عبد الله بوفيم
قال القوي الجبار في سورة فصلت الآية 16 ((فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ)).
الذي يهمني في الآية أعلاه هو قول العلي الكبير،(( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ)) وهي دلالة على أن الريح مرسلة من السماء على الأرض، تماما كما في قوله في سورة الحديد الآية 25 ((وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)) وقول السميع البصير في سورة الإنسان الآية 23 ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا)).
لكن الفرق بين الإرسال والإنزال هو أن الإنزال يتبعه الاستقرار كالحديد الذي يستقر حيث ينزل، أما الإرسال فتنزل الريح عمودية وحال تصطدم بالأرض تسير أفقية بعدها مكتسحة كل ما يكون أمامها.
معلوم أن الخالق الجبار هو الذي خلق ويخلق كل شيء، لكنه جعل لكل خلق سببا، لذا لابد أن نبحث عن سبب خلق الأعاصير والرياح العاتية والرياح عامة، ولا يمكن لمخلوق مستقر تابث أن يخلق الرياح المتحركة، بل لابد أن يخلق الرياح مخلوق يتحرك بسرعة أكثر من سرعة الرياح نفسها.
لا يمكن أن يكون دوران الأرض حول نفسها هو المسبب للرياح، لأنه لو كان هو السبب لعمت الرياح الأرض كلها، لأنها تدور كثلة واحدة وما سيلحق الجزء سيلحق الكل.
كما لا يمكن أن يكون لدوران الشمس حول مسار الأرض أي دور في خلق الرياح وخاصة الباردة منها، لذلك فان الرياح الساخنة كما الرياح الباردة لابد تخلقها حركة مخلوق أو مخلوقات في السماء تتسم بالحركة المستمرة.
مستبعد أن يكون القمر وحركته ودورانه حول نفسه وحول مسار الأرض هو المسبب للرياح والأعاصير، وإلا لاستمرت تلك الرياح والأعاصير على طول السنة وعلى مدار الأيام والشهور.
بالطبع القليل من يعلم أن في السماء مخلوقين عظيمين أكبر من الشمس والقمر وسائر الكواكب بملايير المرات، وهما الليل والنهار، مصداقا لقول القوي العزيز الجبار في سورة الأنبياء الآية 33 ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)).
وقول العلي العظيم في سورة السجدة الآية 44((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ)) الذي بين السماوات والأرض هما بالطبع الليل والنهار، والليل هو الغالب والنهار رقيق مقارنة بالليل، مصداقا لقول الحكيم الخبير في سورة يس الآية 37 ((وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ)).
الليل والنهار يشغلان المسافة ما بين السماء الدنيا والأرض وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس حول المعراج، أنها مسير 500عام، ونظرا لتوسع السماء بتوسع وتمدد كل ما فيها مصداقا لقول الخالق المصور في سورة الذاريات الآية 47((وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)).
وعليه فان الليل والنهار يشغلال اليوم مسافة 500سنة ضوئية، بدليل قول الولي الحميد في سورة السجدة الآية 5 ((يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ)) وهي نفس سمك السماء الدنيا التي فيها جميع الكواكب والشمس والقمر، مما يفيد أن الليل والنهار مخلوقين عظيمي الشأن أكثر من الشمس والقمر والكواكب، بدليل أن الليل والنهار خلقا في الستة أيام الأولى لخلق الكون، بعد خلق السماوات والأرضيين.
الليل والنهار كل منهما يتكون من طبقات مختلفة السمك، وعدد الطبقات لابد أن يكون مساويا لعدد السماوات وعدد الأرضين، أي سبع طبقات، والنهار بالطبع أقرب إلينا ويقع أسفل الليل وهو بالنسبة له كالجلد على الأضحية تماما.
الكل يتجاهل تفسير سورة الشمس تفسيرا علميا فلكيا، وفيها الدليل الواضح على أن النهار هو الذي يجلي الشمس والليل هو الذي يغشاها أي يحجبها، لقول الولي الحميد في سورة الشمس ((وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) )).
لكن يطرح السؤال كيف يجلي النهار الشمس؟ وكيف يغشاها الليل؟ النهار بطبقاته السبعة كما سبق وأشرت أعلاه يقع أسفل طبقات الليل السبعة، والله عز وجل بين لنا أن سب الظلام هو سلخ النهار عن الليل في قول القادر المقتدر في سورة يس الآية 37 ((وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ)).
من خلال المعطيات أعلاه نستنتج أنه حين تكون طبقة النهار مضيئة أسفل طبقة الليل والشمس من فوق طبقة الليل سراج وهاج، تمر أشعة الشمس نحو الأرض بفعل الانارتين العلوية التي هي السراج المنير والسفلية التي هي ضوء النهار، فتجعلان ظلمة طبقات الليل محايدة.
لكن حين تزول طبقة النهار المضيئة تحت طبقة الليل على مكان معين تحجب ظلمة طبقة الليل أشعة الشمس كلية، والدليل على أن طبقات الليل والنهار وحركتهما هي المتحكمة في جلاء أشعة الشمس وغيابها، أنه يفصل بين النور والظلمة أحيانا متر واحد كخط مستقيم، يحدث جليا في المحيطات.
تأكدنا لنا أن علمية سلخ النهار عن الليل هي التي تبين لنا في الأرض بداية النهار والليل بمفهومهما العادي المتداول، وسر تداول الليل والنهار هي أن طبقات النهار ليست فقط أقل سمكا من طبقات الليل، بل إن طبقات النهار أصغر عرضا من طبقات الليل بالنصف تقريبا، لذلك فهي تغطي نصف الأرض تقريبا عكس طبقات الليل التي تغطي الأرض كلها.
لذلك حين تتزحزح طبقة النهار السميكة نحو الشمال بفعل التكور((يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ)) تنير القطب الشمالي لمدة ستة أشهر تقريبا وحين تتزحزح نحو الجنوب تنير القطب الجنوبي لمدة ستة أشهر تقريبا.
الأعاصير والرياح الشديدة تحدث في الغالب في وقت تكور الليل والنهار، والتكور يحدث مرتين في السنة حيث يتكور الليل على النهار ويتكور النهار على الليل بدليل قول العزيز الحكيم في سورة الزمر آية 5 ((خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)).
التكور يحدث في بداية فصل الربيع شمال خط الاستواء، أي بداية شهر مارس، الذي يوافق بداية فصل الخريف جنوب خط الاستواء، بهيمنة طبقات الليل المظلمة على القطب الجنوبي وهيمنة طبقات النهار المضيئة على القطب الشمالي، كما يحدث في بداية فصل الخريف أي بداية شهر شتنبر، شمال خط الاستواء الذي يوافق بداية فصل الربيع جنوب خط الاستواء، بهيمنة طبقات الليل المظلمة على القطب الشمالي وهيمنة طبقات النهار المضيئة على القطب الجنوبي.
فعل التكور الذي يفيد دوران طبقات الليل والنهار بعضها على بعض، مرتين في السنة هو الذي يخلق الزوابع والأعاصير الشديدة، وبالطبع فان الليل طبقات، طبعا سمك كل طبقة يمكن أن يتجاوز 35 سنة ضوئية والفراغ بين الطبقات مثل ذلك، في حين أن مجموع سمك طبقات النهار في حدود 5 سنوات ضوئية بمعنى أن سمك كل طبقة نهار حوالي 0.35 سنة ضوئية، لأن سمك كل طبقة مساوي للمسافة التي تفصل بين طبقتين، تماما كما السماوات، سمك السماوات يساوي سمك المسافة الفاصلة بين كل سمائين.
وعليه فان الأعاصير الشديدة تكون مع بداية شهر شتنبر الذي يعني بداية فصل الصيف في جنوب خط الاستواء وبداية فصل الخريف في النصف الشمالي لخط الاستواء، وهو مرحلة تكور الليل على النهار وتكور النهار على الليل.
كما تحدث الأعاصير الشديدة، بداية شهر مارس، التي تعني بداية فصل الربيع شمال خط الاستواء وبداية فصل الخريف جنوب خط الاستواء، حيث يتكور النهار على الليل ويتكور الليل على النهار من جديد.
الأعاصير إذن تحدث بفعل تكور الليل والنهار، والرياح الحارة تحدث بفعل حركة طبقات النهار، حين تكون هي المهيمنة على القطب الشمالي أو القطب الجنوبي، والرياح الباردة تكون بفعل حركة طبقات الليل، حين تكون مهيمنة على القطب الشمالي أو القطب الجنوبي.