الطاهر أنسي
استطاع جلالة الملك أن يؤسس منهجا دبلوماسيا لدعم مكانة المغرب، إن على المستوى القاري أو الدولي، للترافع حول توابث المملكة المغربية وعلى رأسها القضية الوطنية، والمنهج لم يكن اعتباطيا، بل هو نتاج تراكم للممارسات ولمسلسل التفاوض السياسي الذي مرت منه المملكة في مجموعة من المحافل القارية والدولية، فتفاعل الملك مع مقترحات المجتمع المدني، خاصة تلك التي توصي بضرورة الدبلوماسية الهجومية، فأحسن وسيلة للدفاع هو الهجوم، وليست سياسة الكرسي الفارغ سوى فسح الطريق أمام الخصم لكسب حلفاء وبناء استراتجيات مضادة.
والنموذج الحقيقي من كوبا، أو الحاضنة الكبرى لتدريب المتمردين وتبنيهم ومدهم بالأسس التكتيكية والمعرفية لإعداد وتسويق أطروحات الانفصال، بل هي العقل المتحرك لعمل الانفصاليين والدول الداعمة لهم، ويعلم جميع المغاربة مساهمة كوبا في تأصيل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، إيمانا منها بصحة الإشاعات التي تم إعدادها وتسويقها للعالم بخصوص المغاربة الصحراويين المحتجزين في مخيمات تنذوف.
إن العمل الدبلوماسي، ليس عملا تقنيا محضا، يمكن تقليصه في تمثيل المملكة في البلدان الأخرى أو مد مغاربة العالم بالوثائق الإدارية، إنه عمل متعدد التخصصات، يتطلب المعرفة الدقيقة بمتغيرات الحياة اليومية، ومن يستطيع أن يُخبر مواطن القوى والضعف في ثقافة وهوية ولغة والتركيبة البشرية لتلك البلدان، ويسعى لضمان الحضور الثقافي، الاجتماعي، الاقتصادي والسياسي للمغرب في تلك الأقطار.
ونحن كجمعية المركز الوطني للتنمية والوحدة الترابية، تنشط في الدفاع عن الوحدة الترابية من الداخل والخارج، استطعنا تجميع وتحليل أكثر من هذه المعلومات، بفضل استقطابنا ومواكبتنا لنشطاء سابقين بالانفصال وقضوا حوالي 14 سنة بالدول الداعمة للانفصال، ونرى كقوة اقتراحية، أن أجرأة توجه جلالة الملك فيما يتعلق بالعمل الدبلوماسي، يتطلب استثمار معارف وكفاءات هؤلاء المغاربة الصحراويين، إن اقتضى الحال، كقائمين بالأعمال، ولنا اليقين في إسهامهم النوعي والقيمي في مسلسل التفاوض الدبلوماسي مع مختلف الشرائح الاجتماعية والمؤسسات العمومية.