أخبارنا المغربية
الصوم لغةً هو الإمساك، واصطلاحاً هو الامتناع نهاراً عن كل ما يدخل الجوف بطناً أو ما له حكم البطن وعن شهوة الفرج بنيَّة أهله. بشكلٍ أساسي؛ فإن كل ما يدخل الجوف أو ما كان في حكمه أو جِماع الرجل زوجته في نهار الصوم يبطل الصوم لقوله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل)، فما أباحه الله في ليلة الصوم يكون ما يُمنع على الصائم فعله من أكلٍ وشربٍ وجِماع. وتنقسم مبطلات الصوم إلى أربعة أنواع، الأول يوجب القضاء والكفارة مع وجود الإثم، وهو محصور في الجِماع في نهار الصوم، وتجِبُ الكفَّارة على الرجل دون المرأة كما رأى جمهور العلماء. والنوع الثاني يوجب القضاء ولكن دون إثمٍ ولا يوجِب الكفَّارة، وهو في حالة الحيض والنفاس للمرأة، فلا يجوز لها أن تصوم، ولكن تقضي ما أفطرت به من أيام.
والنوع الثالث يوجب القضاء مع عظيم الإثم ولاكن دون كفارة، وهو الإفطار عمداً في نهار الصوم، كأن يأكل أو يشرب عامداً متعمِّداً، ويدخل في هذا النوع التدخين وشم السعوط واستمناء الرجل أو إنزاله لمنيِّه بيده عامداً أو بسبب مداعبة زوجته أو ملامستها، أما إذا اكل أو شرب ناسياً فلا شيء عليه ويتم صيامه وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من نَسِيّ ـ وهو صائم ـ فأكل أو شرب، فليُتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه). والقيء عمداً يُبطِل الصيام لقوله صلى الله عليه وسلم (من ذَرَعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فَلْيَقض)، أي مَن تقيَّأ مرغماً بدون قصد فيتمُّ صيامه ولا قضاء عليه لأن صيامه لم يَبطُل. وهذا النوع خطيرٌ جداً، ففيه تعمُّدٌ للإفطار، وقد اعتبره شيخ الإسلام أحم بن تيمية من الكبائر، كذلك وقال الإمام الذهبي في الكبائر: وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مُقَرَّرٌ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَنَّهُ شَرٌّ مِنْ الزَّانِي وَمُدْمِنِ الْخَمْرِ بَلْ يَشُكُّونَ فِي إسْلَامِهِ وَيَظُنُّونَ بِهِ الزَّنْدَقَةَ وَالْإِلْحَادَ. وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ)، لِما له من غِلظة شديدة ونكران. والنوع الرابع يوجب القضاء دون كفارة أو إثم، مثل الأدوية التي تتناول عن طريق الفم أو الشم أو الوريد، ومكياج النساء إذا دخل الجوف.
أمّا من أفطر مخطئاً سواء بأكلٍ أو شربٍ أو جِماع فلا قضاء عليه، كأن يتسحَّر أو أن يُجامع ظاناً أن الفجر لم يبلغ بعد، ثم يتبيَّن أنه أخطأ في تقديره دون تعمُّد، فلا قضاء عليه ولا كفارة عند جمهور العلماء، واستدلُّوا على ذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللهَ وَضَعَ عنْ أُمَتي الخَطَأ والنِسيانَ، ومَا اسْتُكرهوا عليه)، وفيه أيضاً مَن أُكرِه على الإفطار فلا شيء عليه، لأنه أفطر مرغماً عنه وليس بإرادته. أما المعاصي التي يعملها الإنسان وهو صائم فهي لا تُبطِل الصوم، ولكنها تذهب بأجره وثوابه، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).