هذا ما قاله أكرم الروماني بعد الفوز الكبير للماص أمام الوداد

موكوينا يبرر الهزيمة القاسية أمام المغرب الفاسي

حزب الأصالة والمعاصرة ينظم لقاءً تواصلياً بوجدة

لحظة مغادرة آيت منا وسط سخط جماهير الوداد

ملتقى علمي بمراكش يتناول دور القاضي في تحقيق الكفاءة القضائية

منظمة النساء الاتحاديات تسلط الضوء على مقترحات قانون الأسرة ورحاب تعلق "طلاق ليلة تدبيره عام"

الدين والأخلاق.. العلاقة الملتبسة

الدين والأخلاق.. العلاقة الملتبسة

جواد الـحامدي

 

ما الذي يمنع الإنسان من اغتصاب أمهُ أو أختهُ و أبنته إذا كان لا يؤمن بأن فعل هذا من المحرمات الدينية التي ستقذفهُ في نار السعير الأبدي؟

ما الذي يحفز الإنسان لفعل الخير وتجنب الشر إذا كان لا يعتقد بوجود حياة أبدية خالدة يطمع بها بعد الموت؟

ما الذي يجعل الإنسان أميناً في عملهُ لا يرتشي ولا يسرق ولا يستغل موقعهُ الوظيفي لمصالحهِ الخاصة؟

أليست الأديان من جاءت بالمبادئ و الأخلاق وعلمتنا أن لا نزني ولا نسرق ولا نكذب ولا نرتشي؟

أليس الله هو المصدر الأول والأخير للأخلاق والعدل والمساواة بين الناس؟ ومن دون الله فإن الإنسان يعيش في غابة بلا قانون يأكل فيها الكبير صغيرها؟ 

إذا كان الدين هو الأخلاق، فمعنى هذا أن غير المتدين غير متخلق، والعكس صحيح، فالتاريخ مزال يثبت أن المسلمين بحاجة إلى الكثير من الأخلاق و الأداب والتربية، و يبدوا أن  هؤلاء أصحاب هذه الأسئلة يجهلون بـ "ما هية الأخلاق وما هو مصدرها؟" ، إذا كانت الأخلاق مصدرها الله والأديان ، فمعنى هذا أن علينا إعادة بناء مفهومنا للأخلاق وكل القيم الإنسانية. لكن، هل حقيقة أن الإنسان المؤمن بالله هو ذو خلق رفيع أكثر من الإنسان الذي يؤمن بإله آخر أو لا يؤمن بأي إله؟ هل الإنسان المؤمن بدين معين هو إنسان خلوق أكثر من الإنسان في أي دين آخر أو ممن بلا دين في أي مكان في العالم؟.

نظرة بسيطة جدا للعالم من حولنا تجعلنا ندرك الإجابة الواضحة عن هذا التساؤل. معرفتنا بحجم التدهور الاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي في المجتمعات التي تعاني من ظاهرة التدين وحجم التطور الإنساني في المجتمعات التي شفيت من هستريا التدين تجعلنا ندرك بوضوح بأن التدين أو عدم التدين لا علاقة مباشرة لهُ بالأخلاق التي يتحلى بها الإنسان. بل أن التدين قد يؤدي لانهيار المنظومة الأخلاقية للمجتمعات المتدينة لأنهُ يربطها بحقبة زمنية محددة ضيقة تجعل من الأخلاق بضاعة فاسدة لا تصلح إلا للتظاهر بها فقط أمام البعض، وهذا ما نراه اليوم ببلداننا، قال الله والرسول وكذا، ولكن عمليا يبدوا أن هذا المتدين ليس له من الأخلاق شيء. 

لكن إذا لم تكن للأخلاق علاقة بالدين أو الله أو الكتب المقدسة، (قد يستفيد هؤلاء في درس جميل من الحيوانات) ، فما هو مصدر الأخلاق وما هو تعريفنا للأخلاق أساساً؟، هل اهتمام الغوريلا بطفلها الرضيع يعتبر من الأخلاق الحيوانية القويمة وهل دفاع أنثى الطيور عن أعشاشها يعتبر خلقاً رفيعاً كذلك؟ في تجربة فكرية بسيطة نستطيع أن نحصل على الإجابة الصحيحة. لنفترض أن أنثى الطيور لم تهتم بعشها ماذا سيحدث؟ لن تفقس بيوضها أبداً، وبهذه الطريقة سينتهي ويموت هذا النوع من الطيور ولن تبقى سوى تلك الأنواع التي تدافع عن أعشاشها باستماتة وكأنها تدافع عن نفسها ، أي منطق القوي يأكل الضعيف .

الآن لنعد تطبيق المثال أعلاه على المجتمعات الإنسانية. ماذا سيحدث لو بدأنا بقتل وسرقة واغتصاب بعضنا البعض؟ هل بالإمكان لمجتمع أن يعيش ويستمر بمثل هذه الفوضى والعنف؟ هل كان لهُ أن يكون مجتمعاً بالأساس؟ أليس المجتمع شكلا من أشكال العائلة الصغيرة والتي توسعت بمرور الزمن؟ وهل يمكن أن تقوم أية عائلة إذا كان أفرادها لا يمتلكون أي شكل من أشكال النظام الأساسي للتكاثف والذي يحفظ بقائهم وبقاء العائلة والمجتمع الموجودة فيه؟

في الطبيعة كانت ولازالت هناك حالات أدت وقد تؤدي فعلاً لانقراض أجناس متعددة، عندما بدأت هذه الأجناس ولأسباب مختلفة بالتصرف بطريقة تجعلها تقضي على جنسها انتحار الحيتان أو صنع الإنسان للقنبلة النووية على سبيل المثال، هذه التصرفات المضرة والتي نستطيع أن نصفها بانعدام الأخلاق هي نفس الأسباب التي تتسبب في انهيار مجتمعات كاملة اليوم مثل المجتمعات العربية على سبيل المثال لا الحصر. 

بعد أن اعتنق المجتمع بالشرق الأوسط فكرة أن الجنس هو مقياس الأخلاق، تكثفت هذه الفكرة على مر الأجيال فازداد مستوى الانحلال الأخلاقي الذي تعاني منهُ المجتمعات على كافة الأصعدة، فأصبح الكذب والسخرية والعنصرية واللامساواة والرشوة والاحتقار للآخرين من السمات الملازمة للمجتمع هناك. مجرد الابتعاد عن الهدف الأساسي من نشوء الأخلاق وهو الحفاظ على النوع يؤدي إلى انهيار وخراب المجتمع أخلاقياً والذي بدوره يؤدي لانهياره على كافة المستويات الأخرى ، وهذا بالضبط ما يحدث في الشرق الأوسط اليوم وهذا هو سر الإبادة التي تعانيها شعوب مثل العراق و سوريا.

يتضح من كلامنا هذا أن منشأ الأخلاق هو منشأ طبيعي محض هدفهُ الحفاظ على النوع واستمرار بقاء الفرد وتحقيق فائدة شخصية غير مباشرة من خلال الفائدة العامة المباشرة. أما وجود نصائح أخلاقية في الأديان التي ظهرت على مر العصور من عمر البشرية فهذا لا يعني أن الأديان مصدر الأخلاق. ولا يعني بأن البشرية عاشت في فوضى عارمة حتى ظهور الأديان. بل نشوء الأديان جاء في مجتمعات وصلت مرحلة من النظام الداخلي واحتاجت إلى بوصلة تنظم هذه المسيرة الأخلاقية فتم اختراع الدين لتثبيت الاتجاه الاجتماعي فيها بكونهُ اتجاه مقدس. 

إن السؤال الذي يطرح نفسهُ وبشدة هو: "ما هو مستوى الإنسان الأخلاقي الذي يحتاج لدين كامل يأتيه من السماء كي يعرف بأن اغتصاب طفلة عمرها تسعة سنين هو تصرف غير أخلاقي؟"

إذا كنا نحتاج لكتاب وآلهة وأنبياء كي يشرحوا لنا بأن ممارسة جنس المحارم وسبي نساء البلدان المجاورة وغزوهم واستعبادهم وقتل الإنسان هو شيء خاطئ فنحن بكل بساطة كائنات بلا أية أخلاق، بل لسنا سوى وحوش بشرية نعتقد أن الدين هو المانع الوحيد الذي يمنعنا من ممارسة رذائلنا التي تراودنا في خيالاتنا. وإذا كان هذا الوحش موجوداً داخل أي إنسان فلن ينفع لا الدين ولا القوانين بالقضاء عليه, والشرق الأوسط خير مثال على ذلك.

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة