التجاني الهمزاوي
تتفق جل الروايات التاريخية أن حمورابي هو عميد التشريع والتقنين في تاريخ البشر، كما يتفق القانونيون في العصر الحديث، على وجود تراتبية صارمة بين القوانين، حيث يضعون الدستور في قمة الهرم، ثم القوانين التنظيمية، ثم القوانين، ثم النصوص التنظيمية ) مراسيم، قرارات، مذكرات...(.
في المغرب بينت أزمة المرسومين أن بنكيران، قلـَـبَ هرم تراتبية القوانين وخرق انسجامها وتناغمها. وأقدم على سلوكات تمس بجوهر الحقوق والحريات المكفولة دستوريا )التظاهر، السلامة الجسدية، التنقل(.
لقد قام بنكيران وحكومته بزعزعة ترسانة قانونية قائمة، دون عذر مقنع، ويتم ذلك في استعجال وارتباك كبيرين. فقد تم تعديل النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية بمجرد مذكرة، وهذا التعديل تم تأكيده بمرسوم لاحق نُشر خارج الأجل. إلا أن هذا المرسوم الجديد 588.15.2 بدوره يعدّل قانونا أعلى منه درجة ألا وهو قانون الوظيفية العمومية.
فالمادة 22 من قانون الوظيفة العمومية تنص على: " يجب أن يتم التوظيف في المناصب العمومية وفق مساطر تضمن المساواة بين جميع المترشحين لولوج نفس المنصب، ولا سيما حسب مسطرة المباراة. وتعتبر بمثابة مباراة، امتحانات التخرج من المعاهد والمؤسسات المعهود إليها بالتكوين حصريا لفائدة الإدارة"
وبعد ذلك صدر مرسوم في نفس الاتجاه وهو المرسوم المؤرخ في30 أبريل 2012 الذي يكفل حق التعيين في الوظيفة العمومية للحاصلين على شهادة مهنية وطنية.
ولتحديد الشهادة المقصودة في المواد السالفة الذكر، في قطاع التربية الوطنية، نجدها محددة في المادة 3 من مرسوم إحداث المراكز الجهوية للتربية والتكوين والتي تنص على ان المراكز تحت وصاية التربية الوطنية وهي بمثابة مؤسسة لتكوين الأطر، وفي مرسوم بنكيران لسنة 2014 اعتبر امتحان التخرج بمثابة مباراة توظيف، وهو ما تراجع عنه بنكيران بعد حوالي سنة.
كيف يبرر بنكيران ومن معه هذه التعديلات المرتبكة؟ كيف حاول بنكيران إعادة النظر في القيمة القانونية للشهادة التي تسلمها المراكز الجهوية، دون التفكير في المقتضيات القانونية المخالفة، ولا سيما الأعلى درجة؟.