مغاربة: الجزائريون خوتنا والنظام الجزائري خصو يعرف أن إكرام لاعب اتحاد طنجة الميت هو دفنه

صوفيا طالوني تضع شكاية جديدة بولد الشينوية

أخنوش من قمة المياه الواحدة بالرياض: تعبئة الموارد المائية مسألة استراتيجية بالنسبة للمغرب

منظمة النساء الاتحاديات تسلط الضوء على موضوع "العنف ضد النساء والفتيات ومؤشرات التنمية"

حموني يشيد بالتفاعل الإيجابي لوزير التشغيل مع تعديلات المعارضة ويكشف موقف حزبه من قانون الإضراب

قانون الإضراب يشعل نقاشا ساخنا بين الأغلبية والمعارضة البرلمانية

المصباح و الإخوان , لعبة الدين و السياسة.

المصباح و الإخوان , لعبة الدين و السياسة.

يوسف سعداني

 

إن  القراءة الدقيقة و المعمقة لأداء حزب العدالة و التنمية المغربي  تستدعي و ضع الأمور في سياقها الأوسع , أي دراسة الحزب كجزء من نوع خاص من الإسلام الحركي المتمثل في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين , لأنه وإن ادعى منتسبوا العدالة و التنمية أن لا علاقة تنظيمية بينهم و بين التنظيم السالف الذكر , إلا أن المراقب لا يمكنه إلا أن يؤكد وجود  هكذا علاقة , فإن غاب الترابط التنظيمي – رغم أني مؤمن بوجوده – حضر الترابط العضوي وهذا لا يخفى على أحد , ويكفي أن تطلع على لائحة المدعوين لأي ملتقى وطني للحزب أو لحركة التوحيد و الإصلاح و شبيبتهما , لتعرف مدى عمق و صلابة العلاقة التي نتحدث عنها , هذا ناهيك عن الاشتراك في نفس أدبيات الممارسة السياسية و اعتماد نفس البنية التنظيمية التي تمزج بين السياسي و الدعوي مع مركزية العمل التربوي في أوساط الشباب و اليافعين  لحشد الأتباع و المؤيدين. 

منذ تأسست حركة الإخوان المسلمين على يد مؤسسها و رائدها الأول  حسن البنى و هي تسعى للوصول إلى الحكم و التمكين ,  ثم مضى عليها ثمانية عقود طوال قبل أن تحقق ذلك , مارست خلالها كل أنواع الممارسات السياسية الممكنة , من العمل الدعوي , الى العمل الخيري , الى العمل السري المسلح , الى الممارسة السياسية المتلبسة بلبوس التقوى و الورع خدمة لأهداف الحركة في الوصول إلى سدة السلطة و الحكم , إلا أن كل محاولاتها تلك فشلت , وانتظرت سنة 2011 و موجة الربيع العربي – الدمار العربي – لتحقق أمنيتها الغالية القديمة تلك , فوصلت إلى الحكم عبر مرسي في مصر و النهضة في تونس و حزب العدالة و التنمية في المغرب - أما الأردوغانية السياسية فقد سبقت الجميع إلى الحكم سنة 2003  - و في البلدان التي غاب عنها الاستقرار شكلوا فيها كتائب مقاتلة , كلواء التوحيد بحلب السورية الذي انحل بموت قائده عبد القادر صالح  " الحاج مارع " , و كتائب كثيرة في ليبيا خصوصاً ببنغازي و طرابلس , ولا ننسى مليشيا حزب الإصلاح في اليمن , أما حركة المقاومة الإسلامية حماس فتبقى لها خصوصيتها و فرادتها لأسباب كثيرة أهمها مركزية قضية فلسطين و تصويبها البندقية لعدو العرب و المسلمين.

راكمت الحركة  تجربة حركية غنية في العمل الحركي الإسلامي , و لجأت الى أكثر الأساليب تأثيرا في الشباب المسلم , وهي الدعوة إلى الله أي جعلت من التربية الدينية وسيلة و مطية لحشد الأتباع و المؤيدين من شباب المسلمين , هذه التربية الدينية الكثيفة و الموجهة هي التي سمحت للحركة بالاستمرار أولا , و سمحت لها بخوض معارك نضالية طاحنة ثانيا , دون أدنى تمرد أو تململ من هؤلاء الشباب , ولنا في موقعة رابعة خير دليل على ذلك , إذ كل شخص عارف بألف باء السياسة يعرف أنها معركة خاسرة , فكيف لحشود بشرية مهما بلغ عددها أن تواجه جيشا هو الجيش الأقوى عربياً  و خلفه مجموعة كاملة من رجال الدين و القنوات التلفزيونية و رجال الأعمال و السياسيين , وبطبيعة الحال قطاع شعبي واسع من المصريين , ولكن الحركة أصرت على تجيِّيش الشباب بخطابها المعهود ,واعدة إياهم بالنصر و التمكين , فكانت النتيجة ذلك الكم الهائل من الضحايا والمعتقلين , و المنفيين و المطاردين , ولكن ويحق للقارئ التساؤل ما مصدر هذه التبعية وهذا الإيمان الراسخ بالجماعة و خياراتها السياسية حتى و لو حادت عن المنطق  السياسي السليم و الخيار الاستراتيجي الصحيح ؟

يؤدي التوجيه و الإرشاد الديني المركز من طرف قيادات حركية و فقهية بعينها , إلى إصباغ نوع من القداسة على كل رأي يصدر عن تلك القيادات , فالتربية و التنشئة الحزبية هي عملية بناء مستمر و متدرج للفرد و قناعاته , عملية يتم بواسطتها ومن خلالها بناء شخصية الفرد لا على أساس قداسة القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة – و هو ما يقدسه كل مسلم – بل على أساس الفهم و التأويل الخاص بالجماعة و علمائها , و كأي عملية تربوية دينية و سياسية موجهة , يتم إسباغ صفات التقوى و الورع و نكران الذات على الزعامات و القيادات من المربين , وهو حق مكفول لكل معلم على متعلميه , لكن هذه التربية ليست ككل تربية و هذه الدعوة ليست ككل دعوى , فالداعي يدعوا الناس إلى الله لا إلى نفسه و المربي يبني و ينمي شخصية و خصال تلاميذه ليستقلوا بذواتهم لا ليجعل منهم أتباعاً و مؤيدين , ثم إن الولوج القصري  للشباب و اليافعين الى السياسة من بوابة قداسة الدين و طهرانية التنظيم  يحول القرارات الحركية و السياسية الى قرارات مقدسة لا تناقش , ولا يطعن في صوابيتها إلا عدو للإسلام و التجربة الإسلامية , وهذا ما يفسر قلة الاحترام ونظرة الدونية و الاحتقار التي يبديها أنصار هذه الحركات اتجاه الخصوم و المعارضين.  ولا نغفل هنا الدور الكبير لاستفادة الحركة من الدعم المالي السخي لدولة كقطر , و من الدعم الإعلامي لشبكة إعلامية عالمية كالجزيرة , ومن الاحتضان و الدعم السياسي لدولة كتركيا , و بالطبيعة الحال من الفتاوى الجاهزة على المقاس لشيخ كيوسف القرضاوي  رئيس الاتحاد العالمي لعلماء – الإخوان - المسلمين  , والذي هدر وأباح دم خمسة رؤساء عرب على الأقل في انحياز سافر للأجندة الإخوانية في العالم العربي . هنا يحق للقارئ التساؤل  , ما علاقة كل ذلك بالمغرب و بحزب العدالة و التنمية ؟

ينتمي حزب العدالة و التنمية الى نفس الخلفية الفكرية و الأيدلوجية  للإخوان المسلمين , وتعمل هيئاته الحزبية على نفس القواعد  و تؤسس نشاطها على ذات المبادئ و الأركان , فهنا نجد تفسير كل هذا اليقين بالحزب و سياساته و قياداته , وهنا أيضا نجد المبرر لكل تلك النظرة الدونية للمعارضين  و المنافسين السياسيين , وهنا أيضا نجد سبب إيمان المناصرين و الأتباع بكل المعارك السياسية التي يخوضها الحزب سواء كانت رابحة أو خاسرة , عادلة أو ظالمة , بل وهنا أيضا نجد سبب اعتمادهم المنطق التبريري و الذرائعي في الدفاع عن الحزب و سياساته كيفما كانت الأحوال و الظروف.

بنى حزب العدالة و التنمية المغربي برنامجه الانتخابي سنة 2011 على محورين رئيسيين أحدهما محاربة الفساد و الثاني تحقيق النهضة التنموية و الإقلاع الاقتصادي بالبلاد , و ذلك من خلال محاربة كل أشكال اقتصاد الريع و الانتفاع الانتهازي من مقدرات الاقتصاد المغربي من جهة , و من خلال تعزيز الحكامة الجيدة و تقوية التنافسية الاقتصادية من جهة أخرى , إلا أن واقع الحال كان غير ذلك تماماً , فبعد أن وعد الحزب بتحقيق نسبة سبعة بالمائة كنمو سنوي ها هي أكثر التوقعات الرسمية تفاؤلا تتوقع تحقيق نسبة واحد و نصف بالمائة كنسبة نمو هذا العام , أما محور محاربة الرشوة و الفساد  فكان الإخفاق فيه أكبر من سابقه فلازال منطق الإقطاع و الاستفادة الاحتكارية هو السائد و المسيطر في ضرب كامل لمبادئ المنافسة الاقتصادية الحرة و التي تعد اللبنة الأساس في جلب الاستثمارات و تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب و المحليين . ناهيك عن الفشل في ملف التشغيل و محاربة البطالة , بل إن الحزب لم يتورع عن الالتزام التام بتوجيهات صندوق النقد الدولي اللاشعبية  التي كان لها تأثير سلبي كبير على الطبقية المتوسطة و مستوى معيشتها كإصلاح أنظمة التقاعد      ( رفع سن الإحالة على التقاعد الى 63 سنة بدل 60 مع زيادة نسبة مساهمات المنخرطين و تخفيض رواتب المتقاعدين) و إلغاء نظام الدعم عن المواد الأساسية ( صندوق المقاصة) الخاص بالمواد الغذائية و المحروقات . وهنا يصبح التساؤل منطقياً , إذا كان هذا واقع الحال فعلى ماذا يبني الحزب فعالية عمله الحزبي و قوة ممارسته السياسية؟

تلعب حركة التوحيد و الإصلاح دوراً محوريا في رفد الحزب بالأتباع و المؤيدين باعتبارها الذراع الدعوي للحزب الذي يهتم باستقطاب الشباب و تأهيلهم للانخراط في صفوف الحزب و هيئاته لا على أساس سياسي بل على أساس دعوي عقائدي أساسه احتكار الحقيقة و الثقة العمياء بالقيادات بما يتنافى مع أبسط أدبيات العمل السياسي المسؤول المبني على العقلانية و الاختيار الواعي  للسياسات و الانتماءات , موظفين بذلك أحاديث و آيات نزلت في أهل الكفر و النفاق لا في أبناء الوطن الواحد و الدين الواحد في سطوّ فج على دين الله و تغرير فاضح بالشباب من المناصرين و المؤيدين .

حزب العدالة و التنمية , كبقية التنظيمات العقائدية و الراديكالية الأخرى , تسلق شجرة الحكم لا لينزل عنها من جديد وهو مثلها تماما , مستعد لبذل الغالي و النفيس للبقاء في الحكم وللاستمرار في السلطة . لكن الحزب يعاني من إشكاليات حقيقية تفرضها فرادة النظام السياسي المغربي من جهة و البنية الداخلية للحزب من جهة أخرى , فالنظام الانتخابي المغربي لا يخول أي حزب الحصول على الأغلبية المطلقة لوحده مما يجعله يدخل في تحالفات مع أحزاب كان يراها و يصورها لأتباعه على أنها فاسدة مفسدة , و من جانب آخر فالحقل الديني هو تحت الرئاسة الروحية للملك باعتباره حسب منطوق الدستور  أمير المؤمنين أي يتحول الحزب بموجب ذلك الى فاعل هامشي في الحياة الدينية للمغاربة .  هذه التناقضات فرضت عليه صرف انتباه مؤيديه عن ما جمعهم أصلا به ولأجله و هو المرجعية الإسلامية و إقامة الحكومة الإسلامية  بالمغرب إلى السعي خلف البقاء في الحكم و النفاذ إلى مفاصل القوة في النظام و مراكز النفوذ بالدولة ,  و هو ما لا يستقيم إلا بانجازات حكومية , تستهدف الفئات الاجتماعية التي ينتمي إليها مناصروه و مؤيدوه أي الخزان الانتخابي للحزب , وهنا يبرز تناقض و إشكال آخر , أي الاصطدام بفئة رجال المال و الأعمال و أعيان النظام من النافذين , فأي إجراء يستهدف الأغلبية المسحوقة و المغلوبة على أمرها يعني بالضرورة المس بمصالح الفئات النافذة و المهيمنة و التأثير على امتيازاتها و مكتسباتها و هو ما قد يشكل تهديداً وجودياُ للحزب و مشروعه الوليد. و هنا يحق للقارئ التساؤل ما القصد من كل هذا الكلام ؟

توافقت البشرية على الديمقراطية لضمان الحرية و المساواة , و اعتنق البشر مختلف الديانات لإعطاء معنى للحياة و إيجاد الإجابات لتساؤلات ما قبل و بعد الحياة , فلب الإنسانية التسامح , و جوهرها قبول الآخر , و مداها السعي في الخير للناس كل الناس ... لا يمكن للإيمان بالله أن يكون تعصباً , ولا للتحزب أن يكون تطرفاً  , و بما أنه لا أحد يحتكر الحقيقة فلنقبل الآخر كجزء من الواقع و كممتلك لبعض الحقيقة , فدين الله يجمع و لا يفرق ,  و المواطنة انتماء لوطن لا تحزب لحزب في الوطن , و الأمة هي الأمة كلها مجتمعة لا  تنظيم أو جماعة , أما  الشباب فهو الغد الواعي و المستقل لا مشروع تابع أو بضاعة.

 


عدد التعليقات (1 تعليق)

1

عابر سبيل

كلام أكل الدهر عليه و شرب ، و موضوع من لا م وضع له ، كتابات و خربشات المراهقة الفكرية و " الكتاب" المبتدئين .

2016/08/13 - 06:38
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات