صوفيا طالوني تضع شكاية جديدة بولد شينوية والمحكمة تستمر في حبسه إلى حين إصدار الحكم وهذا ما حدث

أخنوش من قمة المياه الواحدة بالرياض: تعبئة الموارد المائية مسألة استراتيجية بالنسبة للمغرب

منظمة النساء الاتحاديات تسلط الضوء على موضوع "العنف ضد النساء والفتيات ومؤشرات التنمية"

حموني يشيد بالتفاعل الإيجابي لوزير التشغيل مع تعديلات المعارضة ويكشف موقف حزبه من قانون الإضراب

قانون الإضراب يشعل نقاشا ساخنا بين الأغلبية والمعارضة البرلمانية

ندوة جهوية بمراكش تجمع فاعلين مدنيين ومهنيين لتدارس ازمة "ندرة الماء

في مفهوم التدبير الحر

في مفهوم التدبير الحر

محمد اليونسي

 

كما هو معلوم فبلادنا منذ فجر الاستقلال قد اتخذت من نهج سياسة اللامركزية كإطار نظري بهدف الاستجابة لحاجيات الدولة أولا ثم المواطنين ثانيا وكذا التقليص من الفوارق بين مختلف الطبقات الاجتماعية وبين مختلف الجهات.

إن صيرورة اللامركزية ببلادنا عرفت تطورا تدريجيا محافظا على الخصوصية التي يتمتع بها المغرب، بداية بالميثاق الجماعي لسنة 1960، الميثاق الجماعي لسنة 1976 مرورا بالدستورين لسنة 1992 و1996 فقانون 47-96 الخاص بالجهات وصولا للميثاق الجماعي لسنة 2002 والمعدل سنة 2009 وأخيرا دستور 2011 والقوانين التنظيمية 111-14، 112-14 ،113-14 .

فحسب خبراء القانون العام فإن اللامركزية تعد شرطا أساسيا وضروريا لتسريع وتيرة التنمية الترابية.

السؤال الذي يفرض نفسه بحدة ألا وهو لماذا الرجوع إلى الوحدات الترابية الدنيا؟

ولفهم هذا التوجه نحو الجماعات الترابية فمن المؤكد أن ذلك راجع لعدة عوامل مرتبطة أساسا بالتحديات الدولية وبتحديات وطنية.

فمنذ بداية الثمانينات تم تسجيل تراجع الدولة الوطنية الراعية لصالح وحداتها الترابية بكل أشكالها ،وهذا النهج الجديد في معالجة الاختلالات المرتبطة بالتنمية ،جعل من الدولة فاعل كباقي الفاعلين.

فالتنمية الترابية لايمكن لها أن تحقق أهدافها الأصيلة إلا بجعل المجال الترابي يسير عن طريق الساكنة المحلية.

لهذا يجب تمثل المجال الترابي وهو يتمتع بالحرية ومؤسس على النجاعة والفعالية والأداء الجيد.

اليوم بعد إقرار دستور 2011 وإصدار القوانين التنظيمية المرتبطة بالجماعات الترابية، تكون القوانين المعتمدة منذ الاستقلال إلى الآن قد أكدت بالملموس أن النموذج على مستوى المجالات الترابية تعتريه نواقص عديدة.

ولإصلاح بعض الاعطاب والرفع من عجلة اللامركزية إلى حدود تسمح لها لتكون في مستوى تحديات القرن 21 .

ومن أهم التعديلات التي جاء بها دستور 2011 وهو الإقرار في مادته 136 بمبدأ التدبير الحر مما له انعكاس ايجابي على جعل الوحدات الترابية نموذج لفاعلين حقيقيين وأساسيين وقادرين لوضع التصورات المرتبطة بالمشاريع المحلية القادرة على تلبية الحاجيات ذات الأولوية للسكان ،وكذا القدرة على تنفيذ هذه البرامج وتتبعها وتقييمها.

لقد أصبح قاموس القانون العام المغربي يتضمن مبدأ التدبير الحر، السؤال هو ما معنى هذا المفهوم الجديد في منظومة اللامركزية المغربية؟

عند خبراء القانون العام، فمجرد الاعتراف بدستورية هذا المبدأ الكوني يعتبر نجاحا كبيرا وخطوة جريئة في اتجاه تعميق الديمقراطية المحلية.

إن سؤال الديمقراطية يفرض نفسه على الوحدات الترابية اللامركزية كونها الإطار الجد الملائم للتعبير عن الاستقلالية المحلية والنواة الصلبة للتمرين الديمقراطي على المستوى المحلي وكذا تمثيلها للمصالح الحيوية للساكنة المحلية، مما سيفرض على النخب المحلية أن تكون في مستوى اللحظة التاريخية وتكون قادرة للاستجابة للمطالب المحلية.

سابقا، قبل دستور 2011 كنا نتحدث عن التدبير الديمقراطي للشؤون المحلية، ففرنسا ضمنت مبدأ التدبير الحر في وثيقتها الدستورية لسنة 1958.

إن تضمين مبدأ التدبير الحر في الوثيقة الدستورية يعتبر مكسبا هاما للوحدات الترابية قصد جعل متخذ القرار على المستوى المحلي قريب من الساكنة وجعل من اللامركزية والديمقراطية المحلية قاطرتان أساسيتان لتحقيق التنمية الترابية.

إن دسترة هذا المبدأ ماهو إلا ترجمة للنظرة الجديدة للعلاقات التي ستؤسس بين الدولة وجماعاتها الترابية المبنية أساسا على احترام الاختصاصات الذاتية.

من هذه المنطلقات يمكن القول أن مبدأ التدبير الحر هو مفهوم مركب وذو بعدين:

البعد الأول ذو طبيعة عضوية أما البعد الثاني ذو طبيعة وظيفية.

فالبعد العضوي يقصد به مصدر الأجهزة التنفيذية التي سيوكل إليها تدبير شؤون الساكنة المحلية (المادة 137 من دستور2011 )،وكذا درجة الاستقلالية المؤسساتية لهذه الوحدة الترابية المحلية.

أما على المستوى الوظيفي فأن ذلك يعني توفر مجال أوسع للتعبير عن الإرادة المحلية ،عبر وجود اختصاصات لهذه الوحدات الترابية اللامركزية وكذا طريقة توزيعها بين الدولة وجماعاتها الترابية.

بالإضافة كون هذا المبدأ يتطلب تطبيقا فعليا وحقيقيا لهذه الاختصاصات (الذاتية والمنقولة والمشتركة).

ولكن ما يعاب على هذا المولود الجديد ضمن قاموس القانون العام المغربي كونه قد يكون ضحية التأويلات والتشريعات المفسرة له خصوصا عند اعتماد القوانين التنظيمية والمراسيم والقوانين المرتبطة بتنزيله.

وفي الأخير يمكن ختم هذا المقال المتواضع كون تطبيق مبدأ التدبير الحر يعني تحقق المرامي التالية:

-غياب التبعية بالنسبة للسلطات المركزية

-غياب سلطة الوصاية وتعويضها بالمراقبة الإدارية حسب دستور 2011 المادة145 

-غياب التراتبية واستقلالية الأجهزة التنفيذية المحلية

-الاستقلالية المالية وتوفرها على الموارد الذاتية الكافية لتحقيق التنمية الترابية

وأخيرا،يجب فهم هذا المفهوم باستحضار المبادئ العامة التي تؤسس للدولة الوحدوية كالمغرب ونذكر منها: مبدأ السيادة ومبدأ الوحدة الترابية ومبدأ المصلحة العامة.

إن شاء الله في المقال المقبل سوق أتطرق لموضوع سيكون بعنوان: في مفهوم عالم متعدد الأقطاب

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات