مولاي علي الإدريسي
منذ مدة والمغرب يتقدم للفيفا بتنظيم كأس العالم وفي كل مرة يفشل في اللحظات الأخيرة ويتم تفسير السبب في ذلك لكونه راجع لأسباب عدائية أو كيدية أو غش في التحكيم أو ربطه بما هو سياسي وكل واحد يحلل ويؤول حسب ما أوتي من علم الفلك الرياضي والسياسي، لتبقى الجهات المسؤولة هي الوحيدة التي تؤمن أو تحاول ايهام المغاربة بإمكانية نيل تنظيم كأس العالم بالرغم من إدراك المغاربة إدراكا يقينا باستحالة ذلك على الأقل بعد عشرين سنة من الأن من العمل الجاد في بناء وتطوير بلادنا في كل الميادين.
لماذا لا يعمل المغرب على رفع رهان الفوز بكأس العالم عوض تنظيمه؟ لماذا لا يرفع المغرب رهان تطوير وتأهيل الكرة المغربية والبطولة المغربية والملاعب والنوادي والحكام والعصب الرياضية؟ لماذا لا يعمل المغرب على تعبيد الطرق وتغطية التراب الوطني بالطرق السيارة والسكك الحديدية والمطارات وتحسين ظروف المسافرين؟ لماذا لم يستطع المغرب بعد تنظيم بطولة إفريقية على الطراز العالي وآخر دورة تم التفريط فيها لسبب تافه مفتعل وهو مرض معدي كان بإمكان المسؤولين وفقا لما ينم التصريح به في قنواتنا الإعلامية أننا تتوفر عليه من مؤهلات صحية عالية من محاصرة ذلك المرض ومنع دخوله لبلدنا والتعبير للفيفا أن لا شيء يمكن افشال إرادة وقوة المغرب؟ لماذا لا يستثمر المعنيون الأموال في الميدان الصحي والتعليم والتعليم الرياضي حتى ينجب فحول اللعبة وطنيا وعالميا؟
نتساءل أحيانا لماذا المغاربة كشعب من العامة وأكثر من نصفهم أمي أوعى وأذكى وأنضج من كثير من المسؤولين في مختلف القطاعات الذين لا يحسنون إلا لغة الخشب والتسويف وبناء مستقبلهم ونجاحاتهم بواسطة الكذب والنفاق ورسم أمال مزيفة في برامجهم ومخططاتهم التي لطالما عرفت الفشل تلوى الفشل في أغلب الميادين. وكلما جاء مسؤول أو حكومة أو حزب حاكم إلا ويدحض ويفند من قبله أو يستهين بما بدأه. حتى أن الدول الأخرى تتغير وتتقدم عام بعد عام بينما نحن نحتاج لخمس سنوات أو ست في ولاية حكومية هذا إذا لم تتكرر الولاية لتتضاعف ويستمر انتظار المغاربة لتغيير الوجوه والجلابيب السياسية دون جدوى.
المغرب مطالب للاستمرار فيما يحاول جلالة الملك القيام به من خلال المشاريع التي لطالما يدشنها ويعلن عنها في كل ربوع المملكة والمستقبل هو مستقبل ماذا عنذك وماذا فعلت ؟ ولهذا فبناء أمة مغربية لا تكون ببيع الأحلام للمغاربة الذين لم يعودوا يؤمنون اٍلا بما يلمسونه في حياتهم اليومية من معيشة ميسورة وضرائب ملائمة وحقوق تتلاءم وواجباتهم ورفاهية ورخاء، وأن ذلك لن يتحقق بتنظيم كأس العالم أو عدمه بل عبر تشييد المغرب وبناءه من جديد على أسس علمية يكون فيه التعليم والتربية هو القاعدة والعمود الفقري لدمج كل أبناء المغاربة فيه واٍنتاج العلماء والمهندسين والأدباء والسياسيين المتخلقين بروح حبهم لوطنهم وإخلاصهم في عملهم وحفاظهم على ثروات بلدهم بناء على المرجعية الإسلامية والحداثة للدستور المغربي وشعاره الله الوطن الملك بما تعنيه الكلمة من معنى ووفاء لذلك القسم الذي يؤدى أمام جلالة الملك .
وبطبيعة الحال حينما يستطع المغرب الفوز أو على الأقل التأهل للمربع الذهبي لهذه البطولة العالمية وتطوير كرته الوطنية وملاعبه ونواديه وعصبه وتحكيمه والبنيات التحتية الوطنية ومجاله الصحي، وطرقه برا وجوا وبحرا، واستقطاب السياح الداخليين والخارجين معا في ظروف ومستويات بمعايير دولية، وحينما يستطع المغرب تنظيم كأس إفريقيا والبطولات المحلية والإقليمية والدولية، وحينما لا يبقى العنف والاغتصاب والتسكع بالشوارع والمسنين والمتخلي عنهم ببعض الشوارع في قر البرد
وقيض الشمس وغزارة الأمطار، وحينما لا نسمع بالنساء العوازب ونقضي على الكلاب الضالة في مدارات كبريات المدن المرشحة لاستضافة كأس العالم، وحينما نربط المسؤولية بالمحاسبة في وجه من يختلس الملايير من أموال الشعب، ونمنع إقبار ملفاتهم تحت مسمى عفا الله عما سلف، وحينما نتمكن من الاعتراف بالكفاءات الوطنية لتدريب نوادينا وفريقنا الوطني عوض غدق أطر أجنبية بملايين الدراهم من أجل شرط بسيط هو التأهل فقط أو بلوغ دور من الأدوار عوض الرهان على نيل البطولات والكؤوس، وحينما نقضي على كل ذلك وغيره يمكن إد ذاك أن تتقدم إلينا الفيفا بطلب ترشيحنا لكأس العالم عوض أن نطلب نحن بذلك لأننا سنكون قد أثبتنا أنفسنا بما لدينا وما فعلنا وليس بماذا نحلم وماذا نتمنى فقط.