رحاب اعمارة
مما لا شك فيه أن للجميع شغفا بالسفر؛ والترحال.. فمن منّا لا يحب اكتشاف بلدان و عوالم جديدة؟ لكن هل جربت يوماً أن تُسافر داخل روحك؟ أن تهجر دنيا القيل والقال وتنصت لنفسك ولو لساعات قليلة كي تصل إلى المعاني التي لا طالما فتشت عنها؟
تُتعبنا الأيام، و تنال منّا الخطوات؛ فنصبح كطير جريح لا يعلم إن لزم عليه التحليق رغم الألم؛ أم تعلّم فنون المشي، إذ يُصبح خيارنا الوحيد هو الانتظار و الصبر. في حين أن الحل يكمن داخلنا؛ و بين .فجوات ذواتنا يكون الطريق الصائب
.. "يقول صديقي الذي عاد بعد غياب طويل : " الحياة بسيطة جدا؛ تحتاجُ منّا سفرا روحانياً طويلا فقط
الحياة جميلة؛ ربما ليست بتلك السهولة التي أعبّر عنها الآن؛ لكنها رونق التأمل و مصب الوصال.. و ! مهما بلغ جمالها من أفق، فهي بحاجة إلى إستراحة والاّ فستُصبح دون معنى
ربما تدوم فترة الإستراحة يوما واحدا فقط، أو ربما تطول سنوات عدة؛ لا يهم أبدا مادمنا لن نتعثر مرة . أخرى عندما يحين وقت النهوض
حينما تتوقف؛ ستنظر إلى الأمور من جوانب أخرى ؛ ربما ذلك الشيء الذي أهملته منذ مدة طويلة سيعود الى تفكيرك بعد أن تخلصت من شوائب الدنيا..فتصبح لك نظرة مغايرة لكل شيء! ستُصبح واعياً .أكثر بقيمة الأشياء وإن كانت بسيطة
حينما تغوص داخلك؛ ستكتشف عالمك الخاص الذي لا يمكن لأي شخص الإقتراب منه؛ ستُدرك أن . السعادة لا تأتي من الخارج أبدا؛ بل من داخل قلبك
حينما تسافر بعيدا عن تفاهات العالم؛ ستشعر بقيمة وجودك و أهمية شعور الإمتنان الذي يغمر الروح . فيجعلها راضية؛ متصالحة مع نفسها، بعد أن عانت من صراع الذات و عيوبها و وجع كمالها
حينما تعيشُ لأجلك ستجد أجوبة جميع التساؤلات التي كثرت في مخيلتك؛ ستصبح قادرا على تجاوز . العبثية التي رسمها عالمنا المزيف و جعلنا خاضعين لها
للسفر الروحاني أهمية أعمق من الوصف، ولن نشعر بقيمتها إن لم نتخلص من عبوديتنا لأوهام الحياة .البئيسة؛ وإن لم نرسم أبوابا جديدة لأحلامنا التائهة ولعل الجميل في هذه الرحلة؛ أننا نصل إلى مرحلة لا نعير فيها للأمكنة إهتماما ولا للزمان وقتا، حيث . نصبح نحن الجوهر العظيم و الأساس الأمثل
قطار الحياة لا ينتظر أحداً؛ بل لا ينذر بمروره حتى؛ لهذا وجَب حسن اختيار المحطات التي سنحط رحالنا بين هوامشها؛ وترك الحيرة جانبا؛ و نفض الغبار على أرواحنا ثم ننطلق؛ نركض للتسابق مع .ظروف الحياة .. و مادامت نِعمُ الله علينا لا تُعد ولا تحصى؛ فسنكون بخير