علاءالدين الحاجي
ليس بالبعيد ولا بالقريب أن إجتاز العديد من الطلبة والتلاميذ الإمتحانات الأكاديمية التي تبرمجها الدولة وفق برنامج تعليمي ممنهج . ولا يخفى على أحد الدور الذي لعبته منظومة التربية والتعليم والمدرسة المغربية بشكل خاص في مرحلة ما بعد الاستقلال، بحيث كان لها دورا أساسيا في تأهيل وتكوين نخبة من الأطر المغربية التي إستطاعت أن تحل محل إدارة الحماية، ولا شك أن المنظومة شكلت أيضا قناة حقيقة للحراك الاجتماعي والإنفتاح على العالم وولوج العصرنة الحديثة ، مع تكريس التماسك الاجتماعي .
إلا أن هذه الصورة التي كرستها هذه الأخيرة كحاملة لمشروع مجتمعي وسياسي وثقافي، ما فتئت أن تبددت أمام الصعوبات والمشاكل التي أصبحت تطرحها سواء على مستوى الغايات أو الأهداف المعلنة في ربط المؤسسة بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي والسوسيوثقاقي، أوالرفع من مستوى المردودية وجودة التعليم وتعميمه، أو على مستوى إدخال مناهج وتقنيات حديثة أو تكوين مواطن قادر على المشاركة والتفاعل مع قضايا مجتمعه .
وقبل أن نستفيض في الوقوف على مجموعة من النقاط لنأخذ بعض الأقوال التاريخية حول هذه المنظومة في العالم :
قال طه حسين في "مستقبل الثقافة في مصر" : " يجب أن تؤخذ أمور التعليم كلها بالجد والحزم وأن يكون تنظيمها دقيقا وأن تتولى الدولة وحدها شؤون التعليم كلها إلى أمد بعيد."
وقال الرئيس الأمريكي ريكن : " أريد أن أقول لكل الذين يريدون تطوير التعليم، أقول: لن تكون هناك نهضة بدون ثورة، واقصد هنا الثورة في المناهج التعليمية "
أما العالم الهندي الذي لا يحضرني إسمه بل قوله فقط
وهو صاحب مؤلف "العدو والحميم" فقال : "إن شعوب العالم الثالث لم تعد تؤمن بالتنمية، وأن كل السياسات هي بحث عن أوهام..... لو كان كل أبناء وطني يعرفون القراءة فلن يبقى في الهند شجرة واحدة لتحولت إلى ورق."
و ما يبين المعنى الخفي وراء القول إلا القيمة التي يجب أن تحظى بها المنظومة ككل , لكن الأمر أصبح واقع يعيشه المواطن مع أبنائه و عائلته وذويه .
فمنظومة التربية والتعليم أصبحت تعاني من مجموعة من الإكرهات التي أصبحت جلية للعيان المراقب .
و هذه الورقة لن تكفي لذكر الإكراهات ولا الحلول المقترحة و لا ما يجب أن تقترن به كساعد يقومها وتقوم عليه من مجال إقتصادي و إجتماعي وثقافي أو طريقة ربط النظرية المجردة التي ندرسها بالمعاهد و المؤسسات التعليمية و الجامعات بسوق الشغل .
إنما سأحاول أن أقف على العملية الممنهجة أو الظاهرة الممنهجة هي الأخرى , ليطرح إشكال التنظيم في مواجهة التنظيم و المقنن القانوني في مواجهة المقنن العشوائي , ليصبح عرف أو عادة يدرج عليه الطالب أو التلميذ .
نعم حديثي عن الغش بالإمتحانات و تأثيره على مردودية المنظومة و مردودرية المناهج المعتمدة في التلقين و التكوين .
فكيف ذلك إن كان الأمر أصبح شهية مفتوحة وعادة يستروي بها الضعيف أو المتضعف قبل أن يصبح الأمر غتيان بالنسبة لدوي الحكمة .
كيف لا و أنت على قارعة الطريق تجد أوراق مترامية على اليمين و اليسار في الأمام و الخلف , لمن يا ترى هل هي حملة إنتخابية ؟
لا بل هي "نقيلة" وسائل للغش بالنسبة للضعيف منهم أما القوي فله طرق أخرى كـالوسائل الإلكترونية في تمرير المعلومة للورقة بغير حق أو قد أسميها تمرير السم للمنظومة التي لا نكاد أن نقول أنها نحو طريق المجهول .
هل يعقل أن تلميذ في السنة السادسة إبتدائي و يغش في الإمتحان , يغش نفسه و من سهروا عليه طبعا .
و هل يعقل أن تجد أما في الساعة المتأخرة من الليل تبحث عن مكاتب لتصغير الأوراق وطفلها المدلل ينتظر بفارغ الصبر من أجل تطوير العملية و طرجمتها على أرض الواقع .
و آخر بمستوى الإعدادي يخسر الكثير من الوقت و النقود في الحصول على ما يساعد في خرابه , ولا يحاول حثى في أن يستوعب ولو القليل .
و آخر في المستوى الثانوي و الجامعي يحتال بطرق أخرى أكثر تقدما بدواعي مختلفة , منهم من يرجعها للمنظومة ويصفها بالفاشلة ومنهم من يرجعها للأستاذ و طريقة طرحه للمواضيع و الإمتحانات .
فكلامي هنا ليس لتأزيم الوضع أو نظرة سوداوية للمنظومة أو للدارس كتلميذ أو طالب أو غيره .... بل هو وقوف على الواقع المتكلم بعين و ضمير نابظ .
وبالطبع هناك المجد والمجتهد و هناك الطالب الذي يستند لقوام عقله و عمله بعلمه من أجل التكوين و الرفع من قيمة ومردودية المناهج المعتمدة , أو يرتدي له منهجا وطريقا عندما تسمح له الفرصة بذلك .
الكلام يطول و يطول في الموضوع ...
لكن أخثم بالقول لكل مجتهد نصيب و أن المغرب يتقاسم نفس هذه المحنة مع عدد كبير من دول العالم ، و أن هذه الأزمة تهم هذا القطاع بفرعيه العمومي و الخاص على حد سواء حثى و إن كان هناك تفاوت في الدرجة , إلا أنه يبقى دسيسا يتحمله الكبير الصغير .
أيوب
علاء الدين
ممتاز أخي على هدا المجهود