عبد العزيز الإدريسي
امتدادا للخطاب السامي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة الذكرى 42 للمسيرة الخضراء، وجه جلالته يوم الثلاثاء 6 نونبر 2018، خطابا ساميا للذكرى (43)، وفي مستهل هذا الخطاب السامي ذكر جلالته بالمقاربات الناجعة التي اعتمدها جلالته حيث قال نصره الله:
لقد اعتمدنا مقاربة ناجعة في التعامل مع القضايا الكبرى للبلاد ترتكز على العمل الجاد وروح المسؤولية داخليا، وعلى الوضوح والطموح كمبادئ لسياستنا الخارجية.
أعتقد أن جلالته كان يقصد باعتماد مقاربة ناجعة، أي الخطوات المدروسة المضمونة المردودية التي تنسجم في التعامل مع القضايا الكبرى للبلاد، والقضايا الكبرى نفهم منها أولا وكأولوية، هي أقاليمنا الجنوبية المسترجعة "الصحراء المغربية" التي استرجعها المغرب بالطرق السلمية من خلال المسيرة الخضراء التي أبهرت العالم، وهي مسيرة لا يعرف مثلها العالم سابقة، مؤسسة على قرار محكمة العدل الدولية، أن الصحراء مغربية أبا عن جد، وهي أراضي لم تكن خالية و إنما اغتصبها الاستعمار، وهنا يمكن القول أنه خطأ ما وقع في مفاوضة "ايكس ليبان" ، وأن الخطأ لم يكن بسوء نية وإنما بحسن نية، والأساس في هذا الخطأ الغير المذكور والغير المؤرخ في وثيقة الاستقلال، حيث إن المغرب كان مضطرا للتوقيع على الاتفاق نظرا لكونه كان تحت الحماية الفرنسية، وكانت شقيقتنا الجزائر لازالت تحت وطأة الاستعمار، فلم يكن للمغرب خيارا إلا الحصول على الاستقلال الأولي في انتظار تحرير الأراضي والأقاليم الجنوبية الأخرى تدريجيا، لأن الحق مع المغرب قانونا وشرعا، ولم يكن في مخيلة المغرب أن يحصل على هذا الاستقلال وينسى الشقيقة الجزائر، بل كانت قضية الشعب الجزائري من قضاياه الأولى معتقدا أن أشقاءنا في الجزائر سوف لن نجد معهم مشكلة بعد مساعدتهم على الاستقلال، وهو ما فعله المغرب ودافع عن قضية الجزائر بكل الوسائل المادية والمعنوية سواء على الأرض أو في المحافل الدولية، وضحى المغرب بالغالي والنفيس بالمال والسياسة والرجال من أجل استقلال الجزائر، حيث كان المغاربة قاطبة لا يعرفون راحة البال إلا بعد استقلال الجزائر لدرجة أن المغاربة كانوا يعتبرون أنفسهم غير مستقلين دون استقلال الشقيقة الجزائر، غير أنه في السنة الأولى لاستقلال الجزائر لم ير المغاربة من هذه الأخيرة إلا سياسة العداء والبغض والعدوان، إلى أن نشبت حرب الرمال التي انتصر فيها الجيش المغربي وكان بإمكانه احتلال جزء كبير من الجزائر أو على الأقل فرض شروطه في خريطة الحدود بين البلدين، لكن من شيم الملوك الكرام الشرفاء العلويين آل البيت، لم يستغلوا ضعف الجزائر ولا قلة يدهم وأعطيت التعليمات إلى الجيش المغربي وانسحب مرفوع الرأس مسجلا على النظام الجزائري آنذاك إصابة قوية سياسية وفي نفس الذات ظل متضامنا مع الشعب الجزائري ولا يكن له إلا الود والاحترام، وبمساندته في جميع قضاياه في المحافل الدولية، لكن النظام
الجزائري اعتمد سياسة العداء اتجاه المغرب إلى يومنا هذا، وبناء عليه القول أنه حان الوقت ليغير النظام الجزائري سياسته اتجاه المغرب الذي ظل على العهد و الوفاء يدافع عن القضايا المصيرية المشتركة.
على النظام الجزائري أن لا ينسى مواقف المغرب إلى جانبه منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، والمغرب لا يؤاخذ الجزائر بأفعالها العدائية لأنه يعرف جيدا أن النصر له وأن الغلبة له بفعل الخير والمحبة التي يكنها لهذا البلد الجار الشقيق، وهو شعب لا يختلف مع شقيقه الشعب المغربي في شيء، لا في اللغة ولا العادات والتقاليد، فالجلابة في المغرب هي الجلابة في الجزائر، والكسكس في المغرب هو نفسه في الجزائر، والمحبة والود التي يكنهما الشعب المغربي هما نفسهما يكنهما الشعب الجزائري لأشقائه في المغرب، لكن السياسة المغرورة للنظام الجزائري والطمع في التوسع وعدم الاعتراف بالجميل هما اللذان فرقا بين شعبين شقيقين، وكان من الواجب والضروري أن لا توجد مثل هذه السياسة التي أدت بالانشقاق بين بلدين أخوة وأشقاء في كل شيء.
كادت هذه السياسة أن تختفي من الوجود بعد تصريح المرحوم فخامة الرئيس "الهواري بومدين"، حيث صرح أنه لا أطماع للجزائر في الأراضي المغربية المسترجعة، لكن مع وفاته رحمه الله، سلك النظام مسلكا آخر غير ودي اتجاه المغرب مما أجج الوضع بين البلدين وأساسا قضية استرجاع المغرب لأراضيه الصحراوية بعدما استرجع من قبل طرفاية وطنطان والأراضي التابعة لهما، ثم الداخلة ووادي الذهب وباقي الأراضي الأخرى، وعلى الرغم من سياسة العداء التي كانت الجزائر ولازالت تعتمدها ضد المغرب في المحافل الدولية، فإن المغرب يداه لازالت ممدودة للأشقاء في النظام الجزائري من أجل جعل حد لواقع التفرقة والانشقاق داخل فضاء المغرب العربي الذي يعيش في تناقض صارخ وغير مقبول مع ما يجمعنا من أواصر الأخوة ووحدة الدين واللغة، والتاريخ والمصير كما جاء في الخطاب السامي لجلالة الملك.
يقول جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي، الذي وجه جلالته من خلاله نداء من أجل تحقيق الوحدة المغاربية والذي يجسده وأصر عليه مؤتمر طنجة منذ 60 سنة أي منذ سنة 1958، ومنذ هذا التاريخ والمغرب يساند موقف الثورة الجزائرية وفي كل ما هو في صالح الشعب الجزائري من أجل توطيد العلاقة السرمدية بين الشعبين المغربي والجزائري من خلال المقاومة الجزائرية، وبهذه المساندة المغربية كان المغرب يسعى إلى وحدة الشعوب المغاربية، وأسس للوعي والعمل السياسي الجاد المغاربي المشترك وبناء وحدة المغرب العربي من أجل تنمية وازدهار شعوب المنطقة، وتحقيق طموح شعوبها الذين عانوا من قهر الاستعمار وأطماعه في خيرات المنطقة المكونة من المملكة المغربية، الجزائر، ليبيا، تونس وموريتانيا، وتوظيف كل الخيرات التي أنعم الله بها على هذه المنطقة في بناء الإنسان المغاربي حتى يعيش في سلم و أمان وحب الأوطان الخمسة، وهو يتمتع بحرية، وكرامة، وديمقراطية، وتآلف وتآزر، وود ورحمة، بين مكونات شعوب المنطقة،
وهذه هي المبادئ الأساسية التي يسعى إلى تحقيقها جلالته كما قال في خطابه السامي، وهو طموح لا يصدر إلا من عند إنسان واقعي يتمتع ببعد نظر وتوجه ديمقراطي إنساني أساسه المحبة والعقيدة في التعايش السلمي وبناء أوطان المغرب العربي، والذي أبناءه لحمة واحدة وعضو في جسد واحد، إذا مرض اشتكت له كافة الأعضاء.
وفي هذا السياق، قال جلالته يجب أن نكون واقعيين وان نعترف بأن وضع العلاقات بين البلدين غير واقعي وغير مقبول، ولقد أكد جلالته أيضا في هذا الخطاب السامي أنه ومنذ أن تولى العرش، بصدق وحسن نية طالب بفتح الحدود بين البلدين الشقيقين وبتطبيع العلاقات بينهما، وجلالته صادقا فيما قال، و آماله لازالت قائمة.
وبكل وضوح ومسؤولية يؤكد جلالته أن المغرب اليوم مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة من أجل تجاوز الخلافات الظرفية و الموضوعية التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين.
أردف جلالته قائلا، ولهذه الغاية أقترح على أشقائنا في الجزائر إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور، يتم الاتفاق على تحديد مستوى التمثيلية بها، وشكلها وطبيعتها، وأن الشعب المغربي قاطبة يؤيد ما جاء في الخطاب السامي لجلالة الملك حتى يعرف ويطلع المغاربة ماذا تريد الجزائر من المغرب لمدة 43 سنة، وهي غامضة لا يعرف لها في ماذا تطمع؟ وماذا تنوي من خلال مناوراتها العدائية للمغرب حول استكمال وحدته الترابية، وهي أي الجزائر تعلم علم اليقين أن استرجاع المغرب لصحرائه هو قانوني وشرعي، ولا غبار عليه من خلال رغبة رعايا جلالة الملك الذين فرق الاستعمار بينهم وبين أشقائهم في الأقاليم المغربية الأخرى، وعلى الرغم من مراوغة الجزائر التي أطالت في استفزاز المغرب، الذي واجه أطماع الجزائر ونسيانها للمصالح المشتركة في مقاومة الاستعمار معا ولسنوات طوال حتى الحصول على الاستقلال، وأن المغرب كان غير راض على الاستقلال دون شقيقته الجزائر، ولم يغمض له جفن حتى نالت استقلالها، وأن الجزائر لا تخفى عليها خفية في هذا المضمار، وعلى الرغم من ذلك، المغرب ظل صامدا بكل عقلية وثبات ودبلوماسية مهنية، غير قاطع للأمل في أن وحدة البلدين الشقيقين آتية لا ريب فيها، حال مراجعة الجزائر التاريخ المشترك وتفهم أن مصالحها في هذه الوحدة وبناء المغرب العربي الذي طال انتظاره، وان الأجيال القادمة وتاريخ بلدانه سيحاسبون من كان السبب في تعطيل هذا البناء أمام الله والتاريخ، وبكل مسؤولية وجدية ذكر جلالة الملك في خطابه السامي هذا، إلى أن المغرب كان ولازال وسيظل متفتح على الاقتراحات والمبادرات التي قد تتقدم بها الشقيقة الجزائر بهدف تجاوز وضع الجمود السائد في العلاقات بين البلدين منذ 43 سنة.
وقال جلالة الملك نصره الله، فإن آلية الحوار ستساهم في أن تشكل إطارا عمليا للتعاون بخصوص مختلف القضايا الثنائية، وخاصة فيما يتعلق باستثمار الفرص والإمكانات التنموية التي تزخر بها المنطقة المغاربية.
واعتبارا لما يكنه المغرب للجزائر قيادة وشعبا من مشاعر المودة والتقدير، قال جلالته، فإننا في المغرب لن ندخر أي جهد من أجل إرساء علاقتنا الثنائية على أسس مثينة، من الثقة والتضامن وحسن الجوار عملا بقول جدنا صلى الله عليه وسلم: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
فجلالة الملك وضع الجزائر في موقع حرج والأمر الواقع، فبهذا الخطاب السامي تكون الجزائر بين خيارين، أولا إما أن تنظر إلى مستقبل الدول المغاربية وتعود إلى جادة الصواب، وتستجيب إلى نداء صاحب الجلالة الذي يشدد على مبدأ حسن الجوار والثقة في العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين المغرب والجزائر وبالتالي الشروع في بناء اتحاد المغرب العربي الذي لا مفر منه، حيث أنه هو مستقبل هذه الدول المغاربية الخمس ومن خلاله ينفض الغبار عن أي غموض في العلاقات بين البلدان المغاربية في إطار من التعايش السلمي والتضامن والتكافل من غير حدود ولا جوازات السفر، والكل من مواطني الاتحاد له حرية العيش في القطر الذي يريد دون ميز وتمايز، له جميع الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطن الأصلي في القطر، يمارس جميع المهن المشروعة من تجارة وخدمات وتمليك للعقار وفق اتفاق عام خماسي يضمن لكل مواطن مغاربي العيش الكريم والحريات العامة وممارسة الشعائر الدينية في إطار القانون المحلي كالزواج والتجول بحرية، والحصول على البطاقة الوطنية وجواز السفر مع احتفاظ كل مواطن بجنسيته الأم، وتطبق عليه مجموعة القواعد القانونية السائدة في القطر الذي فضل العيش فيه، وله حرية التنقل والإقامة في أي وقت وفي أي زمان مادام لم تكن له التزامات أو واجبات وهي عالقة اتجاه الدولة ولم يقم بتسويتها، وانسجاما مع ما سبق ذكره، فإن جلالة الملك نصره الله يؤكد حيث قال جلالته:
وها نحن اليوم نربط الماضي بالحاضر، ونواصل الدفاع عن وحدتنا الترابية بنفس الوضوح والطموح، والمسؤولية والعمل الجاد على الصعيدين الأممي والداخلي.
ويتجسد هذا الوضوح قال جلالته، في المبادئ والمرجعيات الثابتة التي يرتكز عليها الموقف المغربي، والتي حددها جلالته في خطابه بمناسبة الذكرى 42 للمسيرة الخضراء، وهي نفس المرجعيات كما جاء في الخطاب السامي التي تؤسس لعملنا إلى اليوم.
كما يتجلى في التعامل بكل صرامة وحزم مع مختلف التجاوزات كيفما كان مصدرها، التي تحاول المس بالحقوق المشروعة للمغرب، والانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المحددة.
وأنا أقول في هذا السياق، "الفاهم يفهم"، وليعلم الجميع فإن المغرب لا يمكن أن يتحاور إلا في إطار الواقعية، في حدها الأقصى مبادرة الحكم الذاتي، ومن يزيغ عن ذلك فهو غير جدي ولا يبحث عن حل توافقي عادل من أجل تحقيق بناء الاتحاد المغاربي ليسوده الأمن
والاستقرار والعيش الكريم لكل مواطنيه سواسية، مغربي، جزائري، تونسي، ليبي، موريتاني، لا فرق بينهم في الحقوق والواجبات داخل أي قطر من الأقطار الخمسة.
أما على المستوى الداخلي، فإن الخطاب السامي لجلالة الملك بمناسبة الذكرى 43 للمسيرة الخضراء، فقد أثلج صدري كثيرا مثل المغاربة جميعا، حيث قال جلالته:
فإننا نواصل العمل من أجل وضع حد لسياسة الريع والامتيازات، ونرفض كل أشكال الابتزاز أو الاتجار بقضية الوحدة الترابية للمملكة.
فسياسة الريع عنصر أساسي من العناصر التي تعيق تقدم المغرب، من خلال الاعتماد على الذات وتكافؤ الفرص وهو مطلب شعبي ملح على جميع مستويات الطبقات الشعبية والذين هم في الواقع العمود الأساسي في الحفاظ على وحدة البلاد و إرساء قواعد التضامن والتكافل الاجتماعي، لذا فالمنطق يقول، المغاربة سواسية في الحقوق والواجبات، لا فضل لهذا على ذاك إلا بالحق والمشروعية وتطبيق القانون.
وبعودة المغرب إلى بيته الإفريقي وهو بيت الأسرة المؤسسية الإفريقية التي يعتز المغرب لانتمائه إلى هذه القارة السمراء، وهو فرصة سانحة لتعاون المغرب مع أشقاءه في القارة السمراء من بناء مجتمع إفريقي متوازن متقدم اقتصاديا واجتماعيا في إطار التزام شامل بالانخراط في الدينامية التنموية على جميع الصعد، ومواجهة كل التحديات الطارئة أو المستقبلية وفق مخطط واضح قابل للتنفيذ بكل فعالية تخدم مصالح القارة العليا.
وفي نفس السياق الاقتصادي والسياسي أكد جلالته على الاستمرار بروح المسؤولية على أن المغرب سيسلك مسار نفس العمل على الاستثمار في شراكات اقتصادية ناجعة ومنتجة للثروة مع مختلف الدول والتجمعات الاقتصادية بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، ويقول جلالة الملك أعز الله أمره، إلا أننا لا نقبل بأي شراكة تمس وحدتنا الترابية.
في رأيي الخاص، فإن سياسة جلالة الملك المعتدلة وذات بعد النظر والحكامة الجيدة، ستخدم مصالح كل الدول التي ستنخرط فيها وتعود بالنفع على الشعوب الإفريقية وتحسين ظروف عيشهم في ظل الحرية والكرامة داخل أوطانهم، وهي طموح يسعى إلى تحقيقها جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
الاستنتاجات الأساسية
1- على المستوى الخارجي:
يلاحظ أنه من خلال الخطاب الملكي السامي إن جلالته يذكر النظام الجزائري ومن خلاله الشعب الجزائري. إن المغرب اعتمد في تعامله مع الجارة الشقيقة الجزائر سياسة الليونة والسلاسة والود، والأخوة، لإيجاد حلول ناجعة مفادها التفاهم والحوار والتوافق حفاظا على التاريخ المشترك في النظام والمقاومة من أجل الحرية والاستقلال أساسه المصير المشترك، وبالتالي بناء الإنسان الذي سيجسد طموح الدولتين الشقيقتين باعتبارهما المكونان الاساسيان في بناء الاتحاد المغاربي الذي له مستقبل واحد بالتعاون مع الاتحاد الافريقي من جهة، ومن جهة أخرى الاتحاد الأوروبي غير أنه ومع الأسف الشديد، فإن الشقيقة الجزائر لم تدرك بعد بأن مستقبلها في المصير المشترك مع المغرب بالتعاون والتوافق والانسجام في كل ما
يتعلق بالقضايا الملحة من أجل بناء الاتحاد المغاربي الذي طال انتظاره منذ حوالي 60 سنة، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا وباختصار.
فالشعب المغربي يتطلع وبكل ما تعنيه كلمة الأخوة والمحبة، ماذا يريد النظام الجزائري من المغرب الذي يده ممدودة بكل صدق و إرادة قوية إلى هذا النظام؟ ، والمغاربة طال بهم الشوق إلى معانقة إخوانهم في الجزائر الشقيقة، وفتح الحدود من أجل إحياء الرحم وصلة الدم، وكما يعلم الجميع بإذن من جلالة الملك، حاول بعض المسؤولين المغاربة أن يكسروا التحدي والعقبات بالتنازل بخفض العنفوانية والشموخ ساعين إلى تحقيق ما تمت الإشارة إليه أعلاه مع الأشقاء في النظام الجزائري، إلا أنه و للأسف الشديد باءت هذه المساعي بالفشل الذريع بسبب تعنت النظام الجزائري وأطماعه التوسعية والحقد الدفين الذي يضمره هذا النظام للمغرب، الذي هو صاحب حق و مشروعية لا هو ظالم ولا هو بمعتدي، نهاره كليله لا غيوم ولا ظلام، الطريق واضحة والحق بين والحرام بين، وهو مقتنع بأنه سيأتي اليوم الذي يتجلى فيه الوضوح وتنقشع السحب، وبالتالي يظهر الصائب من الخاطئ.
2- على المستوى الداخلي:
يستنتج من الخطاب السامي لجلالة الملك أن جلالته ماض في الإصلاح والبناء والنماء، حيث قال نصره الله، نرفض سياسة الريع والامتيازات، والاتجار في القضية الوطنية، وأعتقد أن القصد من الكلمات السامية لها أبعادها ولها معانيها ومفاهيمها السياسية والاجتماعية، فرفض سياسة الريع تعني التراجع عن المؤذونيات لأن المغاربة سواسية في إطار المنافسة الشريفة من خلال تكافؤ الفرص وفتح المجال أمام المغاربة جميعا للتباري والتنافس في ظل قضاء عادل والمساواة بين الناس، ولا مجال للزبونية والمحسوبية والوساطة تطبيقا للقانون الجاري به العمل المنزل من خلال مضامين الدستور المغربي لسنة 2011.
أما الامتيازات في رأيي الشخصي، المقصود التراجع عن تقاعد الوزراء والبرلمانيون، وما يعادل ذلك من مناصب أخرى تتمتع بالامتياز أو الاستثناء، و موازاة مع ذلك يمكن القول أن جلالة الملك نصره الله وأيده، يفكر في إعادة النظر في الأجور العليا و مراقبتها، أما من ضحى في سبيل الوطن وأسدى له خدمات جليلة دون أن تكون من مهامه الرسمية التي انيطت به، و تكالبت عليه الظروف وأصبح محتاجا فقيرا يعيش في ضيق شديد، القول من الواجب على الدولة أن تكفله وتوفر له عيشة كريمة وفق شروط معينة ومحددة تحت إشراف المجلس الحكومي، وباقتراح من وزير الداخلية بعد البحث والتدقيق، حول صاحب الطلب على أن لا يتعدى الجواب عن الطلب داخل اجل أقصاه ثلاثة أشهر.
فهذا تحليل متواضع قابل للمناقشة والتعليق الموضوعي، أما الاقتراحات فما هي إلا اقتراحات ورأي يمكن أن تجد لها سبيلا مستقبلا ولو جزئيا.