المباركي: المتقاعدون يعانون من تجميد تقاعداتهم منذ 25 سنة

انطلاق الدورة التكوينية السابعة لجمعيات دعم مرضى القصور الكلوي بجهة الشرق

سطات: أكبر حملة لتحرير الملك العمومي تنفذها السلطات المحلية

إخراج سيارة سقطت داخل مصعد كهربائي بالدار البيضاء

سقوط سيارة داخل مصعد بشارع عبد المومن بالدار البيضاء يستنفر مصالح الأمن

بحضور مخاريق.. اتحاد نقابات العرائش يفتتح مؤتمره المحلي

التعثر الحكومي...بين المتاح السياسي و المتاح الدستوري

التعثر الحكومي...بين المتاح السياسي و المتاح الدستوري

هشام برجاوي

 

مضى أزيد من شهر على إعلان وزارة الداخلية، باسم الدولة المغربية، عن فوز حزب العدالة و التنمية بالانتخابات التشريعية التي أجريت خلال أكتوبر الماضي. و قياسا إلى الانتخابات السابقة، سواء تلك التي أجريت بعد المراجعة الدستورية لسنة 2011 أو التي أجريت قبلها، فإن الحيز الزمني الممتد منذ إعلان فوز حزب العدالة و التنمية، و تكليف أمينه العام بتشكيل الحكومة، يثير عدة أسئلة تتعلق بأسلوب إدارة عبد الإله ابن كيران للمشاورات مع الأحزاب السياسية و بالسيناريوهات الممكن تفعليها في حالة عجزه عن إيجاد توافق أغلبي يضمن له كسب التنصيب البرلماني.

لقد استهل ابن كيران مشوار البحث عن حلفاء له بتصريحات مباشرة يستفاد منها أنه يرفض قطعا التعامل مع حزب الأصالة و المعاصرة، و الحال أن الواقعية السياسية لا تبيح للسياسي رسم خطوط حمراء لاختياراته، فالتوصل إلى التفاهم مع النسيج الحزبي الممثل في البرلمان يقتضي، طبعا، تحديد أولويات التحالف وفق البرامج الانتخابية المسطرة من لدن الأحزاب، لكنه لا يعني إغلاق قنوات الحوار و لا يجيز إسقاط خلافات ذات طابع شخصي على التخندقات الممكنة قبل تبادل الآراء و وجهات النظر. و قد لاحظنا أن الحزب الاشتراكي الاسباني، كمؤسسة، ساعد غريمه التقليدي رئيس حزب الشعب اليميني ماريانو راخوي على إنهاء وضعية التعثر التي عانت منها اسبانيا لما يناهز سنة.

و تتصل حالة التعثر، أيضا، بالتعدد المفرط، الذي لا يتجاوز سقف الظاهرة الحسابية، للأحزاب السياسية المغربية، فارتفاع عددها لا يعني، حتما، أن الديمقراطية بخير، كما أن العديد من الأنظمة السياسية الغربية تتسم بوجود منظر حزبي ثنائي الاستقطاب، و رغم ذلك، لا تتعرض شرعية مؤسساتها التمثيلية للتشكيك، و لا تشهد حوارا مجتمعيا يدعو إلى مراجعة هياكلها أو ميكانيزمات الوصول إلى السلطة السياسية فيها.

إضافة إلى ما سبق، يثير بعض الملاحظين مسألة نهاية الحزب الأيديولوجي التي أضعفت الأحزاب اليسارية المغربية. بيد أن ظاهرة موت الأيديولوجيا منتشرة، أيضا، في الدول الغربية حيث قررت أغلب الأحزاب ذات المرجعية الشيوعية و الاشتراكية التعايش مع الليبرالية كمنظومة سياسية و اقتصادية و تحولت إلى أحزاب للديمقراطية الاجتماعية. و قد لاحظنا أن الأحزاب المنتمية إلى أقصى اليسار، كحزب بوديموس في اسبانيا، و التي سجلت حضورها داخل المنظر الحزبي الغربي مؤخرا، لا تستخدم مفاهيم شيوعية لتبرير مطالبها بالعدالة الاجتماعية و الحد من العولمة بطرائق اشتغالها الحالية و تقوية الصلاحيات الإجرائية المسندة إلى المؤسسات التداولية (أساسا البرلمان)، و إنما تعتمد في ذلك على التنديد

بالتقارب الحاصل بين سياسات اليمين و اليسار إلى الحد الذي يدفع للتشكيك في وجود تناوب حقيقي على السلطة أمام التدويل المستمر للعلاقات الاقتصادية و التجارية و التقلص المتزايد لسيادة الدولة الوطنية.

و تشير النتائج الضعيفة التي حصل عليها تحالف أحزاب اليسار في المغرب إلى أن ظاهرة " الحزب الجديد"، التي تعيشها اسبانيا عبر حزب بوديموس، لم تظهر بعد في المغرب نظرا لعدم ظهور استقطابات واضحة و نظرا للاستعمالات السياسية للرصيد الديني للمغاربة. فرغم القرب الجغرافي من أوروبا الغربية و ولوج شريحة عريضة من المغاربة إلى وسائل التواصل العالمية، لا يزال الدين محددا مهما للسلوك الفردي و الجماعي خصوصا في الفضاءات العمومية حيث يحرص المغاربة، أفرادا و جماعات، على "إظهار" التشبث بمنظومة القيم و الانضباط الاجتماعي المستمدة من الإسلام.

علاوة على التعددية الحسابية التي أفضت إلى انحسار القدرات التعبوية و التأطيرية و التمثيلية لمعظم الأحزاب السياسية، ترتبط حالة التعثر في إخراج الحكومة إلى الوجود بالدستور الذي لم تحدد أحكامه مصير رئيس الحزب المتصدر، حسابيا، للانتخابات التشريعية إن لم يتمكن من تشكيل الأغلبية. و خلافا، مثلا، لما ينص عليه الفصل 99 من الدستور الاسباني، الذي يجيز الدعوة إلى انتخابات جديدة إذا انصرم أجل شهرين دون أن يحصل رئيس الحكومة المعين على ثقة البرلمان، التزم الفصل 47 من الدستور المغربي الصمت.

و يدفع صمت الفصل 47 نحو سيناريوهات دستورية مختلفة. فإن كان قد أناط بالملك سلطة تعيين رئيس الحكومة من بين أعضاء الحزب المتصدر حسابيا للانتخابات، فإن توصل المشاورات الحزبية إلى اتفاق حول اسم آخر ينتمي لحزب غير الحزب ذي الصدارة الحسابية، يتيح للملك تعيينه بالاستناد إلى منطوق الفصل 47 القاضي بتعيين رئيس الحكومة من الحزب المتفوق حسابيا، و هو الخيار الأول و الأصلي، و بناء على نتائج الانتخابات، التي يمكن أن تصنع توافقات متباينة، كخيار آخر.

فضلا عن القراءات الممكن استنباطها من الفصل 47، يمكن أن تفضي حالة التعثر إلى تفعيل المهام التحكيمية للمؤسسة الملكية بوصفها الحكم الأسمى بين المؤسسات وفق الفصل 42 من الدستور. و إذا اعتبرنا حالة التعثر القائمة حاليا راجعة إلى عجز مؤسسة رئيس الحكومة على بناء توليفة حزبية تؤهلها لإحراز ثقة مؤسسة البرلمان، فإن اللجوء إلى التحكيم الملكي متاح دستوريا. و قد أسند الفصل 42 من الدستور إلى الملك مهام السهر على احترام الدستور و صيانة الإختيار الديمقراطي مما يعني أن سلطة تأويل أحكام الدستور لتجاوز حالات تعثر أو اختلاف رؤى بشأنها تؤول حصرا إلى الملك.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات