أخبارنا المغربية - و م ع
قال محمد بنعتو ، الأستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير، إن الجهوية المتقدمة تعد لبنة أساسية للتنمية والإعداد الترابي والبناء الديمقراطي.
وأضاف السيد بنعتو، في مداخلة بعنوان "الجهوية المتقدمة بين التنزيل والعولمة وإكراهات التطبيق" أطرها ضمن فعاليات المنتدى الإقليمي الثالث حول الجهوية المتقدمة الذي نظمته اليوم الخميس بمدينة أسا المنسقية الجهوية لوكالة التنمية الاجتماعية بكلميم واللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بإقليم أسا الزاك ، أن الجهوية المتقدمة هي خيار للتنمية والبناء الديمقراطي على أسس من التشارك والتعاقد وتشجيع الفاعل المحلي ليكون في مستوى رهان العولمة التي أضحت اليوم تتطلب تحديثا ترابيا ومقاربة جديدة وقضايا كبرى لاسيما في مجال البيئة خلال مشاريع ضخمة كالطاقات المتجددة.
وأشار إلى أن الجهوية المتقدمة هي "استحقاق" يتعين دعمه وأن يمارس وفق مجموعة من الشروط المواكبة لتنزيل هذه الجهوية وتفعيلها بمقاربة مستدامة، ومنها تجنيد وتأهيل الفاعلين المحليين وانخراطهم في العملية التنموية وجعل المشروع التنموي مشروعا مجتمعيا وكذا أن تكون للتنمية الاستثمارية قيمة "استردادية" تنعكس على المجتمع .
وبخصوص رهانات تطبيق الجهوية المتقدمة، أكد الأستاذ الجامعي أنه ليس من السهل تنزيل هذه الجهوية والاشتغال عليها بدون مرحلة انتقالية والعمل على تكوين وتأهيل الفاعلين لهذه العملية بطريقة أفقية تمكن من المرور إلى نظام حكامة ناجع وفعال وتجاوز نظام حكامة عمودي أثر على منظومة إعداد الترابية طيلة عقود.
من جهته، أكد الباحث الجامعي حسن بنحليمة، وهو عميد سابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، في مداخلة بعنوان "الجهوية في المغرب بين التجذر التاريخي ومتطلبات التنمية الترابية المعاصرة" ، أن الجهوية المتقدمة هي مشروع "مستقبلي" يتطلب ابتداع أساليب وصيغ جديدة لإنجاح النموذج التنموي الجهوي وانخراط الفاعلين المحليين في هذا الورش وكذا تأهيل الموارد البشرية وتعبئة الموارد المالية بمختلف جهات المملكة وذلك بالنظر لاختصاصاتها الجديدة التي ستمكنها من إيجاد نماذج ومخططات تنموية .
ومن جهة أخرى، وبعد أن تطرق إلى مفهوم الجهة والجهوية عبر تاريخ المغرب، استعرض الباحث الجامعي مختلف مراحل التدبير الترابي بالمغرب الذي عرف تجارب في مجال التدبير المركزي والمحلي لعقود حيث تعاقبت عليه عدة حضارات والكثير من السلالات الحاكمة وصولا إلى فترة ما بعد الاستقلال التي عمل المغرب خلالها على إيجاد تقطيع ترابي جديد لتدبير الساكنة على مستوى الأقاليم وتجاوز معضلات التقسيم الذي خلفه الاستعمار ، ثم بعد ذلك ومنذ السبعينيات من القرن الماضي اعتماد تقسيم ترابي يقوم على الجهة وصولا إلى التقسيم الجهوي الجديد المبني على النموذج التنموي الجهوي. وكان عامل إقليم أسا الزاك حسن صدقي قد أكد، في الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى الذي نظم تحت شعار "الجهوية رافعة للتنمية المحلية بإقليم أسا الزاك"، أن تنظيم هذا المنتدى يهدف إلى تشجيع الفاعلين المحليين والجهويين على التفكير حول وقع الجهوية المتقدمة ودورها في تحقيق التنمية المحلية بالإقليم وخلق فضاء لتبادل وتقاسم التجارب في مجالات ذات صلة بالتنمية المحلية بالإقليم.
وأضاف أن هذا اللقاء يهدف أيضا إلى تعزيز دور الجهوية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجالية وإشراك المواطن في تسيير الشأن العام لتحقيق التنمية الجهوية، مشيرا إلى أن الجهوية المتقدمة تعد الحل الأمثل للاستجابة لمطالب هذه التنمية وفق نموذج يؤسس لعدالة مجالية تقوم على الرهان الاقتصاد والسياسي.
من جهته، أكد المنسق الجهوي لوكالة التنمية الاجتماعية بكلميم السيد عبد الله بريك، أن المنتدى يندرج في إطار أجرأة أنشطة برنامج "ارتقاء" لتقوية قدرات الجمعيات بإقليم أسا الزاك والذي يهدف إلى المساهمة في تمكين الجمعيات من المشاركة الفعالة في وضع وتفعيل وتقييم البرامج الاجتماعية العمومية وذلك غبر تأهيل هذه الجمعيات والرفع من جودة تدخلها وأدائها من أجل تحقيق أهدافها.
من جانبهما ، أبرز ممثلا المجلسين الإقليمي والجماعي لأسا دور المجتمع المدني في مجال مأسسة الشراكة مع المتدخلين في السياسات العمومية على المستوى الترابي، داعين إلى تقوية قدرات الجمعيات حتى تتمكن من لعب دورها بشكل كامل، ومثمنين كل المبادرات التي تروم إشراك فعاليات المجتمع المدني حتى تكون في مستوى التخطيط والمواكبة باعتبار الأدوار الموكولة لها دستوريا.
ويأتي تنظيم هذا المنتدى في إطار تفعيل المحور الثاني من برنامج "ارتقاء" لتأهيل النسيج الجمعوي بإقليم أسا الزاك، والمنجز من طرف وكالة التنمية الاجتماعية بشراكة مع اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بالإقليم ووزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، والذي يهدف إلى تقوية قدرات الجمعيات العاملة بالإقليم.
ويروم هذا المنتدى أيضا تشجيع الفاعلين المحليين والجهويين على تعميق النقاش والتفكير حول واقع الجهوية المتقدمة ودورها في تحقيق التنمية المحلية المستدامة بالإقليم.
ونظمت في إطار أشغال هذا المنتدى، الذي حضره عدة فاعلين وشركاء محليين وجهويين وأساتذة وباحثين جامعيين ومسؤولين بالإدارات العمومية وفاعلين اقتصاديين وممثلين عن السلطات المحلية والمجتمع المدني، ورشات تمحورت حول "الجهوية والتنمية المحلية"، و"الجهوية والحكامة الجيدة"، و "الجهوية والتراث اللامادي".