أخبارنا المغربية - و م ع
تم مساء أمس الخميس بالرباط، تقديم مؤلف "مسار جد طويل .. احاديث للاجئين بالمغرب" للكاتب المغربي جليل بناني، وذلك خلال لقاء نظم بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، بحضور شخصيات بارزة.
وشكل هذا اللقاء، المنظم من قبل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة "لا كروازي دي شومان"، ناشرة هذا الكتاب، مناسبة لتسليط الضوء على القصص التي طبعت مسارات لاجئين بالمغرب.
ويرسم جليل بناني في هذا المؤلف من الحجم الكبير، عبر سلسلة لقاءات أجريت بين شتنبر 2015 ومارس 2016، بورتريهات لـ30 لاجئا بالمغرب، منهم 20 رجلا و10 نساء ينحدرون من 16 بلدا ومناطق مختلفة (أفغانستان وبوروندي والكاميرون ووسط الصين والكونغو وكوت ديفوار، وإريتريا، والعراق، وليبيريا، مالي، فلسطين، السودان، سورية وتشاد واليمن)، ويقيمون في مدن مختلفة بالمغرب، كالرباط، والدار البيضاء، والقنيطرة، ووجدة، ومراكش، وأزرو وغيرها.
وتعكس البورتريهات المذكورة في المؤلف أشخاصا يتطلعون للاندماج، وهم أهل لذلك، دون أن يخفوا، مع ذلك، معاناتهم المرتبطة باللجوء وبتحديات الاندماج. وتترافق قصصهم بمجموعة من الصور التي التقطها المصور محمد كيليطو، وهو ما يعطي مزيدا من القوة لهذه القصص. وفي كلمة بالمناسبة، أكد مؤلف الكتاب جليل بناني، أن هذا "المشروع الرائع" يرسم مسارات استثنائية، مشيرا إلى أنه أتاح له معرفة الكثير عن هؤلاء اللاجئين، وثقافتهم والظروف التي أدت بهم إلى اللجوء.
ومن جهة أخرى، لفت الانتباه إلى أنه "امتنع عن تقديم أي تأويل لاعترافات محاوريه، فاسحا المجال للكلمات لكي تفي بالتعبير وللمتلقي إمكانية تحديد قراءته الخاصة".
ومن جانبه، اعتبر أنيس بيرو الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، أن الأمر يتعلق بكتاب غني بالتجارب الإنسانية المروية من طرف أشخاص شجعان منذ بدء مسار لجوئهم انطلاقا من بلدهم الأم إلى انخراطهم في في مسار الاندماج بالمغرب، وهو ما يظهر أن القيم الإنسانية "تجمع بيننا على الرغم من اختلافاتنا الدينية والثقافية".
وحرص على التأكيد على أن السياسة الوطنية الجديدة المتعلقة بالهجرة واللجوء، التي أطلقت بتعليمات ملكية سامية، تنبني على مقاربة واضحة وإنسانية وشاملة أعطت الأمل لآلاف المهاجرين واللاجئين في مستقبل أفضل.
ومن جهته، قال ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن هذا الكتاب الذي حظي بسرد قصص للأمل والشجاعة، "سيدفعنا إلى التفكير في أننا داخل وضعية جيو-سياسية جديدة تطبعها أزمة لجوء وتعاظم للنزاعات بالشرق الأوسط"، مثيرا في نفس الوقت، إشكالات تتعلق بقضايا اللاجئين على المستوى الإقليمي وبالهجرة (جنوب -جنوب).
كما شدد على ضرورة إظهار المزيد من التضامن في ظل هذه الظرفية المعقدة والتفكير وبحث سبل كسب رهان "بناء مجتمع تنتشر فيه قيم الإنسانية وقبول الآخر".
من جهته، أوضح ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، جان بول كافالييري، ان فكرة هذا الكتاب نشأت، منذ سنة خلت، خلال نقاش حول التعددية الثقافية، مشيرا إلى أن 30 لاجئا الذين يتحدثون في هذا المؤلف ليسوا أعباء إضافية بقدر ما يشكلون موارد تساهم في إثراء بلد الاستقبال".
وأوضح أنه من خلال القصص المروية في هذا الكتاب، تثار قضايا تتعلق بانعدام الثقة والعداء، ولكن أيضا بالتعاطف والثقة والتضامن وبمجتمع مغربي ميال إلى الترحيب بالآخر واستضافته، مؤكدا أن مسار التعددية الثقافية يبقى طويلا، لكن المغرب انخرط فيه منذ وقت طويل، معطيا "دروسا في فن الحياة والعيش المشترك". أما مدير دار نشر "لا كروازي دي شومان"، عبد القادر رتناني، فأشار إلى أن هذا الكتاب، الذي يتضمن شهادات قوية مجردة من أي ديماغوجية، سيمكن من الوقوف في وجه الصور النمطية والأحكام المسبقة حول اللاجئين.
وأضاف أن هذا الكتاب يعد "سفيرا حقيقيا في الخارج"، ويهدف إلى التعريف بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال اللجوء والهجرة باعتباره بلد استقبال للاجئين.
يذكر أنه سبق للكاتب جليل بناني، الذي يعمل في مجال الطب النفسي كطبيب ومحلل، أن اشتغل على قضايا الهجرة.