علاءالدين الحاجي
منذ القدم القديم ومنذ بداية التاريخ الجديد للوطن المغربي مع غداة الاستقلال , و الشعب المغربي ينتظر و يترقب مغربه حكومة بعد حكومة و مواسم إنتخابية تشريعية بعد أخرى إلى أن وصلنا إلى الحال الذي نحن عليه .
تغيرت أمور في الزمان و ركدت أمور على قارعة الزمان هي الأخرى , إلى أن إنتفظت شعوبا وقامت الثورات . فعاش المغرب المنعطف الذي كبرت فيه أحلامه و أخد ينساق ورائها وفق منطق المغرب المنتظر .
و للاسترسال في مجموعة من النقاط لنأخذ مقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال في 20 غشت 2003م , والذي جاء فيه :
" علينا أن نجعل هذه الذكرى الذهبية للاستقلال , وقفة تاريخية لتقييم الأشواط التي قطعتها بلادنا على درب التنمية البشرية , خلال نصف قرن , بنجاحاتها وصعوباتها وطموحاتها , مستخلصين العبر من اختيارات هذه المرحلة التاريخية , والمنعطفات الكبرى التي ميزتها , مستهدفين من ذلك ترسيخ توجهاتنا المستقبلية , على المدى البعيد , بكل ثقة ووضوح مبرزين بكل تجرد و إنصاف الجهود الجبارة التي بدلت لوضع المغرب على سكة بناء الدولة الحديثة … " .
فكان هذا الخطاب مناسبة لوضع تقرير خمسيني لإنجازات المغرب منذ الإستقلال إلى حدود 2005م وإنتظاراته في أفق 2025م , و الذي كان مناسبة لأخد بأكثر من 175 مشاركة فردية , من أساتدة وباحثين في مجالات متعددة .
و ما ذكرت هذا المقتطف من الخطاب إلا لأجعله أرضية لتذكير السادة السياسيين , بأن مصير البلاد بيدكم أنتم كمؤسسات تشريعية و تنفيذية و حقوقية , و غيرها من المؤسسات المدنية والقضائية الفاعلة .
لأن المغرب كان ولا يزال يوجد في مفترق الطرق , ذلك المفترق الذي يتطلب وتيرة أسرع و أوراش إصلاح جوهرية , مع إحداث قطيعة تامة مع الممارسات و السلوكات التي ظلت كمعيقات تحول دون الوصول إلى المغرب المنتظر .
و عند الحديث عن المغرب و إردافه بمصطلح المنتظر , فالمقصود هو إنتظارات الشعب من الدولة ككيان سياسي و قانوني تدبر الحياة العمومية بصفة عامة .
فالأساس و الأكيد أن الوضع الراهن ليس بالمشرق تماما , و لا القاتم بشكل يتعدر تصحيحه , لا سيما و أن المغرب كدولة قطعت أشواطا في الديمقراطية التشاركية , عن طريق التصالح مع الذات و الماضي مع الإستفادة من العبر المستخلصة من إخفاقاته .
و هو الأمر الذي يستدعي منا الوقوف على مجموعة من الإشكالات نقتصر على أبرزها وهي :
هل المغرب حقق تلك الدولة الحلم بالنسبة للشعب المغربي ؟ و هل حققت الدولة إنتظارات الشارع المغربي ؟ و هل كانت وفية للإلتزامات القانونية المضمنة في مشاريعها و تلك التي صادقت عليها في المواثيق الدولية والوطنية ؟
فالجواب سيكون بالإيجاب صراحة و بدون أي مزايدات , أي أن الجواب سيكون بـ " نعم " , لكنه يظل مقرونا بـ " ولكن " . لأن الأخيرة تقلص من حجم الإنجازات من جهة و تشير للمشاكل الواجب تجاوزها من جهة ثانية .
ولا نغفل أن الإنجازات والنقائص مرتبطة بالإكراهات الإقتصادية والديمغرافية و البيئية و المالية و غيرها ... إلا أن هذا لا يعني التبرير للسادة السياسيين , بل الأمر يعتمد على أنماط حكامتهم و نوعية سياساتهم .
لأن منهم من له النعم في إيجابياتنا اليوم , و من له النقم في سلبياتنا اليوم كذلك , لأن هناك من سرق و تدرق بالسياسة و من عمل و أحب الوطن و المواطن لكنه إختفى بفعل السياسة كذلك .
و سيرا مع التدرج جاء الدستور الجديد لسنة 2011م , فعمل على إرساء المؤسسات و كذا محاولة وضع مجموعة من المبادئ و الأساسيات الضامنة للحقوق و الحريات . فتغيرت السلط وعلاقتها فيما بينها إلى جانب تقسيم ترابي جديد , وغيرها من المستجدات التي تترجم الأشواط الديمقراطية التي قطعها المغرب .
لكن الأمر لا زال رهينا بالقوانين التنظيمية التي لا تترجم المبادئ الدستورية كما هي , بل تعمل على تطويع ذلك حسب البرنامج السياسي لكل حزب أو حكومة على حدى .
و في ظل هذه المستجدات لا زال الشعب ينتظر ذلك المغرب الحلم أو المنتظر , فترجمة المبادئ الكبرى فيها خلل . و بالتالي فالعبرة بالواقع و ليس بالنصوص و المواثيق , لأن حرفا أو إشارة كافية لخرق كل المقتضيات و بشرعية كذلك .
و هنا يطرح السؤال : أين هي شرعية الشعب و التمثيلية الحزبية ؟
هذا السؤال يحيلنا على التوضيح , أي توضيح هذه الشرعية وهل هي موجودة فعلا . و الجواب هو الآخر بـ " نعم " أي موجودة و في طريق القوة عبر وسائل متعددة للظغط على من يتخد القرار , و مثالنا هنا هي المطالب الشعبية التي أصبحث تنتج المفعول عن طريق منابر متعددة كوسائل التواصل الإجتماعي و المظاهرات السلمية كحق مكفول دستوريا , وليس واقعيا . و إن كان هذا الحق مكفول عرفا قبل أن يكفل بالقانون , سواء تم الإستناد إلى شرعية الشعب أو إلى المبادئ العامة للقانون .
و على العموم فالكلام يطول في الموضوع بطول الإنتظارات و الترقبات من المواطنين و السياسيين الفاعلين منهم , إلا أنني لم أجد ما أختم به إلا بالقول أو التساؤل عن :
كيفية ضمان التوليفة المناسبة بين الموارد التي يتوفر عليها المغرب , مع الرأسمال البشري و الترسانة القانونية و المؤسساتية , لضمان الإستغلال الملائم مع صيانة الموروثات لفائدة الأجيال القادمة . و مع وجود الخلل من السبب ؟