عبد اللطيف مجدوب
تتعدد الحيل "والحصْلة" واحدة
من المعلوم ؛ ومن خلال دروب ومتاهات الحياة اليومية للمواطنين ؛ أن المغاربة إذا كان توصيفهم " بأذكى شعب في العالم " ، فقد يكون صادقا بالنظر إلى المصائد و "القوالب" التي تتفتق عنها عبقريتهم ؛ شعارهم في ذلك " الغاية تبرر الوسيلة " ، وسأكتفي هنا ـ وفي هذا السياق ـ بأن أسوق للقارئ واقعتين ، قبل أن ننبش في موضوعنا .
الواقعة الأولى : الصلاة على جنازة !
في أحد مساجد فاس العامرة ، وفي شهر رمضان وبينما المصلون ينتظرون صلاة الظهر ، إذا بجنازة تدخل المسجد يسير في مقدمتها رهط كبير من القوم ... صليت الفريضة ، أعقبها نداء الصلاة على الجنازة ، لكن أحدا من "المصلين" نادى في الحضور : " آسْيادنا ... آسْيادنا ... ! راه المرحوم خلاّ عليهْ شي كْريدي ...والمرا حامْلا.. باشْ مّا سخّاكم الله فْهذا الشهر المبارك " على إثره انتشر بين الصفوف أفراد بأكياس بلاستيكية : " الله يخْلفْ عليكْ " ، " الله يزيداكْ من فضْلو " .. " جاك الخيرْ الله إرحم بها الواليدين " ... بعد أن لفت الأكياس في كيس واحد ، صليت الجنازة ، وأخذ كل سبيله فبقي "المحمل" وحيدا .. أين ذهب أصحاب الجنازة ؟! ولما لم يظهر لأحدهم أثر تطوع الإمام فكشف الغطاء عن المحمل ليلفي نفسه أمام حجارة وقطع خشبية مرصوصة بعناية داخل كفن لا أثر فيه لآدمي !
الواقعة الثانية : جرت في نواحي تاونات
مسجد لم يكتمل بناؤه ... حلت بالمكان شاحنة محملة ببعض مواد البناء إلى جانب سيارة مرسديس . بعد فراغهم من الصلاة ، نادى فيهم أحد ، صاحب السيارة ، ويبدو من "علية القوم " ... " ... أنا جبْتْ الطوبيّا والسّيما والياجور .. معا الخدّاما دْياوْلي .. ويلا شيواحدْ شاركْ فهذا الحسنة باشْ يكْمل المسجد ... راه عنْدو أجارْ كبيرْ عندا الله " ، رد عليه شخص يبدو أنه من أفراد "الحسنة" .. " واخّا آلْحاجْ .. راها اجْماعا غدّا السوقْ باشْ مّا سخّاكم الله ..ونْتا آلحاجْ غاتكلّف بكولْشي " .. جمعوا مالا وفيرا ووضعوه في عهدة الحاج الذي كان دوما منشغلا بمكالماته .. وبعد مرور يومين فوجئ السكان ألا أثر لا للأشغال ولا للعمال ولا هم يحزنون !
المال والجنس مصْيدتان
تبعا لاضمحلال القيم الأخلاقية ، وحلول القيم المادية محلها ، لم تعد ؛ أمام الفرد المواطن ؛ حدود للإيقاع بغريمه وبشتى الوسائل ، وأيسر السبل . ويأتي المال في المقدمة ، لكن بعض الأهداف عصية عن الخضوع للابتزاز بالمال ، سيما أصحاب المراكز الإدارية الحساسة ، والوظائف الحكومية . إلا أن هؤلاء ينهارون أمام الإغراء الجنسي ، وهو ما تسلكه العديد من المنظمات والأجهزة الاستخباراتية في العالم للإيقاع بفرائسها ؛ تستخدمها الموساد ومنظمة لاسيا CIA للإطاحة بالرؤساء والشخصيات النافذة عبر الجنس ومشتقاته كالتذرع بالاغتصاب أو التحرش الجنسي أو "التوريط الجنسي"Sexual Implication .
أما في حالة "قايد الدروة" فجد معقدة تضم عدة عناصر : الرشوة ؛ عون السلطة ؛ امرأة بتنسيق مع زوجها ؛ شريط الفيديو ... وقد تكون هناك عناصر أخرى أبعدت لتوجيه مسار الملف إلى حكم معلوم مسبقا ، لكن تنسيق الزوجة مع زوجها لاستدراج القايَد ، وإسقاطه في حبائلها الجنسية ليتم ؛ فيما بعد وبشكل فجائي ؛ ضبط القائد متلبسا بعمل مخل بالحياء ، أو الخيانة الزوجية ، أو الشروع في عملية اغتصاب ، كل هذه الفرضيات ؛ ومهما حاولنا فك رموز شفرتها ؛ ترجح فرضية أن استدراج رجل السلطة للإيقاع به أمر وارد بقوة .
لنخلص إلى القول إن الجنس وأخواته من الاغتصاب ، والتحرش ، والاستدراج .. أصبح يغزو حياة المغاربة كسلاح فتاك ؛ يصوب ؛ بالدرجة الأولى ؛ في وجه الأشخاص الذين باتو يشكلون الهدف الرئيس لكل تدمير من قبل جماعة أو جهة ، أوشخص ما ، ويوظف ـ هذا السلاح ـ نساء ، أو زوجات ، أو فتيات ، أو عاهرات يتقن فن التحايل والإغراء ، والاستدراج ، وتطويع القلوب مهما بدت عصية عن الاستسلام .
صور وأشرطة فيديو مقابل الملايين
من جملة العناصر التي حملتها حالة "قايد الدروة" أن طرفا ما ، وبعد أن عرض لقطات من شريط الفيديو يصور القايد "في حالة تلبس" ساومه هذا الأخير مقابل ملايين الدراهم ، وهذا يؤكد فرضية أن جهة ما ولحساب ما تحتال وتنصب الفخاخ لأشخاص نافذين في السلطة عبر مصْيدة الجنس لقاء أموال أو التنكيل بهم أو إسداء خدمات معينة . وهذه الظاهرة بدأت تنتشر في المعاهد والجامعات بين الطالبات اللائي ينحدرن من أسر ذات "قاع وباع" ، يحتالون عليهن بإغوائهن ، وتصويرهن في وضعيات مشينة ، أو التربص بهن داخل غرف الاستحمام ، أو المكر بهن عبر صور Photoshop لابتزازهن والاتجار بصورهن أو بأشرطة فيديو خاصة بهن .