دويتشه فيله
اكتشف علماء يابانيون بكتريا بإمكانها هضم المواد البلاستيكية. الاكتشاف يمكن أن يكون حلا للتخلص من النفايات في البحار التي يقدر حجمها بمائة وخمسين مليون طن. لكن، كيف تعمل هذه البكتريا على تحليل المواد البلاستيكية؟
تعاني البيئة من الفضلات البلاستيكية التي تتراكم بملايين الأطنان يوميا، خاصة في البحار. ويمكن أن يتضاعف عدد الفضلات البلاستيكية بحلول عام 2030 ويصل إلى أربعة أضعاف ما هو عليه الآن بحلول عام 2050، حسب توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي. ويُنتج حاليا 311 مليون طن من المواد البلاستيكية سنويا في العالم. وفي الأعوام العشرين القادمة يتوقع أن يصل عددها إلى أكثر من 900 مليون طن، حسب ما ذكرت صحيفة "تسايت" الألمانية.
وتكمن مشكلة المواد البلاستيكية في أن جزءا صغيرا منها فقط يعاد تصنيعه وتكراره، أما الجزء الأكبر منها فينتهي في مكبات النفايات أو يتم حرقه أو يرمى في الطبيعة.
والمشكلة الأخرى للمواد البلاستيكية أن مادتها لا تتحلل من تلقاء نفسها بسرعة، وتحتاج القنينة البلاستيكية مثلا إلى نحو 450 عاما للتحلل الطبيعي، وحتى بعد ذلك لا تتحلل المادة تماما في الطبيعية وإنما تتجزء إلى قطع بلاستيكية صغيرة.
ويبدو أن الطبيعية وجدت بنفسها وسيلة تمكنها من التخلص من الفضلات البلاستيكية المضرة، إذ اكتشف علماء من اليابان نوعا من البكتريا يمكنها افتراس الفضلات البلاستيكية ولا تترك أي فضلات منها في الطبيعية. ونشر العلماء دراستهم في الدورية العلمية "ساينس" وقام العلماء بجمع 250 نموذجا مختلفا من الفضلات تضم مواد بلاستيكية وقاذورات وترسبات مائية وطين. وبعد إجراء فحص دقيق على الفضلات اكتشف العلماء بكتريا "إديونيلا ساكاينسيس" غير المعروفة سابقا، والتي تتغذى بالكامل على الفضلات البلاستيكية. وذكرت صحيفة "تسايت" الألماني في موقعها الالكتروني، التي نشرت نتائج الدراسة، أن الأعضاء الحيوية لهذه البكتريا يمكنها تحليل المواد البلاستيكية تماما دون فضلات. ويمكن عبر هذه البكتريا أيضا إنتاج الطاقة من الفضلات.
وشرح العلماء عمل هذه البكتريابقولهم:
تقوم البكتريا أولا بالاقتراب من الفضلات البلاستيكية. ومن ثم تنتج إنزيما خاصا يحول الفضلات إلى حامض التيريفثاليك لـ" ثنائي هيدروكسيثيل"، والذي يشبه المادة الخام التي تستخدم في صناعة "بولي إستر" في الملابس والقناني والعلب البلاستيكية. ومن ثم تفرز البكتريا مادة إنزيمية أخرى تفصل البقايا البلاستيكية إلى مادتين، وهما حامض التيريفثاليك وغليكول الإيثيلين. وتستخدم البكتريا هاتين المادتين المنتجتين من البقايا البلاستيكية في إنتاج الطاقة، ولذلك لا يبقى أي شيء من الفضلات البلاستيكية سوى بعض الماء والكربون.
عملية تستغرق 6 أسابيع
عملية التحلل هذه تتطلب بعض الوقت، كما ذكر العلماء، إذ تحتاج البكتريا إلى ستة أسابيع لافتراس الفضلات البلاستيكية بالكامل، وذلك تحت ظروف ودرجات حرارة طبيعية مناسبة لعمل البكتريا، والتي لا تزيد عن 30 مئوية. ولا يعرف ما هي الفترة التي تحتاجها البكتريا لهضم المواد البلاستيكية تحت درجات حرارة أقل من 30 مئوية، وكذلك لا يعرف مدى إمكانية عمل البكتريا في أجواء ودرجات حرارة باردة نسبيا.
رغم ذلك عد العلماء هذا الاكتشاف "مهما جدا في مجال إعادة تكرار المواد البلاستيكية"، كما ذكر عالم الأحياء أوفه بورنشوير من جامعة غرايفسفالد الألمانية. وعلق عالم الأحياء الألماني بورنشوير في الدورية العلمية "ساينس" بقوله :" كان من الأفضل أن تتوقف عملية تحليل المواد البلاستيكية من قبل بكتريا "إديونيلا ساكاينسيس" قبل فصل المادة المتبقية إلى حامض التيريفثاليك وغليكول الإيثيلين". إذ يمكن عندئذ استعمال المادة المتبقية في صناعة مواد بلاستيكية جديدة وإعادة تكرارها، وخاصة أن مادة حامض التيريفثاليك لا يمكن الحصول عليها إلا عبر عملية تكرير النفط.
رغم ذلك اعتبر العالم الألماني اكتشاف هذه البكتريا بالـ"حدث المهم" خاصة أن البكتريا تعمل في نظام متسلسل وتتغذى على فضلات البكتريا الأخرى مما يقضى على الفضلات بالكامل. ويعتقد أوفه بورنشوير أنه بإمكان العلم يوما ما من استخدام الأعضاء الحيوية لهذه البكتريا ووضعها في أحياء أخرى وتوظيفها في التخلص من الفضلات البلاستيكية.
بكتريا "إديونيلا ساكاينسيس" في شكلها الحالي لا يمكن أن تحل مشكلة الفضلات البلاستيكية في العالم. وينتج من المواد البلاستيكية سنويا نحو 311 طنا، وتتجه نصف الفضلات البلاستيكية، التي يبلغ مجموعها نحو 56 مليون طن سنويا إلى الطبيعة وإلى مكبات النفايات. والكثير من النفايات تنتهي في البحار مما يسبب إضرار بيئية كبيرة، ويقدر العلماء عدد النفايات البلاستيكية في البحار بـ 150مليون طنا. ويخشى حماة البيئة أن يصل عدد الفضلات البلاستيكية بحلول عام 2050 إلى أكثر من عدد الأسماك في البحار.