محسن زردان
من المرتقب أن يحط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأرض المملكة العربية السعودية، في زيارة تنتظرها دول الخليج بلهفة، التي تعول بشكل كبير على الولايات المتحدة الأمريكية في تحالفها الاستراتيجي معها، لحمايتها من المد الإيراني و وتزايد توسع رقعة الإرهاب في المنطقة.
من يعلم سلوك القوى العظمى، خصوصا منها أمريكا، يدرك أن تحرك رؤسائها، صوب الدول العربية، لابد أن يكون من ورائه جلب الثمار والمنافع الجمة، فحسب الأخبار المتداولة، فدونالد ترامب، ينوي استغلال زيارته لتسويق أسلحة شركات صناعة الأسلحة لبلاده، في صفقات ضخمة مع دول الخليج، تتمثل في نظام "ثاد" الصاروخي، الخاص بالتعرض لمواجهة الصواريخ البالستية.
حج دونالد ترامب لمنطقة الشرق الأوسط لن يكون وحيدا أوحدا، بل سيجلب معه حجيج من القادة العرب والمسلمين، سيتقاطرون على المملكة العربية السعودية، في مسعاهم للقاء الرئيس الأمريكي، ومحاولة الحرص على حضورهم معه جنبا لجنب في الصورة الجماعية التي تؤخذ في تلك المناسبات، حتى ولو كان قد أقدم على قرارات عدائية اتجاه مواطنيهم من الدول العربية الإسلامية وغلق حدود بلاده أمامهم، وبالتالي كان من الأحرى بهم مقاطعته، أولا حفاظا على كرامة المواطنين العرب والمسلمين، وثانيا لصد محاولة دونالد ترامب تلميع صورته في الخارج، بعدما تعرض ويتعرض لانتقادات شديدة في موطنه.
تجدر الإشارة فقط ، أن العديد من القادة العرب يبرعون في مقاطعة القمم العربية، والتملص من التزاماتهم التي على عاتقهم اتجاه شعوبهم، بدعوى أن عقد القمم العربية لا طائل من ورائها، في المقابل فإن الهرولة لملاقاة دونالد ترامب، التي يرونها انجازا، لن تفضي سوى لدفعهم إلى توريط ميزانية شعوبهم وإنهاكها في اقتناء الأسلحة بالمليارات من الدولارات، التي ترهن مستقبل أجيال قادمة في تسديد الديون.
ثمة أبعاد من اختيار دونالد ترامب لزيارة المملكة العربية السعودية كأول هبوط له بمنطقة الشرق الأوسط، فبلاد الحرمين الشريفين، تمثل بالنسبة للرئيس الأمريكي قلب العالم العربي والإسلامي، لما لها من نفوذ مالي وديني كبير، فكسب ودها يضمن أولا عائدات مالية ضخمة للولايات المتحدة الأمريكية، وثانيا التعويل عليها في إقناع وتوجيه الدول العربية بما يخدم مصلحة إسرائيل في قضية الشرق الأوسط.
لا نظن بأن دونالد ترامب سيتراجع عن مواقفه منذ بداية حملته الانتخابية، خصوصا في الشق المتعلق بشؤون الدفاع والأمن على الصعيد الدولي، حينما أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد مستعدة للدفاع والحفاظ على أمن دول الخليج بدون مقابل، وهي إشارة قد يكون من ورائها الضغط على حلفائه الاستراتيجيين في دول الخليج، للقبول بشراء المزيد من السلاح، وقبول شروطه الجديدة من أجل الوقوف ضد المد الإيراني، قد تذهب إلى خلق حلف سني إسرائيلي في مواجهة بلاد فارس، التي أصبحت العدو رقم واحد لدول الخليج، أكثر من شيء آخر.
لن تكون مصر سعيدة بزيارة الرئيس الأمريكي للعربية السعودية، حيث ترى أن بساط زعامة العالم العربي قد سحب منها، وهي التي مازالت تعيش على رمزية اختيار الرئيس الأسبق باراك أوباما لها كمكان لمخاطبة العالم العربي والإسلامي في القاهرة في الرابع من يونيو 2009، لكن واقع الحال تغير، بعدما أصبحت العربية السعودية مع قيادتها الجديدة، تخرج من نهج التحفظ، إلى مغامرات القيام بحروب في المنطقة، جارة معها مجموعة من الدول العربية من بينها المغرب.
يبدو أن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز قد وجه دعواته لمجموعة من القادة العرب، للمشاركة في القمة العربية الإسلامية مع الولايات المتحدة الأمريكية في الرياض يوم 21 ماي 2017، ومن بينهم العاهل المغربي والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والتي ستتخذ شعارا رسميا لها "العزم يجمعنا".
جمع القادة العرب والمسلمين في مكان واحد بالمملكة العربية السعودية، لملاقاة ترامب، قد تشكل للبعض إحراجا، وترمز إلى أهمية وثقل دولة بلاد الحرمين الشريفين، وتحولها بالإضافة إلى مكة دينية إلى مكة سياسية في العالم العربي والإسلامي، مما يعطي الانطباع بفرز دول من الدرجة الأولى وأخرى من الدرجة الثانية، وهو شيء لن يعجب بعض القادة العرب.
من الواضح، أن المغرب تربطه علاقات إستراتيجية وطيدة مع دول الخليج وخصوصا مع العربية السعودية، وكذا مع أمريكا، حتى ولو كان قد دعم في سباق الرئاسة الأمريكية غريمة دونالد ترامب هيلاري كلينتون، لكن واقع المصالح بين الدول، يبقى فوق تلك الاعتبارات، وبالتالي فحضور المغرب، سيكون ضروريا، لكون الولايات المتحدة الأمريكية مازالت تتحكم في خيوط الأزمات الدولية ومن بينها قضية الصحراء المغربية داخل أروقة مجلس الأمن.