استياء الكازاويين من فرض رسم 70 درهما لدخول ساحة مسجد الحسن الثاني

سلطات شفشاون تعطي الانطلاقة الرسمية لوحدة فندقية جديدة

تحويل شقق وسط حي شعبي بطنجة إلى أوكار للدعارة يخرج الساكنة للاحتجاج

من غلاسكو إلى الرياض.. اعتراف دولي بقوة المؤسسات الأمنية المغربية

شحتان: بطاقة الملاعب ستحد من المتطفلين على الميدان ويوسف مجاهد: مبادرة جيدة من أجل الرقي بالمهنة

جمعية الثقافة الإسلامية ومؤسستها بتطوان يحتفلون بذكرى المسيرة الخضراء المضفرة

مسيرة الأحد ....من حفر حفرة سقط فيها

مسيرة الأحد ....من حفر حفرة سقط فيها

خالد المساوي

شهدت مدينة الدار البيضاء اليوم الأحد 18 شتنبر، مسيرة مليونية بدون ملايين، جابت بعضا من شوارعها، ضمت حسب تقارير صحفية حوالي 7000 مشارك حلوا بالعاصمة الإقتصادية من عدة مدن، جاءوا على متن حافلات تجاوز عددها 100 حافلة و بعض سيارات الأجرة، حملوا فيها شعارات عديدة، مثل لا لأسلمة الدولة و أخونتها، ليسقط بن كيران، وإرحل يا بن كيران،و حماية البرلمان من السلفيين و الإسلاميين و منعهم من الترشح للإنتخابات المزمع تنظيمها في السابع من أكتوبر القادم، و نعم للحداثة و التقدم و الديمقراطية.

كان على الجهات المنظمة لهذه المسيرة أن تكون أكثر ذكاء، وتكف عن شحن الناس البسطاء في الحافلات، و دكهم في سيارات الأجرة، وعن إستغلال طيبتهم و حاجتهم و قساوة ظروفهم الإجتماعية، كأن المغرب لا زال يعيش عصر السيبة وعصر لا قانون، في صراع سياسي مع حزب العدالة والتنمية ممثلا في أمينه العام عبد الإله بن كيرانحول السلطة و توزيع النفوذ.

كان من الأجدر أن تكون مسيرة الأحد ضد الفقر و التفقير، وضد السرقة و نهب المال العام، أن ترفع شعارات مطالبة باستقلال القضاء و تعزيز دولة الحق و القانون وبناء دولة المؤسسات، و إصلاح التعليم، و توزيع الثروة توزيعا عادلا وخلق تنمية إقتصادية،بدل الدعوة لعدم أسلمة الدولة، و المغاربة في الأمس القريب صوتوا بنسبة %98.47 على دستور ينص في فصله الثالثعلى أن "الإسلام دين الدولة، و الدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية". أن تدعوا إلى تنظيم إنتخابات شفافة و نزيهة، يسمع فيها صوت المواطن، و تحترم فيها إرادته و يأخذ فيها على محمل الجد إختياره، أن تكون مخرجاتها ترجمة لمدخلاتها، عوض النزول إلى الشارع و المطالبة برحيل شخص أو حزبيعد غريما سياسيا لمنظميها، في محاولة لإعادة التجربة المصرية إبان حكم الرئيس المنتخب المعزول محمد مرسي المسجون حاليا بنكهة مغربية، بالرغم من وجود إختلافات جوهرية يجعل من إمكانية عزل بن كيران قبيل إنتهاء ولايته الحكومية أمرا شبه مستحيل،لإعتبارات عدة منها أنه في المغرب نظام ملكي و ليس برئاسي، وأن حزب العدالة و التنمية يقود تحالف حكومي ولا يمارس المهام الحكومية بصفة أحادية،كما أن الإنتخابات على الأبواب يمكن للمغاربة من خلالها تنحيته بسهولة عن طريق التصويت بشكل عقابي إن هم رأوه لم يفي بوعوده، دون اللعب بالنار، و جر البلاد للفوضى.ألا تعيالجهات المنظمة أن بفعلتها هاته تطعن في جدوى الإنتخابات،و تدفع المواطنين لعدم الثقة في إمكانية تحقيق الإصلاح من خلالها، و بالتالي الكفر بالألية الديمقراطية و الإعتقاد بأن الشارع هو السبيل الوحيد لإسماع الصوت، الأمر الذي يعيد المغرب للمربع الأول، مربع ما قبل دستور 2011،الدستور الذي ينص في فصله الأول على أن الإختيار الديمقراطي من الثوابت الجامعة التي تستند عليها الأمة في حياتها العامة، و في فصله الثاني يؤكد على أن "الأمة تمارس سيادتها مباشرة بالاستفتاء، و بصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها، تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر و النزيه و المنتظم". و في الفصل الحادي عشر نجد المغاربة توافقوا على أن " الإنتخابات الحرة و النزيهة و الشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي"، وفي فصله الثاني و الأربعون أن الملك هو الساهر على صيانة هذا الاختيار. و بالتالي فإخراج الناس بهذه الطريقة الفجة يمكن إعتباره تقويضا للدستور و لمهام الملك بإعتباره الساهر على إحترام الدستور.

إنها مسيرة فاشلة بكل المقاييس،فلا هي بمليونية كما روج لها، فهي لم تتجاوز 7000 مشارك، و لا هي وقفة حقوقية لمساندةلمياء تلك الشابة المغربية المحتجزة من قبل زوجها في السعودية، كما قيل للمشاركين عند شحنهم في الحافلات،فأغلبهم لم يكن يعلم بأنه ذاهب إلى التظاهر في مسيرة ضد بن كيران. و كما شاهد الجميع عبر شرائط مسجلة منتشرة في مواقع التواصل الإجتماعي، فجل المشاركين حضروا للعاصمة الإقتصادية إما من أجل التعبير عن تضامنهم مع لمياء، أو لمحاربة سرقة المال العام ظنا منهم أن أخونة الدولة هي (خونة) سرقة الدولة. أما الباقي المتبقي فشاركوا للمطالبة بحقهم في الشغل و السكن وغيرها من المطالب الفئوية.

لقد كان على منظميها كف أيديهم عن العبث في المشهد السياسي المغربي منذ زمن بعيد،و توفير الظروف اللازمة لقيام هذه الأحزاب بدورها في تأطير المواطنين، و احترام استقلاليتها و استقلالية قرارها الحزبي، و العمل على تعزيز هذه الاستقلالية، حتى يكون هناك تنافس حزبي على مستوى البرامج، و تدافع سياسي للوصول للسلطة مما سيخدم الوطن و المواطنين،إذ كل من كان في السلطة سيعمل جاهدا على تحقيق إنجازات حقيقية، تمنحه شرعية إنجاز يمكن من خلالها استمالة أصوات الناخبين، بدل عمل مسيرة صغيرة بإخراج رديء، أضرت بهم أكثر مما نفعتهم و أفادت بن كيران أكثر مما كان يظن أكثر المتفائلين من حزبه .

 

ببساطة الجهات المنظمة و الراعية لهذه المسيرة المهزلة حفرت حفرة سقطت فيها.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات