقى الأندلسية سنة 2009، ويرأس جوق الموسيقى الأندلسية بفاس منذ سنة 2005.
وأصدر العثماني كتابا تحت عنوان "الموسيقى الأندلسية المغربية الجزائرية" في شتنبر 2014 بمعية الأستاذة نوال قادري، وفي شتنبر من نفس السنة أصدر أول عمل للجمهور المغربي تحت عنوان "أمداح صوفية بالأنغام الأندلسية".