عبدالرحيم أيت حمادي
منذ أزيد من خمسة أشهر و قضية الأساتذة المتدربين تشغل الرأي العام المغربي،و تتصدر أبرز المواضيع على مواقع التواصل الإجتماعي و الجرائد الاكترونية .
القضية بدأت عندما أصدرت الحكومة مرسومين : الأول يقضي بفصل التوظيف عن التكوين و الثاني يقلص من القيمة المالية لمنحة الأساتذة المتدربين إلى أكثر من النصف،الشيء الذي جعل الأساتذة المتدربين يقاطعون التكوين بجميع مراكز مهن التربية و التكوين و القيام باحتجاجات و تنظيم مسيرات قوبلت بتدخلات أمنية عنيفة و غير مبررة في بعض المدن.
و أمام إصرار الأساتذة المتدربين على عدم الرجوع إلى مقاعد الدراسة إلا بعد إسقاط المرسومين و توظيفهم أسوة بالأفواج السابقة، و التعنث الشديد للحكومة و تمسكها بمرسوميها و ضعف موقفها من جهة و تعاطف شريحة واسعة من المجتمع مع الأساتذة من جهة أخرى، لم يتبق للحكومة سوى رمي التهم و ترويج إشاعات لكسب تعاطف المواطنين خاصة و أن الإنتخابات على الأبواب،سواء بتوجيهها بشكل رسمي أو عن طريق بعض الجرائد الورقية أو الإلكترونية أو الصفحات التابعة للحزب الحاكم على مواقع التواصل الإجتماعي.
أولى التهم جاءت من وزير الداخلية عند جوابه على على أسئلة طرحتها فرق المعارضة في جلسة مجلس المستشارين بتاريخ 12 يناير 2016 عندما قال بالحرف مخاطبا الحاضرين "هذا كله، يقصد احتجاجات الأساتذة، مؤطر من طرف هيآت و خاصة منظمة نتوما كتعرفوها و كتعرفو الأهداف ديالها و ماباغينش هاد المشكل اتحل، ايوا راكم عارفينها" في إشارة لجماعة العدل و الإحسان، بعده جاء رئيس الحكومة ليزكي كلام وزيره و اتهم من سماهم "المشوشين" بدفع الأساتذة المتدربين إلى الإحتجاج.لكن ما تناسه رئيس الحكومة و وزير داخليته أن الأساتذة المتدربون، و هم يعدون بالآلاف، متعددو الإنتماءات السياسية، و يجمعهم هدف واحد و هو الحق في التوظيف.نفس التهم أطلقها وزير الإتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، كما اتهمهم أحد برلمانيي الأغلبية بكون احتجاجاتهم لا معنى لها و أن جهات خفية زجت بهم في معركة خاطئة على حد تعبيره .
أما في العالم الإفتراضي فكانت التهم أشد قسوة من طرف بعض الصفحات المؤيدة للحكومة و حزب العدالة و التنمية بالخصوص، فتراوحت التهم ما بين التخوين و محاولة زعزعة الأمن العام و قلب النظام و عدم احترام القانون، بل وصل الأمر لدى بعض الصفحات إلى وصف الأساتذة المتدربين بالصهاينة و الطعن في شرفهم و قذفهم بشتى أنواع الشتائم...
إن قضية الأساتذة المتدربين أظهرت تخبطا واضحا في المواقف الحكومية و فشلا ذريعا في تعامل الحكومة مع المشاكل العالقة و تدبير الأزمات...كما أظهرت تباينا فاضحا في مواقف الأحزاب المشاركة في الحكومة ، الأمر الذي اتضح بالملموس عندما أصدر وزير الإقتصاد و المالية مؤخرا مذكرة جوابية بعثها إلى فريقَي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي بمجلس المستشارين حاول فيها إيجاد حل للقضية، إلا أن رئيس الحكومة تبرأ من المذكرة معتبرا إياها مبادرة فردية و مخالفة لما اقترحته الحكومة، ليتبادل بعدها حزب رئيس الحكومة و حزب التجمع الوطني للأحرار التهم و يدحضان معا أكذوبة الإنسجام الحكومي.
لكن الأسئلة اتي يبقى عالقة هي لماذا هذا التكالب و التعنت و العنترة ضد هذه الفئة؟ لم كل هذا الإصرار على تمرير المرسومين و هما اجتهاد حكومي فقط كما صرح بذلك الوزير الأزمي في برنامج مواطن اليوم الذي بث على قناة ميدي1 تيفي بتاريخ 14 يناير2016؟
القضية يجب أن تحل بعيدا عن التعنت و الإرتجالية و الحزازات السياسية الضيقة فالوقت يمر، و الموسم الدراسي المقبل قد يكون كارثيا، خاصة و أن القطاع يعرف خصاصا كبيرا في الموارد البشرية.