الحسن بنونة
ربنا سبحانه وتعالى أغدق علينا بنعم لا تحصى ولا تعد ، منها أننا وجدنا أنفسنا في بلد مسلم فتلقينا دين التوحيد عدون معاناة ، ،وجدنا سهولا و ثروات فلاحية ،بحرين و ثروات سمكية ، جبال و ثروات معدنية أنهار و مياه عذبة وغيرها من الخيرات ، لكن هل كلنا يستفيد ؟ أم هي قسمة ضيزى ؟
كلنا يعلم أن الله فرق في الرزق وفضل البعض عن الآخر ، لكن هناك شروط وضوابط و مستحقات يجب التقيد بها ، قال تعالى في كتابه العزيز ((وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ۚ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ۚ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)) سورة النحل ، ثم قال في مقام آخر : (( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)) سورة الذاريات ،
ففي كل بلاد المسلمين أغنياء وفقراء ، و هذا طبيعي و عادي جدا لكن ما هو غير طبيعي ولا عادي هو تقسيم الثروات بالعدل ، فتجد المستحوذين على السلطة في غنى فاحش و باقي الشعب بين الفقر المدقع و العيش المتوسط ، قال تعالى ((تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ )) سورة النجم ، قال القرطبي في تفسيره: " قوله تعالى: { تِلْكَ إِذاً } يعني هذه القسمة { قِسْمَةٌ ضيزى } أي: جائرة عن العدل ، خارجة عن الصواب ، مائلة عن الحق.
كل هذا يوجب على كل دولة تدين بدين الإسلام أو تزعم أنها دولة الحق والقانون أن تعيد النظر في تقسيم الثروات على مواطنيها بدون تمييز ، و أن تحدث صندوق الزكاة و تفرض على الأغنياء من الشعب وخاصة من ثرواتهم تفوق خمس مائة ألف دولار أن يضعوا أموال زكاتهم في صندوق الزكاة وتقوم الدولة بتوزيع المال على الفقراء الذين يستحقونه بالعدل –أو على الاقل أن يدفعوا الضرائب المتراكمة عليهم -، على الدول أن تعيد النظر في أجر الوزراء و البرلمانيين و رؤساء المصالح ، على الدول أن تعيد النظر في أجر العمال و
الموظفين و المستخدمين ذوي الدخل المحدود ، على الدول ترشيد الميزانيات العامة ، على الدول الحفاظ على الموازنة للحفاظ على الاستقرار .
كيف يعقل أن تجد في دولة مسلمة من أجرته تفوق خمسون ألف دولارا ؟ زائد تعويضات ، سيارة عمل ، فيلا سكن ، سفريات.......... و عمله يقتصر على اجتماعات و توقيعات ، نعم قد تَعَلمَ واجتهد في الصغر فلابد أن تكون أجرته محترمة لكن خمسون ألف دولار ؟َ!!! و هناك من يعمل في الأعمال الشاقة و تحت حر الشمس أو هطول الأمطار و أجرته لا تتعدى مأتي دولار ؟ تلك إذا قسمة جائرة .
ثم على حكومات الدول الاسلامية أن تنظر بعين الرأفة لسكان البوادي النائية ، عليها تزويدهم بالطرق و المستشفيات و الإنارة و تقريب الماء الصالح للشرب و كل مستلزمات العيش الكريم ، نعيش في زمن الرفاهية و القرن الواحد والعشرين وما زال بعض القرى لا تتوفر على أبسط وسائل العيش في البلاد الاسلامية وهذا عار علينا جميعا بينما نرى دول الغرب قد تمكنت من جعل قراها جلها نموذجية ، إنها ليست مسألة مال فحسب بل المال و ترشيد للإنفاق و البدء بالأولويات ، و أولويات الأولويات هي توفير العيش الكريم للمواطنين . و إلاّ فأين هي الحكامة التي تتغنى بها الحكومات ؟ إن التدبير العقلاني في كل المجالات الذي يراعي الحاجيات الضرورية والتوازن الاقتصادي والبيئي لجميع المواطنين لهو الحل الوحيد لتفادي الاضطرابات و زعزعة الآمن .
اليوم ليس كالأمس نحن اليوم في عهد التكنولوجيا في عهد التواصل الرقمي في عهد التواصل السريع ، في عهد تبادل الأخبار ، فلم تعد إمكانية لذى أي سلطة حاكمة في أي مكان بتحريف الخبر أو طمسه عن أعين الشعب ، فلابد من إعادة النظر في الكثير من القوانين و القرارات و المعاملات و تسيير شؤون البلاد مركزيا و جهويا .......حتى نتفادى الخطر .