نورالدين الطويليع
لم أزل مبهوتا أضرب أسداسا في أخماس, مستغربا الكيفية العجيبة التي جعل بها رجب طيب أردوغان الانقلاب يولي مدبرا دون أن يعقب, طرحت أكثر من علامة استفهام حول قياسية الفترة الزمنية التي حسم فيها الرجل المعركة مسدلا الستار عن مشهد قدر له أن يمر مر البرق الخاطف, وأنا محتجز في غرفة تساؤلاتي وحيرتي, أطلت من الشباك صفحة فيسبوكية, قطعت شكي بيقينها, فرمت بعيدا علامات استفهامي, وجاءت بالجواب مشعا كفلق الصبح إذ ينشق من ظلمة اللليل، حينما أرجعت الحسم والانتصار إلى استعانة أردوغان ببركة رجال حزب العدالة والتنمية الصالحين, الأحياء الذين ينتظرون, والأموات الذي قضوا نحبهم, فحسب هذه الصفحة لم يكن لأردوغان أن ينتصر لولا استدعائه للمرحوم عبد الله بها من قبره, وطلبه إعارته حكمته, لتكون له بلسما يقيه حر صدمة الانقلاب, وتجعله راسخا ثابتا كالجبال التي لا تهزها ريح مهما كانت درجة انقلابيتها, ولأن هذه الحكمة تحتاج إلى رزانة فقد عمد الرجل إلى التوسل من حاملها السيد سعد الدين العثماني ليعيره إياها, لأن قلبه صار هواء, ولأن نفسه فقدت كل شيء واستحالت هباء, ورغم تفضل روح الرجلين بمنحه هاتين الصفتين اللتين تبقيان ماركة مسجلة باسمهما, فإنه بقي مفرملا, شاخص البصر, لا يرتد إليه طرفه, كجلمود صخر, هاهنا تقول الأسطورة بأن السيد عبد العزيز أفتاتي
تدخل على جناح السرعة ليبث في الرجل الحياة وينفخ في جسده الموات روح المواقف التي تزيح الجبال وتهد الصخور, فتحرك من مكانه, وقد دب دبيب الفعل في تفكيره, ولم يبق له إلا أن يصدر الأمر إلى الشعب بمحاصرة الانقلابيين والقضاء عليهم, لكن افتقاده إلى كاريزما القائد حال دونه ودون هذا, ففكر وقدر, ثم قال لمغاوير العدالة والتنمية المغربي:" أكملوا حسنتكم, وامنحوني صفة القائد", وحينها اتجهت الأنظار صوب القائد المغوار السيد عبد الإله بنكيران الذي لا صوت يعلو فوق صوته في هذا المقام, وبما أنه يعرف قدره القيادي العالي الشأو, فقد رمى بشيء من روحه القيادية إلى الرجل, لتكتمل عناصر الفعل المضاد للانقلاب لديه, وليصير بهذا الخليط السحري صاحب حكمة ورزانة وموقف وقيادة, وهي العناصر التي تؤكد الأسطورة أنها كانت حصان طروادة الذي صال وجال وقضى على الانقلاب والانقلابيين قبل أن يرتد إليهم طرفهم, وتؤكد بأن الفضل كل الفضل في ذلك يرجع إلى حزب العدالة والتنمية المغربي الذي, تضيف الأسطورة, أنه لو استعان به محمد مرسي لما غلبه الانقلاب, ولما أسقط حكمه.