مليكة العرابي
بدا لافتا للنظر أن المغرب يعيش أزمة سياسية حقيقية بعيدة عن ما أسميناه سابقا بالبلوكاج الحكومي الذي عشنا فصوله طيلة الخمس أشهر وما يزيد ، إذ أن الأزمة في عمقها تتلخص في البلوكاج الديمقراطي وعدم احترام إرادة الشعب، وتغليب إرادة المخزن على كل الإرادات بواسطة أدواته البشرية، المكشوف جزء منها .
لقد عشنا مرحلة البلوكاج الحكومي التي انتهت بإعفاء لعبد الإله بن كيران وتنصيب العثماني بدله وكأنه المهدي المنتظر الذي قام بتشكيل الحكومة في رمشة عين، لكن المثير في هذا كله أن البلوكاج تم تلخيصه في شخص بن كيران فقط، حيث أنه كان في لحظاته الأخيرة يرفض دخول حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للحكومة وعدم الرضوخ لشروط أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ،ومن معلوم أن بن كيران لم تكن قراراته انفرادية بل كانت تصدر عن الأمانة العامة لحزبه ، فما الذي وقع بالضبط؟
إن السبب الحقيقي وراء ذلك في نظري هو انبطاح العثماني للتحكم ، ودخول الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لهذه
الحكومة هو استصغار لقرارات الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، إذ أنه من الضروري الآن أن يخرج العثماني ويشرح ما وقع وبخاصة لقواعد حزب المصباح ، ويقول لهم إن قبوله بالإتحاد الإشتراكي أمر مفروض ، وأن القبول به كان عن كره وليس طواعية، وأنني فضلت أن يقبل الحزب بهذا الأمر، لقيادة الحكومة وإنهاء حالة البلوكاج التي تعيشها البلاد.
وبالرغم من كل ذلك تبقى كل المبررات واهية بالنسبة له لأنه ساهم إلى حد كبير في تحطيم قوة بن كيران بعد انكساره بواسطة البلاغ القاضي بإعفائه، ويظهر جليا أنه يفقد الشجاعة بأن يرفض هذا الرضوخ وتمريغ كرامة حزب الخطيب في الوحل وكرامة كل من تعاطف مع هذه الحزب الذي من أجله كان الأمل معقودا عليه لمحاربة الفساد والتحكم.
لقد انتصر أخنوش أخيرا وصحت كل التوقعات التي كنا قد أسلفنا ذكرها في كون ''ولد الفشوش" هو من سيصبح رئيسا للحكومة، سبق لنا وأن قلنا بأن الملك سيعين أخنوش رئيسا للحكومة عندما كان تكنوقراطيا، اقتضاء بسيناريو 2002 عندما قاد الحكومة إدريس جطو الذي كان تكنوقراطيا، اليوم نشهد متغيرات وضبابية في المشهد السياسي، ''فولد الفشوش'' أصبح رئيسا للتجمع الوطني للأحرار بين عشية
وضحاها بالرغم مخالفته للقانون الأساسي والداخلي للحزب، وأصبح كذلك يتحكم في تشكيل الحكومة وبسببه يتم إعفاء رئيس الحكومة ، وبرغبة منه تتشكل الحكومة بدخول حزب لا تربطه أي علاقة به.
إن توقعنا في كون عزيز أخنوش هو من سيصبح رئيسا للحكومة مازال قائما، لأننا نرى تحالفه مع الإتحاد الدستوري ليصبح عدد مقاعدهم 57 مقعدا، وأصبح أخنوش يتفاوض من موقع القوة بعد إزاحته لحزب الاستقلال الحاصل على 46 مقعدا ويصطف في المعارضة ، نحن الآن أمام سيناريوهاين، الأول هو رفع ملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة في غضون 2019 والسيناريو الثاني هو اندماج حزب التجمع الوطني للأحرار مع حزب الأصالة والمعاصرة ويكون قائد هذا الاندماج هو عزيز أخنوش الذي سيصبح فيما بعد رئيسا للحكومة ، وسيبرر المخزن ذلك بالمصلحة العليا للوطن، و بأن حزب العدالة والتنمية فشل مرتين، الأولى بتكليفه بتشكيل الحكومة ما جعل المغرب في حالة البلوكاج والثاني عدم قدرة العثماني على تسيير الحكومة وبالتالي فالورقة الرابحة هي الفصلين 42 و47، وللخروج من هذه التوقعات وجبت المطالبة بتعديل دستوري الذي أصبح اليوم ضرورة ملحة.
يبقى السيناريو المستقل وهو خروج الشارع لإسقاط الحكومة لأنها لا تتماشى وإرادة الشعب، وبالتالي سيكون من اللازم إعادة انتخابات سابقة لأوانها ، وهذا السيناريو له تكلفة سياسية باهضة.
نحن نرى مشهدا سياسيا قاتما في هذه البلاد، ف37 مقعدا تنتصر على 125 مقعد، فما قيمة إجراء الانتخابات إن كان ما يرغب به المخزن هو الذي سيتحقق في نهاية المطاف ؟ أعتقد أنه علينا إعادة النظر في ديمقراطيتنا للخروج وإن بخطى سلحفاتية من البلوكاج الديمقراطي نحو الديمقراطية الحقيقية .
عدالي
ما كتحشموش
تتكلمون على الحكومة المغربية وكأنها حكومة العدالة والتنمية. بن كيران شخصن المشاورات وتعجرفه كان هو السبب الرئيسي للبلوكاج. وحتى لو بقى خمس سنين لم يكن ليشكل الحكومة. أصبح بعض العداليين يتكلمون على لشكر كان بن كيران لم يستقبله لتشكيل الحكومة قبل الأحرار لكن لماذا انقلب بن كيران عليه لم يفصح عليها