مولاي علي الإدريسي
أصبح الشأن السياسي بالمغرب تحكمه الفوضى الخلاقة فهو مجال لكل شيء لا وازع واحد يتحكم فيه أو يوجهه؛ هو مجال للمصالح الضيقة ، للمصالح الذاتية والحزبية ومرتع لاٍملاءات تنبتق من الكواليس أكثر مما تشاهده الأعين ..ومنذ بزوغ فجر''الاٍستقلال '' والشعب المغربي لايزال ينتظر ذالك المهذي السياسي المنتظرالذي يستطيع أن يترجم برنامجه السياسي المتكامل والمتالي على أرض الواقع ويخلص المواطنين من محنه الاٍجتماعية والاٍقتصادية ويوقف زحف الفساد الذي يأتي على الأخضر واليابس من ثروات الشعب المقهور والتي عجزت الدولة بكل أجهزتها ومن أعلى سلطاتها اٍلى أذناها من الحد وتفكيك خلايا المفسدين كما تفكك يوميا خلايا الاٍرهاب التي قد تفجر قنبلة وتقتل بعض الأشخاص بينما خلايا الفساد والظاهرة للعيان وتجول بالشوارع حرة طليقة تنفجر يوميا وفي كل لحظة ومكان وتقتل الشعب المغربي كله لمرات عديدة وتشرد عائلات عبر الاٍستحواد على أراضيها ومنازلها وهكتارات الدولة والشعب وتفلس الصناديق الاٍقتصادية والاٍجتماعية وتؤخر عجلة النمو والتقدم وتنشر الأمراض والموت في الشباب عبر كل أنواع المخدرات والسموم وتنشر أخلاق العهر والفساد والاٍنحلال في المجتمع بترخيص الدولة عبرمهرجانات للفسخ والمذلة والعار وتبذير الأموال .
الشأن السياسي لم يعد شيئا يهم المغاربة لما تراجع المسرح التتقيفي والتوعوي والتربوي والفرجوي في المغرب وأخد السياسيون المشعل برعاية الدولة وفي كل ولاية حكومية واٍنتخابية تطلع علينا مسرحية جديدة لم يعد يستسيغها حتى البلداء والمجانين ..اٍنها مسرحيات للضحك على أذقان الشعب الذي عاد يبكي وينذب لما آلت اٍليه السياسة في بلدنا لما أصبح المليون و نصف صوت يشفع حزبا ما للأغلبية و 38مليون مغربي خارج التغطية وأصبح الشعب ينذب حظه على بلداء السياسة وهم يتخاصمون ويتشاجرون في تشكيل حكومات لن تغني ولن تسمن من جوع والزعماء الكارطونيين يتلاعنون فيما بينهم ويتفاضحون في أمورهم الشخصية ووطنيتهم ومساراتهم وشرفهم وكراماتهم وبعذ ذالك يتصالحون لتقسيم الكعكة والغنيمة الوزارية وملايين الدراهم لتسيير شؤون قطيع من الشعب الذي ليس له رجاء اٍلا اٍلى الله وخليفته في الأرض هو الملك الساهر على شؤونهم والمنوط به عيشهم الكريم وحقوقهم وحرياتهم ...
بالله عليكم ومنذ ''الاٍستقلال'' اٍلى اليوم والمغرب جرب كل أطياف الفكر الكوني والاٍتجاهات الاٍيديولوجية والسياسية من اٍداريين وتكنوقراط واٍشتراكيين واٍسلامويين ويمين ويسار ووسط ماذا أضافوا لبلدنا اٍلا الترترة والسب والشتم فيما بينهم والقذف في الأعراض والاٍنقلاب على برامجهم التي بواسطتها نالوا تقة تلك القلة القليلة من الأصوات إ؟ ماذا حصل منهم اٍلا ''كيف كنتم كيف وليتوا''؟ أي الاٍغتناء وتنمية أرصدتهم داخل وخارج الوطن وفضائح مالية وتسييرية تهزهم لحظة وسرعان ما تخمد بقوة قادر وتبتلع الصحافة والاٍعلام ألسنتها فجأة مما يطرح ألف سؤال كذالك على اٍعلامنا ودوره المتدني كسلطة رابعة تعتبر في البلدان المتقدمة هي الأولى في نشر الحقيقة وتوجيه المسؤولين والمجتمع وتخيف كل المفسدين إإ؟ ..
قد تعذر الحكومات السابقة في العهد القديم و نعتبر الظروف الصعبة ومنهاج الحكم القوي الصلب والحديدي السائد أنذاك هوالمسؤول نوعا ما ، ولكن حاليا ومع العهد الجديد لا يمكن أن يعذر أحد نظرا للحرية الفضفاضة الحاصلة وحدود التصرف الكبيرة المتاحة للجميع والاٍمكانيات المتاحة للمسؤولين ،غير أنه في نظرنا المشكل يكمن في ضعف مؤهلات وشخصيات المسؤولين المنوطة اٍليهم تحمل المسؤولية و السلطة وعدم ملاءمة مستواياتهم الفكرية والعلمية والسياسية لمناصبهم الكبيرة ؛ فبالله عليكم رجل تعليم عبر بنفسه عن فشله الدراسي يتقلد منصب رئيس الحكومة لخمس سنوات
ذهبت كلها في الترترة والشعبوية وتباذل السب والقذف بين الزعماء السياسيين ولم أتذكر اٍلا ما قدم للأرامل و''عفا الله عما سلف'' والتماسيح والعفاريت وتناقضات في تصريحاته قبل وبعد الولاية الحكومية إإ وهاهي شخصية أخرى من نفس الحزب ليس لها اٍلا تكوين طبي نفسي وعلوم شرعية من الكتب الصفراء قد تفيدنا روحيا وأخرويا ونفسيا ولكن كيف سيواجه أمور السياسة والماركوتينغ وتضارب أفكار الليبيرالية والاٍشتراكية والديماغوجيات والميثودولوجيات والنفاق والكذب والتمويه والصفقات الضخمة المفبركة والعفاريت والتماسيح الذين تصالح معهم قرينه السابق عكس تكوينهم الدعوي والزهد في الدنيا أحيانا والأعمال الخيرية البسيطة والعمل على اٍرضاء الجهات هذه مرة وتلك مرة أخرى حفاظا على المواقع والمناصب؟؟ شخصية بصراحة محترمة لكن نعتقد أنها ستتورط أكثر مما ستصلح و تشفي إإ..هنا لا ننقص من حال أحد ولا من قيمة أي حزب فالجميع محترم وسواسية ولكن على كل واحد اٍلتزام حدوده واٍمكانياته ومؤهلاته وتخصصه كي لا تدفعه مطامع الدنيا وملذاتها فيجني على حقوق وحريات الشعب .
الحل هو أنه على الدولة أن تفتح تخصصات في المدارس والجامعات لتكوين رجال السياسة والسلطة وفق برامج تراعي الدراية في علوم الاٍقتصاد والسياسة والاٍتجاهات الفكرية والتاريخ وعلم الاٍجتماع بالخصوص حتى يستوعب رجل السياسة والقائد مستقبلا روح الاٍِجتماع وروح السياسة ويستفيد من تاريخ الحضارات السابقة بل دراسة المجتمع المغربي وتقافته وحضارته نفسيا واٍقتصاديا وجغرافيا وأنتربولوجيا ...لأنه كيف يعقل لرئيس حكومة مثلا حينما سئل عن اٍحدى المدن الكبيرة في المغرب لحادث زلزال وقع فيها فأجاب عن جهله لتلك المدينة أين توجد ؟''فين جات بعدا هاذ ال ح''؟إ أويستهزأ بمعيشة عرق من الأعراق المغربية الأصيلة أو أن يعفو عن اللصوص نيابة عن الله ومجلس الاٍفتاء وحق الشعب إ.. ولذالك فليس كل من هب وذب يتم تقليده السلطة وزمام أمور 40 مليون مغربي (ولو كان أمين عام حزب الأغلبية )ولا يعرف ما المغرب ومن يسكنه ومدنه ومداشره ''زنكة زنكة، بيت بيت، دار دار..'' وسهوله وأعراقه وتاريخه وتقاليده وأعرافه ومعتقداته وثرواته ''منجم منجم،سهل سهل،ساحل ساحل ،مقلع مقلع ،مساعدات أجنبية ،ضرائب...'' ولغته ولهجاته ومشاكل كل منطقة على حدة ومن يفسد فيه ومن يصلح ومكامن الخلل فيه ومكامن القوة وغيرها.. ولعل أمرزعماء و حكوماتنا المغربية التي لا تتقن اٍلا لغة الخشب والترترة حتى يكاد يشعور جل المواطنين بغيابها أكثرمن وجودها لغياب دورها الفعال وبعدها عن تطلعاتهم وحاجياتهم الحقيقية والملحة وتفاهة عقول مسؤوليها وضعف مؤهلاتهم وغياب برامج سياسية واٍقتصادية واٍجتماعية وبيئية و..حقيقية وموضوعية ؛ تذكرني وككل حكوماتنا المتعاقبة بما قاله بطل رواية ''عبد الرحمان والبحر'' لخالد حاجي: - ولكم أيها القراء أن تغيروا ''دولة'' ب ''حكومة'' في كلام المجذوب- ذالك الرجل المجذوب لما حملق في وجوه الناجيين من الزلزال والمتذمرين من غياب الدولة والمخزن لاٍنقاذ أهاليهم من تحت الأنقاض( ''لقد حملق في وجوه الحضور حتى اٍذا أحس بأن الأبصار شاخصة فيه قال :
أهذه دولتكم التي بنيتم إاٍن كانت الدول مثل دولتكم هذه فحسب، فما أسهل أن أأسس لدولة أنا كذالك؟''
كان لكلام المجذوب ،على اٍختصاره، أثر على الناس يقصر الوصف دونه. فجأة أعتقت ألسنتهم ،وكنت تسمع العبارة نفسها تردد بصيغ مختلفة:
- والله لقد صدق الأحمق إأهذه دولة إ؟ - المجذوب على حق هذه ليست دولة إ
كلام الهبيل صائب إ لوكانت لنا دولة لما بلغ بنا الأمر ما بلغ من هذا العجز المخزي إ...'').