لاعبو الوداد والرجاء يعلقون على نتيجة التعادل في ديربي الويكلو

الله ياخذ الحق..أول خروج إعلامي لعائلة التلميذ ضحية جريمة قتل بطنجة

سابيتنو ينتقد الحكم صبري بسبب عدم طرد لاعب الوداد ويؤكد: الخصم لم يكن يستحق التعادل

تكريم عدد من القضاة والموظفين السابقين بالمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة

هذا ما قاله مدرب الوداد موكوينا عن التعادل في الديربي

فرحة آيت منا بعد هدف التعادل في مرمى الرجاء

بائعة الحلوى و بائعو الأوهام

بائعة الحلوى و بائعو الأوهام

يوسف عاصم

 

"حكروها...حكروها": هكذا صرخت ابنة بائعة الحلويات بالقنيطرة و هي تبكي بكل قواها بعد أن أضرمت أمها النار في جسدها الطاهر إثر حجز بضائعها و أخذ أموالها من طرف أعوان السلطة و اعتداء " القايد"  عليها، الذي ضربها و لم ينصفها  بحسب رواية الشهود.  سلمت الهالكة الروح  لباريها بعد أن تعففت و فضلت أن تعتمد على نفسها و أن لا تمد يدها للتسول من غيرها. كافحت ظروفها المادية المزرية، و هي أرملة، لا حول ولا  قوة لها، تبيع الحلويات.

على الأقل، هي كانت تبيع الحلويات التي يشترونها منها الكبار و الصغار و يستلذون بمذاقها. أما أنتم، فماذا بعتم لنا؟  هل بعتم لنا أوهاما؟

صوت عليكم الناس في انتخابات 2011 لمحاربة الفساد والمفسدين.  لقد عرفكم الناس بأنكم إسلاميون و أنكم نظيفو اليد، و حملتم عبارة " محاربة الفساد و المفسدين " شعارا لحملتكم. ووعدتهم بإصلاح كل شيء من اجل ضمان العيش الكريم و الكرامة للجميع.  وأوهمتهم الناس بأنكم في مستوى الأمانة و المسؤولية، 

و بأنه بفضلكم تجاوز المغرب مخاطر ما يسمى ب"الربيع أو الخريف العربي".

قلتم في كثير من خطاباتكم  أنكم  تشعرون بالفقراء و تتألمون بسببهم  و بأنكم لا تهنئون إلا بإسعادهم. "مي فتحية" أقدمت على إحراق نفسها، أمام مقاطعة، بمدينة القنيطرة، ضد الظلم و الطغيان و وضعت حدا لمعاناتها و أحزانها. لأنها فقدت الأمل فيكم  و في وطن لم يسعها و لن يسع لغيرها من الفقراء و المقهورين ما دام شعاركم الأخر "ربط  المحاسبة بالمسؤولية"  لم يفعل و ربما قد تبخر في الهواء و انتهت صلاحيته. من يقتص لها، إذن؟ و من يحاسب الذي دفعها إلى إشعال النار في جسدها؟  ألا يدلل فعلها واحتجاجها بهذه الطريقة البشعة أن أسباب الثوران   و الانتفاض مازالت قائمة؟

 إن الاحتجاجات التي يشهدها الشارع المغربي كل يوم، و التي زادت من حدتها قراراتكم ما هي إلا مظهر من مظاهر اليأس و الإحباط الذي يشعر به الناس من النظام السلطوي القائم على قمع الفقراء و محاربتهم في قوت يومهم. الناس تريد أن تعيش و تحيى بقوانين تحميها و تحفظ كرامتها في ظل مؤسسات تسهر على  مصالحها و توفر لها كل شروط العيش الكريم. ما تعرضت له بائعة الحلويات من ظلم و تنكيل  يؤكد بالملموس أن الناس مازالت تساق وتضرب كالأغنام.

في الحقيقة، لم تصل تنميتكم و عدالتكم إلى الطبقات المسحوقة من الشعب. فالمهمشين و المتوسطي الدخل أضحوا أكثر فقرا و بؤسا. فقد زادت نسبة البطالة  في صفوف الشباب الذي لم يعد يثق في وعودكم و أصبح يخرج في مسيرات احتجاجية ضد طريقة تدبيركم للملفات الاجتماعية التي لا تراعي الفئات الهشة من المجتمع بدليل أنكم  أخضعتم الوطن لابتزاز صندوق النقد الدولي و خفضتم من منحة الأساتذة المتدربين و فصلتم تكوينهم عن توظيفهم. رغم كل  هذا التقشف الذي مارستموه على الفقراء و المساكين برفع صندوق المقاصة و الزيادة في المازوت و الغاز وال  و المواد الغذائية و أسعار الماء و الكهرباء، لم تحققوا  النمو  بنسبة 7 في المائة كل سنة كما وعدتم، بل أصبح الاقتصاد الوطني هشا  بفضل سياستكم، و هكذا أغرقتم البلد في مزيد من الديون الخارجية، و بلغت نسبة المديونية لهذه السنة مستويات أكبر بعدما فاقت 28 مليار درهم.

 أفلتم الفرصة التاريخية التي أعطيت لكم و أظهرتم أنكم عاجزون على محاربة الفساد. لم تتجرؤوا على الإشارة  إلى  أوراق باناما و فتح تحقيق حتى  و لو كان صوريا في ملفات  الفساد المدوية.  بينما الثروة يتنعم بها البعض  و تبدد هنا و هناك و تهرب خارج الحدود الجغرافية للوطن،  تمنع بائعة الحلويات من عرض بضائعها  و تضرب  و تهان إلى درجة  أنها لا تستطيع  تحمل الإهانة   و" الحكرة" و تضع حدا لحياتها، و تطالبون الناس بالصبر و الانتظار. إلى متى سيصبرون؟ هل جئتم لسحق الفقراء و حماية الأغنياء؟

في الوقت الذي تجتهدون فيه و تحاضرون بأنه يجب على الدولة أن ترفع يدها على القطاع العام لأنه قطاع ماص للميزانية، فإنكم تحرصون على تسمين رواتبكم و معاشاتكم و ترفعون من أجور العمال و الولاة و القضاة و القياد الذين يستعملون الشطط في السلطة و يضربون النساء و يتحرشون بهم كما حدث مع "قايد" الدروة  و " قايد" القنيطرة.

أوهمتمونا بخطاباتكم العصماء و جعلتمونا نؤمن، و لو لحظة، أن التغيير سيحدث.  جعلتمونا نرسم أحلاما  لا حدود  لها،  لا نستطيع حتى تذكرها الآن، و  بأن كل شيء سيصير إلى الأحسن، و أننا سنتقاسم خيرات البلاد و ثرواتها، و سنعيش في بحبوحة و أريحية مادية، و سنطرد الفقر من وطننا  كما فعلت دول أخرى مثل تركيا التي أخذتم منها اسما لحزبكم و لم  تتعلموا منها  فعلا  سياسيا  في شجاعتها و رباطة جأشها و حنكتها في محاكمة الفاسدين الذين أفرغوا خزينة الدولة. ضيقتم على الفقراء في معيشتهم و جعلتهم يدفعون من جيوبهم و يضحون لإصلاح أخطاء اللصوص من الأغنياء الذين سامحتم و قلتم لهم: " عفا الله عما سلف". 

إذا كانت السماحة مع المفسدين الذين يسرقون ثروة البلاد و يهربونها دون أن تحاسبوهم و دون أن  تستردوا الثروة منهم، فلماذا  لا تتركوا  الفقراء و المساكينن- وهم لا يسرقون - مثل بائعة الحلويات يسترزقون على الله في الطرقات؟

 إن القمع  يغذي بذور الانتفاض و الاحتجاج و يجعل الناس يثورون بكل الوسائل في وجه من يتسلط عليهم و ينكل بهم.  الناس لا تمشي على بطونها و لا تحتاج إلى الكثير من الخبز لتعيش. كل ما تحتاجه أن يتعامل معها بكل إنسانية حتى لا تكون ردود أفعالها عنيفة و غير طبيعية.  غامرتم  بالوطن في مقاربتكم المخزنية لثني الأساتذة المتدربين عن مطالبهم المشروعة. و لولا يقظتهم و وعيهم لاصج مستقبل البلاد في خبر كان.

 بعتم لنا أوهاما و جعلتمونا ننام في سبات عميق نرى فيه أحلاما تحولت إلى كوابيس حتى استيقظنا على واقعة أم تحرق نفسها، و أعوان السلطة يتفرجون عليها و يصورونها  بهواتفهم النقالة   و لا يقدمون لها   يد  المساعدة بعد أن أخذوا حلوياتها و نقودها و عنفوها،  حتى أنقذت من طرف صبي كان مارا بالصدفة من أمام المقاطعة،  و لكن مع ذلك لم تجد من يسعفها و يعتني بها في المستشفى لأنها يجب أن تدفع المال قبل أن تطبب و تتداوى من حروق الفقر و الإستبداد و القهر و" الحكرة "  في وطن  كانت فيه غريبة  و  رحلت عنه غريبة، و  لم يكن يعدها بشيء غير أوهام لا تموت.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات