أخبارنا المغربية
ثارت تساؤلات عديدة منذ نشأة البيتكوين حول قدرة الأب الروحي للعملات المشفرة على التوسع بمرور الوقت. يتواجد البيتكوين ضمن شبكة من الحاسبات تربطها جميعاً ما يسمى بتكنولوجيا سلسلة الكتلة أو البلوك تشين. تساعد طبيعة هذه التقنية على جعل محاولات التلاعب أكثر صعوبة لسببين رئيسيين: الأول هو الحاجة للتحقق من المعاملات عن طريق موافقة الغالبية العظمى من المرتبطين بشبكة بلوك تشين. أيضاً الطبيعة اللامركزية لهذه الشبكة والتي تنتشر على الألاف من أجهزة الحاسب في جميع أنحاء العالم.
هذين السمتين الرئيسيتين للبيتكوين، أي ديمقراطية المعاملات واللامركزية، لم تخلو من العيوب وتحديداً البطء الشديد في تنفيذ التحويلات والتأكد من صحتها. يبدو هذا البطء جلياً عند المقارنة مع معاملات الدفع المناظرة التي تتم عبر بطاقات الائتمان. على سبيل المثال، تعالج فيزا نحو 150 مليون معاملة في اليوم أي بحدود 1700 معاملة في الدقيقة الواحدة. هذا من الناحية الفعلية، أما من ناحية القدرات المتوفرة يمكن لشبكة فيزا معالجة ما يصل إلى 24,000 معاملة في الثانية الواحدة.
إذا قارنت ذلك مع البيتكوين فستجد أن قدرة الشبكة لا تتجاوز معالجة 7 معاملات في الثانية حيث تستغرق كل معاملة نحو 10 دقائق. يتزايد هذا الرقم بصفة مستمرة بالتوازي مع ازدياد عدد مستخدمي البيتكوين والذي يؤدي بدوره إلى نمو كبير في عدد المعاملات المطلوب معالجتها دون حدوث تغير في التكنولوجيا ذاتها.
هذا الجدل حول عيوب البيتكوين دفع الكثيرين للبحث عن معالجة مشكلتي القدرة على التوسع وزيادة سرعة تأكيد المعاملات. وتركزت جهود الإصلاح على محورين رئيسيين الأول هو تقليل حجم البيانات المطلوب التحقق منها والمسار الآخر هو جعل كتل البيانات (blocks) أكبر حجماً وبالتالي زيادة حجم المعلومات التي يتم معالجتها في المرة الواحدة.
عند تقديم البيتكوين للمرة الأولى في 2009 كانت أحجام البلوك غير محدودة. إذا أردت أن تشتري أو تبيع البيتكوين كنت تحتاج إلى تنزيل السجل الكامل لشبكة البلوك تشين. بدا الأمر آنذاك وكأنك بحاجة إلى تنزيل كافة سجلات أبحاث جوجل للبحث عن شيء ما على الإنترنت. ساهم ذلك في زيادة هجمات القرصنة المعروفة بالحرمان من الخدمة (DOS) حيث أغرق الهاكرز الشبكة بعدد هائل من المعاملات التي لا معنى لها بهدف إبطاء قدرة الحاسبات على تأكيد صحة تحويلات البيتكوين.
دفع ذلك مطوري البيتكوين لاحقاً إلى زيادة حجم البلوك إلى 1 ميجا بايت لزيادة قدرة الشبكة على تنفيذ المعاملات من 4 إلى 7 في الثانية الواحدة.
في منتصف يوليو 2017 صوت أغلبية مستخدمي البيتكوين، والتي مثلت الأطراف التي تمتلك نحو 80 إلى 90% من القدرة الحاسوبية للعملة الرقمية، على دمج تكنولوجيا جديدة تسمى الشاهد المنفصل والتي تقلل من حجم البيانات المطلوب التحقق منها في كل بلوك من خلال حذف بيانات التوقيع المطلوب معالجتها في كل صفقة. والجدير بالذكر أن بيانات التوقيع تمثل نحو 65% من حجم البيانات المعالجة وبالتالي فإن إقرار هذه التقنية الجديدة سوف يمثل تحول هائل في مسيرة البيتكوين. كان هناك أيضاً حديث عن مضاعفة حجم البلوك من 1 ميجا إلى 2 ميجا بايت.
البيتكوين كاش هو قصة مختلفة تماماً. بدأ الأمر كفكرة طرحها بعض العاملين في مجال تعدين وتطوير البيتكوين ممن كانت تشغلهم قدرة الشبكة على التوسع دون التقليل من كفاءتها. رأت هذه الفئة أن هناك مشاكل جسيمة تعتري الاقتراحات التي طرحت بشأن تكنولوجيا الشاهد المنفصل وزيادة حجم البلوك. وتمثلت المخاوف بصفة رئيسية في أن هذه الأفكار تحيد عن الخط الذي رسمه مؤسس البيتكوين ساتوشيناكاموتو، وثانياً أنه حتى بافتراض فاعليتها فسوف تقلل من شفافية العملة الرقمية وتخصم من رصيد اللامركزية والطابع الديمقراطي وهو ما قد يقوض مستقبل البيتكوين برمته في نهاية المطاف.
في بداية أغسطس 2017، أطلق بعض معدني ومطوري البيتكوين ما أطلق عليه الانقسام الإجباري أو " Hard Fork" والذي أدى في نهاية المطاف إلى إنشاء البيتكوين كاش. أهم خصائص العملة جديدة كانت في زيادة حجم البلوك إلى 8 ميجا بايت بهدف تسريع عملية التحقق مع مستوى معقول من الصعوبة وذلك بغض النظر عن عدد المعدنين الداعمين للعملة الجديدة. ولكن على الجانب الآخر أثار هذا التطور مخاوف بشأن مدى أمان البيتكوين كاش نتيجة تحكم عدد محدود من أصحاب القدرات الحاسوبية الضخمة في عمليات تأكيد المعاملات.
بددت الأيام الأولى للعملة الجديدة بعض هذه المخاوف بعد أن ارتفعت قيمتها من 300$ إلى 600$. ودفعت هذه القفزة الهائلة البعض إلى التساؤل حول ما إذا كانت البيتكوين كاش قد تمثل تهديداً للبيتكوين ذاته.
كما ذكرنا آنفاً، رفعت العملة الجديدة من حجم البلوك من 1 ميجا إلى 8 ميجا إلا أن هذا التطور أثار مخاوف بشأن مركزية عمليات التعدين. قد تتبدد هذه المخاوف جزئياً إذا ما أدركنا أن تكنولوجيا البلوك تشين تحتوي على آلية للتصحيح الذاتي والتي بموجبها يتم تسريع أو إبطاء وتيرة التعدين، أو ما يطلق عليه معدل الهاش.
تعتمد المعادلة الرياضية للتعدين على تعديل مقدار القدرة الحاسوبية المطلوبة بعد إنتاج 2,016 بلوك. يستغرق تعدين هذه الكمية نحو أسبوعين وبالتالي يتم زيادة معدل الهاش في حالة تباطؤ نشاط التعدين أو تقليل القدرة الحاسوبية المطلوبة لحل لوغاريتمات الشبكة بهدف زيادة وتيرة الإنتاج.