محمد شكري
مهزلة أخرى تلك التي افتتح بها أبناء المغاربة عامهم الدراسي و كلما كثرت المهازل ازداد السخط على السياسات العمومية و أصبح كل ما هو عمومي مرادفا للرداءة بدأ بالإعلام و وصولا إلى التعليم الذي هو موضوع هذا المقال.
لقد تعاقبت على بلادنا حكومات من أطياف سياسية مختلفة و متشابهة لم تجد حلا لمعضلة التعليم في البلاد .. ارتجالية و عشوائية و غياب رؤية استراتيجية تكفل لأبناء الشعب تعليما جيدا وتنتج مواطنا صالحا لنفسه و لمجتمعه . و ما فشل هذه السياسات إلا دليل على عدم كفاءة من تولوا مسؤولية إصلاح التعليم . بالمناسبة يجب محاكمة كل من تولى حقيبة التعليم لأن الضحية هم أجيال بأكملها تغتصب في وعيها و تعليمها و تشغيلها .
و منذ بدأنا نسمع باستراتيجيات إصلاح التعليم و رغم ما رصد من إمكانيات مالية من جيوب دافعي الضرائب أصبحنا نلاحظ تنصل الدولة من مسؤليتها في توفير تعليم بجودة متوسطة ( كي لا نكون طماعين و نطلب جودة عالية ) و أصبح عباقرة الإصلاح يخرجون علينا بحلول ترقيعية من أجل سد العجز و تدبير الخصاص و توفير البنية التحتية الرديئة في المدن كما في البوادي التي لا تعليم فيها و لا هم يحزنون .
إن التعليم في بلادنا الحبيبة يتجه بفضل فطاحلة الإصلاح نحو الحضيض و مشاكله متشعبة و متداخلة تعتبر الدولة هي المسؤول الأول و الأخير فيه ، كما أن المواطن يتحمل نصيبا من المسؤولية لعدم رفضه لسياسات الحكومات المتعاقبة و عدم احتجاجه عن رداءة الخدمة التي تعتبر حقا من حقوقه و حقوق أبنائه ، فكما يحتج المواطن على الدولة في أمور مادية ينبغي له أن يحتج كذلك على سوء الخدمة في مجال التعليم لأنه يمول من ضرائبه.
فهل هي استراتيجية عامة لبيع كل شيء حتى المدارس ؟ هل تدفع الدولة بمواطنيها نحو التعليم الخاص إجبارا ؟هل يمكن أن نثق في سياسات تفقير الفكر و تخريج أجيال أقصى ما يمكن أن تصل إليه هو تهجي الحروف ؟ هل ما تصبو إليه الدولة هو مواطن وديع يأكل و يشرب و يتناسل ؟
أكيد أن مدرسة جيدة تعني مواطنا نافعا بعقل متقد منتقد واع بحقوقه و واجباته مستعد للتعبير عن آرائه بكل حرية و هو ما لا ترغب فيه عفاريت و تماسيح الوطن.