هشام شولادي
كان الله في عون كل معطل ومعطلة وهما يستقبلان كل صباح فوق رأسيهما في شوارع الرباط أمطار الخير والبركات من ضربات الهراوات وتسديدات الزرواطات،التي تنهال عليهما من كل حدب وصوب، لتفقدهما ذاكرة أيام التمدرس ومفردات التحصيل العلمي.والمحظوظون منهم من مارسوا في صباهم العدو الريفي، حيث تحولت عاصمتنا الإدارية بفضلهم إلى حلبة لمختلف ألوان الرياضات الحربية والدفاعية وحتى الفولكلورية.
هم بالآلاف يحجون من كل ربوع بلدنا السعيد، يحذوهم الأمل في وظيفة تحفظ كرامتهم وتعيل أسرهم وتعوضهم عن سنوات التعب والشقاء.
ولكن الحلم لم يتحقق والأمل تبخر، ولم يجدوا أمامهم سوى فيالق مدربة على حسن التصويب ودقة التعنيف.
يا قوم : إن جماجم المعطلين ثروة وطنية وجب الحفاظ عليها وحمايتها، ففيها علوم القرآن والحديث وأصول الموافقات،وفيها حساب الجبر والرياضيات، وفيها تاريخ العرب والعجم وتأسيس الدويلات،وفيها منشأ أوربا وأمريكا ودورة المجرات، وفيها جغرافيا الهند والسند ومختلف القارات، وفيها علوم الحياة وزحزحة القارات، وفيها أدب الكواكبي وشعر المعلقات، وفيها قصص موليير وباقي اللغات،وفيها أيام حسين ومقتل السادات،وفيها صراعات المرابطين والسعديين والحروب الباقيات،وفيها فنون الخط والرسم وألحان الأغاني الخالدات.وفيها.......
ألا يؤلمنا أننا نودع كل سنة المئات من أبنائنا لحاصلين على شواهد عليا؟ تستقبل طلباتهم سفارات فرنسا وكندا لتقدم لهم تأشيرة دخول أراضيها بكل سخاء!! وهي التي لم تنفق على تكوينهم ولو دولارا واحدا. أدمغة نخسرها وطاقات نبددها تهاجر لبلاد المهجر لتساهم في بناء حضارة لا تربطهم بها لا تاريخ ولا جغرافيا.
يا قوم : إن المقاربة الأمنية ستزيد الطين بلة، والحلول البديلة في التجارة والأعمال اليدوية ضحك على الذقون واستخفاف بسنوات التمدرس وليالي السهر وجهود التأطير والتوجيه.
إن ملف المعطلين تلزمه إرادة سياسية حقيقية تقدر جماجم شبابنا، تفي بالوعود السابقة، وتقاوم مقالع الفساد، وتجتث الأشباح الذين يقدرون بالآلاف في جميع القطاعات،وتقطع مع التوظيفات المشبوهة التي تروم التفرقة بين أبناء المغاربة وتزرع الحقد بينهم.
ملحوظة: الأشباح أرقام تأجيرهم معروفة، فلا تعدوهم مع التماسيح والعفاريت والخفافيش.