حي العوامة بطنجة يتنفس تحت الماء

واقعة يسرى تدفع مواطنين ضواحي بركان إلى مطالبة السلطات بالتدخل قبل وقوع الكارثة

انخفاض سعر البيض بشفشاون تزامناً مع تراجع أسعار الدجاج

أمطار الخير تعيد إحياء تدفق المياه في منبع "رأس الماء" الشهير

حادثة سير خطيرة بمنطقة الهروايين مع موعد الإفطار

حــــريق مهول يأتي على السوق البلدي بالمحمدية ويخلف خسائر بالملايين

ما الذي أفقد النقابات قوتها ومصداقيتها أمام المغاربة؟

ما الذي أفقد النقابات قوتها ومصداقيتها أمام المغاربة؟

أخبارنا المغربية

بقلم : اسماعيل الحلوتي

لم يبق هناك أحد من المهتمين بالشأن النقابي، يجهل ما آلت إليه أوضاع النقابات بالمغرب من ترد، وما تعانيه من ضعف نوعي وكمي في سائر القطاعات خلال السنوات الأخيرة، ولاسيما في ظل حكومتي ما بعد مرحلة ما سمي بالربيع العربي تحت قيادة حزب "العدالة والتنمية" ذي المرجعية الإسلامية، الذي اتخذ أمينه العام السابق ورئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران قرارات لا شعبية أضرت كثيرا بالطبقات الفقيرة والمتوسطة، وأجهزت على عديد المكتسبات منها: الحق في الإضراب، التقاعد والوظيفة العمومية... دون أن يجد أمامه تلك المقاومة النقابية الشرسة المعهودة، والذي أبى خلفه سعد الدين العثماني إلا السير على خطاه، والاستمرار في صم أذنيه وتعطيل الحوار الاجتماعي الهادف. ترى ما هي الأسباب الكامنة خلف هذا التراجع الصارخ؟

 

ففي البداية تجدر الإشارة إلى أن هناك حقيقة ثابتة لا يمكن تغافلها، وهي أن النظام السياسي و"الباطرونا" غير مستعدين لترك النقابات تتقوى وتتوحد صفوفها، خوفا مما يمكن أن تشكله عليهما من مخاطر. وهو ما جعل الدولة تنهج سياسات ممنهجة، بغرض إنهاكها في القطاع العام، بعد قطعها أشواطا كبيرة في القطاع الخاص. حيث عمدت إلى التضييق على الحريات النقابية وتقويض ركيزة التنظيم النقابي، المتمثلة في الطبقة العاملة، من خلال إغلاق بعض المعامل والوحدات الإنتاجية وتشريد آلاف العاملات والعمال وعائلاتهم. ومن ثم استغلت الضعف القائم، لتلحق بها مزيدا من الضربات الموجعة وذات الأثر العميق، من خلال تحرير أسعار المحروقات و"إصلاح" صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد... بالإضافة إلى ما يجري من تحضير لتمرير مشروعي قانون الإضراب وقانون النقابات.

 

وأمام عجز النقابات عن مجابهة الهجوم الكاسح على حقوق الشغيلة، ولكونها أصبحت دون مستوى رفع التحديات والتصدي للمخاطر التي تهدد مكتسبات كلفتها عقودا طويلة من النضال، تواصل الدولة سيرها صوب تنفيذ مخططها الجهنمي في إبادة الوظيفة العمومية، التي دشنت لها عام 2005 بالمغادرة الطوعية للكثيرين من أطرها، مدعية أن العملية تندرج في إطار التخفيف من الضغط على كتلة الأجور. إسناد خدمات الحراسة والتنظيف بالإدارات العمومية لشركات خاصة، واللجوء ابتداء من سنة 2016 إلى نظام التعاقد بقطاع التربية والتكوين، المعتمد على التشغيل بالعقدة المحددة في الزمان والمكان.

 

بيد أنه ليست الدولة والباطرونا وحدهما فقط من أطفأتا بريق النقابات، وأفقداها ذلك الزخم الذي كان يمنحها القوة والجاذبية، بل هناك ضربات أخطر وأشد إيلاما، وهي تلك التي تتلقاها باطراد من داخلها، حتى أبلغتها إلى هذه المراحل المتقدمة من الوهن، وجعلت عديد المنخرطين ينفضون من حولها، في الوقت الذي كانت فرائص وزراء الشغل في الحكومات المتعاقبة، ترتعش لمجرد الحديث عن عزمها تنظيم مسيرة احتجاجية أو خوض إضراب أو عند اقتراب حلول العيد الأممي للشغيلة: فاتح ماي، حيث كثيرا ما كانوا يبادرون إلى الزيادة في الأجور، تحسبا لأي ردود أفعال شعبية غاضبة...

 

وهكذا نجد أن هناك أسبابا متعددة تظافرت في ما بينها وساهمت في هذا التراجع النقابي الرهيب، ومنها محدودية الإمكانات المادية والبنيات التحتية اللازمة في التأطير وتنفيذ البرامج، هيمنة الحزبي على النقابي، من حيث توظيف العمل النقابي لصالح الحزبي الانتخابي الضيق، بعيدا عن هموم العمال وانشغالاتهم، إذ صارت النقابات المرتبطة بالأحزاب أكثر ميلا إلى الهدنة وتجميد الملفات المطلبية، بدعوى الواقعية والأزمة العالمية والسلم الاجتماعي، كلما كانت تلك الأحزاب ضمن الائتلاف الحكومي، لكنها تتجه نحو التصعيد وتكثيف المحطات النضالية في حالة العكس. وعلاوة على ذلك، لم تفتأ النقابات تعيش على وقع التصدعات وغياب الديمقراطية الداخلية، والاستبداد بالرأي الواحد دون إشراك القواعد في الإدلاء بآرائها ومواقفها تجاه عديد القضايا الشائكة وفي اتخاذ القرارات المصيرية، عدم احترام

 

دورية المؤتمرات وترجيح منطق القرابة والمحسوبية على الطاقات الشابة، وتخليد الزعماء إلى حد صارت معه مركزيات نقابية مقرونة بأسمائهم، مما أثر على سمعتها وحال دون أداء دورها الاجتماعي، فتحولت إلى مجرد وسيلة للتكسب وتحقيق المصالح الذاتية على حساب الطبقة العاملة.

 

من هنا وأمام التشتت الناجم عن تضارب المصالح وتراكم الخلافات التاريخية واختلاف المرجعيات الإيديولوجية، وتفشي الفساد وهيمنة البيروقراطية وتجزيء المطالب والنضالات واحتكار القيادات من قبل عقليات تقليدية بائدة، وعدم القدرة على المواجهة الصلبة، والدفاع عن مصالح العمال وصون المكتسبات وانتزاع الحقوق، فقد تآكلت مصداقية النقابات ولم تعد تعبر سوى عن الأقلية من الشغيلة، لتطفو على السطح ظاهرة التنسيقيات، التي خلافا للحركة النقابية تركز في نضالاتها على مطلب واحد وواضح، كما هو الشأن بالنسبة للأساتذة المتدربين والممرضين وأساتذة التعاقد حاليا، التي تعتمد في التعبئة وحشد الدعم على وسائل التواصل الحديثة، عبر الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، فضلا عن توفرها على هيكل تنظيمي محكم، ومكاتب وطنية مكونة من منسقين جهويين، تنتخبهم القواعد بشفافية وفي أجواء من الديمقراطية...

 

فمهما بلغت الحركة النقابية من ضعف وتفكك، ساهما في تعميق أزمة الوضع الاجتماعي وفاقم معاناة الطبقة العامة المهيضة الجناح، المهضومة الحقوق والمسلوبة الإرادة وعزة النفس، لا مناص للشغيلة سوى الانخراط الكثيف في العمل النقابي الحر ورص الصفوف، من أجل الدفاع عن شروط العمل وتحسين ظروف العيش الكريم وتوفير الحرية والعدالة الاجتماعية، والتصدي لخطاب التيئيس وتطهير الجسم النقابي من مختلف الأعطاب والعلل، التي تتحكم في مفاصله وتشل حركته نحو الأمام.


عدد التعليقات (6 تعليق)

1

اين هي هاته النقابة الجرة لقد باعوا الماطش منذ ؤمان

2019/03/29 - 02:57
2

Momo

الأحزاب و دعم الدولة

الأحزاب و دعم الدولة

2019/03/29 - 03:02
3

متقاعد

كان يما كان

النقابات مشات مع الولى حين كان النقبي يعمل ويناضل ويحصل على ما يريده. اما النقبي يبحث عن مصلحته ويعفى من العمل زعم التفريغ للعمل النقبي ثم يتلاعب بمصالح الناس لصالح الرؤساء وزد على ذالك الكذب والنفاق و....... وهكدا انقلب اسم النقابات الى اسم النفايات نسبة الى الرائحة التي اصبحت تفوه من منجزاتهم.

2019/03/29 - 03:04
4

حمورايي

سبب ضعف النقابات غياب الديمقراطية الزعيم ملتصق بالكرسي حتى القبر والدولة تعرف نقطة عيبهم فاغرقتهم بالامتيازات واشترت صمتهم ومررت القوانين المجحفة في حق الشعب وكافات بنكيران بتقاعد فاحش عرفانا له على ظلم الشعب

2019/03/29 - 05:58
5

مواطنة

خيانة

النقابات فقدت مصداقيتها حين ادارت ضهرها للشعب ابان الربيع العربي وتآمرها على الشغيلة خلال تمرير نضام التقاعد الجديد و دلك بتغيبهم المتعمد عن جلسة التصويت علىى المشروع لتسهيل تمريره.

2019/03/29 - 06:59
6

ح ح

النقابة

النقابة و هي عبارة عن مقر اي فندق يجتمع فيه العمال يتدارسون فيه مشاكلهم ويخرجون منه بنتيجة سارة لهم ولرب الشركة حيث العمال هم النقابة هم عقل الشركة هم الانتاج والمنتجين لولاهم لما م كانت النقابة ولاتجد ما تنقب ففي بداية النقابة كان الجد والعمل وكان الشغل موجود حيث كان الكل يقوم بمهامه حتى السلطات فالنقابة كانت كوسيط لكي تبقى استمرارية الشركة و ....و.....و....

2019/03/29 - 08:10
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات