الجماهير التطوانية تخصص استقبالاً أسطورياً لفريقها بعد الفوز على اتحاد طنجة

انقلاب شاحنة محملة بأشجار الزيتون بالحي المحمدي يستنفر المصالح الأمنية

بحضور نجوم الفن المغربي.. افتتاح المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة

المغربية بومهدي: حققت حلمي مع مازيمبي وماشي ساهل تعيش في الكونغو

الرضواني: خسرنا اللقب ونعتذر للمغاربة..ولاعب مازيمبي تشكر المدربة بومهدي

لمياء بومهدي: لم أتخيل يومًا الفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا في المغرب ومع فريق آخر

فرنسا، الدولة و بلاد الأنوار

فرنسا، الدولة و بلاد الأنوار

يحي طربي

يذهب بعض الكتاب و الصحفيين و المفكرين و الأكاديميين الفرنسيين و المغاربيين و الأفارقة، من ذوي الخبرة و الإطلاع الكافي على الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الحقوقية في البلدان التي ينتمون إليها، يذهبون إلى القول، في كتبهم و مقالاتهم الصحفية و على شبكة " يوتيوب " و مواقع التواصل الاجتماعي و خلال الندوات و المناقشات التليفزيونية، و بعد سنوات طويلة من الملاحظة الدقيقة و البحث الميداني المعمق و تقصي الحقائق، أن فرنسا، بلاد الأنوار و الثورات، و التي تعتبر نفسها بلدا يدافع بقوة و حماس عن الحريات و حقوق الإنسان، و يدعو إلى المساواة وإقرار سلطة و سيادة الشعوب، و يضمن الإنتقال الديموقراط فيي في دول العالم الثالث و السائرة في طريق النمو، لا تعمل في الحقيقه و الواقع إلا على حماية و مساندة الطغاة و الديكتاتوريين و الأنظمة التوتاليتارية التي أرست قواعدها في مستعمراتها القديمة.

على ضوء ما يجري على أرض الواقع، و بعد فحص المعطيات و التدقيق فيما سبق ذكره، سيتسنى للقارئ التأكد أو  عدم التأكد مما قيل في هذا الصدد.

إن الدارس و المتتبع للعلاقات التاريخية و الثقافية و الدبلوماسية و الاقتصادية التي تربط فرنسا بدول المغرب العربي و دول الخليج و بعض الدول الإفريقية، يكتشف أن فرنسا ليست دولة إمبريالية و أنانية فحسب، و إنما أيضا متواطئة  مع حكام و رؤساء هذه الدول، الذين لا يحترمون مواطنيهم، حيث أن الدولة الفرنسية لا تكتفي فقط بدعم و مساندة هؤلاء الطغاة معنويا و لوجيستيكيا و حمايتهم من كل مكروه؛ إذ توفر لهم كل وسائل الراحة و المتعة و تمنحهم و عائلاتهم و وزرائهم أوراق الإقامة و الجنسية و  الدكتوراه الفخرية و مزايا أخرى، بالرغم من اضطهادهم لشعوبهم، و ذلك حفاظا على مصالحها بالمنطقة، بل توفر لهم كل الظروف و التسهيلات لاستثمار أموالهم و ثرواتهم على أراضيها، ما يشجع هؤلاء على نهب الأموال العامة و الخيرات الوطنية لشعوبهم؛ كما يفعل، مثلا،  وزراء و جنيرالات الجزائر، الذين يعملون على اختلاس الملايير من أموال الشعب و ميزانية الدولة و تهريبها إلى فرنسا و الذين، كلما تجرأ المعارض و الناشط الحقوقي رشيد نݣاز على فضحهم و فضح الثروات و الممتلكات العقارية التي راكموها في باريس و غيرها بطريقه غير شرعية، إلا و اتهموه ب " الحركي " و الخائن، و عرضوه للتعنيف و الضرب و الجرح بوحشية، على يد بلطجية و جواسيس النظام الجزائري، الذين يعيشون و يصولون و يجولون في فرنسا على حساب دافعي الضرائب من المواطنين الجزائريين.

بينما المثير للضحك و الإستغراب هنا، هو أن الجمارك و شرطة الحدود الفرنسية في الموانئ و المطارات، يجبرون " صغار " و بسطاء السياح من أبناء الشعوب العربية على التصريح بالمبالغ المالية الزهيدة التي بحوزتهم و التي بالكاد تكفيهم لتغطية شهر أو شهرين من إقامتهم هناك، في حين أن الحكومة الفرنسية لا تكلف نفسها عناء البحث و التحري حول أصل و مصدر الأموال الطائلة و العملة الصعبة التي تصرف و تستثمر هناك من طرف الرؤساء العرب و أمراء الخليج و أسرهم؛ كي يتبين للمسؤولين الفرنسيين أنها ثروات و خيرات الشعوب العربية المقهورة، تَمَّ نهبها و اختلاسها و تحويلها و تهريبها إلى فرنسا و جاراتها، و لو أنهم على علم بهذه الجرائم. 

كما أنه لا يخفى على مسؤولي فرنسا السياسيين تورط بعض الحكام العرب و وزرائهم و برلمانييهم و رؤساء أحزابهم،  بطريقة أو بأخرى، في شبكات الإتجار الدولي في المخدرات و الدعارة و الرشوة و الشطط في استعمال السلطة و استغلال الثقة و جرائم أخرى؛ إذ يكفي أن يقوم المرء بجولة في إحدى المدن الفرنسية الكبرى ليرى بأم عينه أبناء الجالية العربية، في المقاهي و الحدائق العمومية و على أرصفة الشوارع، يروجون المخدرات بين المراهقين و الشبان الفرنسيين و الأوروبيين، أمام أعين الشرطة و كاميرات المراقبة، إلى درجة أن الفرنسيين أصبحوا يحتلون المراتب الأولى عالميا فيما يخص استهلاك الحشيش القادم من دول شمال إفريقيا و الشرق الأوسط.

هكذا، إذاً، يجد " القادة " العرب و  وزرائهم  و كذا أباطرة المخدرات، يجدون في فرنسا الأرض الخصبة و المكان المناسب لتبييض الأموال " القذرة "، بتحويلها إلى عقارات، أو أسهم و سندات تُتَداول في الأبناك و الشركات و البرصات، كي تدر عليهم أرباحا إضافية يۡؤَمنون بها حياتهم و يحصنون بها أنفسهم ضد المتابعات القضائية و يشترون بها السلط و المناصب، و يستعبدون بها الناس، و يزورون بها الانتخابات، و يعرقلون بها المسار الديمقراطي.

من جهة أخرى، عوض أن تقاطع  الحكومات الفرنسية المتعاقبة الأنظمة العربية الديكتاتورية و تمارس ضغوطاتها على الحكام العرب، كي ينهجوا في حكمهم نظاما ديمقراطيا بمواصفات عالمية، تُحتَرم فيه الحريات و حقوق الإنسان، و عوض أن تنخرط بقوة في التنمية البشرية، تعمل على تشجيع الشباب العربي، الذي يمثل أزيد من 65٪ من السكان، على الهجرة السرية، بتسوية و ضعيتهم و منح حق اللجوء للمعارضين السياسيين و المضطهدين من طرف الأنظمة الأوليغارشية العربية.

وكلما تجرأ صحافي حر نزيه على فضح الوجه الحقيقي للحكام العرب و نقد أنظمتهم و حكوماتهم، أو خرج مجموعة من المناضلين للمطالبة بالحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية، إلا و تعرض هؤلاء أو ذاك للقمع الهمجي و الاعتقال و  السجن، في حين تكتفي فرنسا بالملاحظة و التتبع، عوض التنديد بهذه الخروقات و الانتهاكات و التجاوزات الخطيرة؛ عوض التدخل بطرقها الخاصة من أجل وضع حد لهذه الممارسات التي تعيق الإنتقال الديموقراطي الحقيقي الذي تطالب به في الدول العربية؛ و ترفض القيام بذلك مخافة أن تغضب حلفائها في الدول العربية و الإفريقية.

فبفضل فرنسا و مساندتها و تزكيتها للأنظمة الشمولية العربية، يستمر الديكتاتوريون في الحكم، ضدا على إرادة الشعوب، في حين  تستمر فرنسا، بدورها،  في الغنى و الازدهار على حساب الخيرات و الثروات  المسلوبة من الشعوب العربية.

و إذا صح ما يصرح به المتتبعون للسياسة الإمبريالية الفرنسية، فقد صارت فرنسا الوجهة المفضلة للديكتاتوريين و مبيضي الأموال العرب، بعد أن كانت قبلة للمفكرين و رجال العلم و المعرفة. و من تم التناقض الكبير و المفارقة الشاسعة بين ما تتطلع إليه الشعوب العربية و ما تقوم به الدبلوماسية الفرنسية في المنطقة.

 

و هكذا تكون  " ماما " فرنسا  قد أخلفت و عدها و خانت أبنائها و رعاياها الذين وعدتهم، في مستعمراتها، بالديمقراطيۃ و المساواة و التقدم و الإزدهار .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة