عبد الحفيظ زياني
ظل العنصر البشري، منذ عهد لابأس به، عنوانا لمحاولات بعيدة عن المقاربات العقلانية التي ظل يتغنى بها قطاع التربية والتكوين، زمن عصر الجودة والانفتاح على المقاربات التواصلية الجادة، حيث طغت محاولات يائسة لإصلاح الشأن التربوي، رغم توفر نية الإصلاح وجديته، الأمر الذي جسد، طويلا، لنهج خارج السياق، في رسالة واضحة لضبابية البرامج والأهداف، ومحاولة يائسة لتغيير الواقع التعليمي المتأزم، الغارق في الإخفاقات.
لقد عرفت المنهجية الجديدة للوزارة، في تدبير حركية موظفيها، عمليات كرست وضعية الأزمة شكلا ومضمونا، نتج عنها فئات تباينت حظوظها بين مستفيد وعالق ومقصي، عبر مخرجات لعملية واحدة ووحيدة: مرحلة أولى: من مديرية لأخرى، مرحلة ثانية: حركة محلية للقادمين من خارج المديرية ( جهويا ووطنيا)، مرحلة ثالثة: تسوية طلبات العالقين، مرحلة رابعة: حركة المحليين، التي لن تبلغ الحد الأدنى من الانتظارات، مرحلة أخيرة: تعيين وتثبيت المتعاقدين.
على ضوء هذه القراءة، سوف تعرف البنية البشرية لهذا الموسم، بأغلب المديريات الإقليمية، فائضا مهما بمناطق الجذب، ستنهج الوزارة محاولة لتجاوزه، باعتمادها خطة تدبير الفائض والخصاص، في حلة جديدة، خارج النص السابق، الذي سيتم تعديله ( مذكرة 111)، وباعتماد ترتيب المدرسين حسب تنقيط الحركة، ثم تكليف الفائض داخل المديرية، أو في أي منصب شاغر بالإقليم، مع إمكانية الاحتفاظ بالمنصب، أو الانتقال من أجل مصلحة بأي منصب شاغر.
يكمن الإشكال الحقيقي في إقصاء فئة هامة من الانتقال (المحليون) ضمن حركية هذا الموسم، كمتنفس فريد لمواردها البشرية، الباعث على ضخ دماء جديدة في الحياة الاجتماعية، المدرسية، ليضيع الأمل، مرة أخرى، في تحسين الأوضاع النفسية المنهارة، من جراء ضرب الاستقرار في العمق، وفرض منطق الانتظارية في كل مرة، بلا جدوى.
ضمانا لتحقيق التوازي بين الحقوق والواجبات،ثم التأسيس لجو تربوي هادئ ومستقر، يضمن تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار النفسي للأسرة التعليمية، وصيانة السلم الاجتماعي، البادئ في الانهيار، فلا بد من الحرص على احترام مبدأ تكافئ الفرص، والسهر على تزكية معايير الاستحقاق، كشرطان أساسيان كفيلان بالتأسيس للمدخل إلى حياة مدرسية فاعلة، على قاعدة دخول مدرسي قادر على إنجاح الجديد، القادم.
إن الأزمة الحقيقية هي أزمة تدبير بشري اجتماعي تربوي، الغائب الدائم، على حساب الآلية الرقمية، الطاغية في جل المواقف والمناسبات، التي تظل تجليا بارزا من تجليات إخفاق أهم شعبة في المنظومة التعليمية، إنها الشأن البشري، فحركية موظفي القطاع، بناء على رغباتهم، أكبر حافز لرفع مردودية التعلم وإيقاعه، حيث أن النقيض سيكون بمتابة حاجز منيع أمام محاولات الإصلاح القادمة.