محمد حسيكي
فرحة الميلاد في الحياة البشرية تنسب من البدء الى النظام الشمسي من عهد ميلاد المسيح سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، من قول الله تعالى في القرءان الكريم، هزي اليك بجدع النخلة يتساقط لك رطبا طريا .
ومن تمة يحتفل المسيحيون من كل عام بعيد الميلاد من السنة الشمسية، تبعا لنظام الشمال من الافق، اذ يجري الاحتفال بالوسط الكنسي في رمزية دينية، ومن شجرة الميلاد التي تزين بالملمعات، وشكليات من الانوار تعكس الفرحة الدينية بعيد الميلاد .
وفي النظام القمري يحتفل المسلمون من الوجهة الدينية والاجتماعية، بالذكرى السنوية للمولد النبوي من شهر ربيع الاول في اجواء من الحياة الدينية بالمسجد، يتم فيها احياء ليلة من الذكر الديني وأناشيد جماعية من الامداح النبوية .
وصبيحة اليوم الموالي تتبادل الاسر والافراد التهاني بحلول عيد المولد النبوي، وهو خير ما طلعت عليه شمس الامة من الاعياد الدينية .
ومن طلعته اتخذ اهل المغرب التحية الصباحية من اسم صباح الخير .
ومن عيد الميلاد الشمسي، وعيد المولد القمري، اتخذ الافراد من النظام الاجتماعي، منهجية الاحتفال في الحياة العامة بعيد الميلاد السنوي من الافراد ذكورا وإناثا .
وفي المغرب، يكتسي الاحتفال بميلاد الفرد من بدايته، طابعا جماعيا من الاسرة ووسطها العائلي والجوار السكني، عن طريق حفل يوم الاسبوع من اعلان تسمية الولادة .
وحين يعقد الفرد من السن، والقدرة على الفرح مع اقرانه من سن الطفولة، يجري الاحتفال بيوم الميلاد من السنة، وهو اضافة احتفالية عن اسبوع التسمية من زمن الولادة .
الميلاد السعيد :
عهد ظهور الاحتفال بالحياة الميلادية للأفراد، عرف الاطفال من حياتهم اسم العيد، واصبح المهنئون يجتمعون على مستوى سنهم، ويقدمون للمحتفل هدية الصداقة والتهنئة بالحياة السعيدة، ومشاركته فرحة الميلاد والتي اصبحت احتفاليتها انشودة الانسان المعاصر، حيث اتسع مجال العمل، وتقدم مستوى الرفاه بالمجتمع، وتحضر الافراد من حياة ملؤها الافراح والسعادة .
ومن تمازج الحضارات بين الشرق والغرب، اتخذ ساكنة المغرب من الوجهة الاجتماعية احتفال الافراد بعيد الميلاد، اسوة برفاق الدرب من العلم في إطار النظام التربوي المنفتح على اللغات، وعلى الحياة البشرية من مقوماتها الجديدة .
وكما تقتدي الناشئة من صغرها بأسرتها، تقتدي الاسرة ايضا من كبرها بأبنائها التي تأخذ منها زمام الحياة ، وتستمر عليها مع ما يجد فيها من تجديد .
حفل الميلاد :
تجري التقاليد البشرية من الميلاد بإقامة حفل من الكبار، فرحا بحياة المواليد الصغار سواء من اسبوع عائلي يخلد الاسم الشخصي للفرد، أو من حفل سنوي يخلد الذكرى السنوية لميلاد الفرد .
وعهد التعليم النظامي بالمغرب، دخل سعيد الى المدرسة، ومن وسطها التعليمي عرف من الدراسة حفل الميلاد السنوي .
وما لبث أن قام بنقل ذلك الى وسط اسرته بالبيت، وحبب ذلك الى اسرته التي تنشد منه رجل المستقبل، ومن ذلك الاستحباب وعده والده حين النجاح من الطور التعليمي، أن يقيم له حفل الميلاد بحضور الكبار والصغار .
ومن قمة الفرح بالحفل أن يوم نجاح سعيد في الدراسة، صادف يوم ميلاده ومشاهدته نور الحياة في حضن والديه .
يومها سارعت الاسرة في اعداد الحفل، ودعوة المعلم لحضور حفل التلميذ والاسرة، في اجواء تربوية مختارة من تلامذة الفصل
وهكذا اتخذ الاعداد من الاسرة للحفل تحضير حفل للصغار، وآخر للكبار .
حفل الصغار :
قامت الام تحدوها الفرحة بحفل ابنها بالإعداد مع اهل بيتها، في تحضير كعكة الميلاد بكل مقوماتها الغذائية وتلويناتها التجميلية، فضلا عن اعداد شموع الحفل التي ينبغي ان تزين موائد الحفل، وأيضا المبردات الخاصة بالكعكة ووجبة الحفل .
وجبة الحفل :
هي وجبة طعام خاصة بالكبار يجري اعدادها في صحون الأكل، وعند التقديم توضع على مائدة في شكل طبق جماعي، تحضره الأحاديث المتبادلة والطرائف الممتعة، الى جانب المباركة والترحيب من الجمع الاحتفالي .
بداية الحفل :
كان الصغار هم أول من بدأ الحفل بالموسيقى الهادئة، تجري نغماتها في غرف البيت على أضواء خافتة الانوار، إثرها علت اصوات الصغار المهذبة بأنشودة التهنئة بالحياة السعيدة للمحتفل، وهم يلتفون حول مائدة كعكة الميلاد المحاطة بالشموع المضيئة، وأكواب المشروبات المثلجة .
بينما الكبار يتجمعون حول مائدة الأكل، يتمايلون تفاعلا مع انشودة الميلاد وترددات اصوات الصغار البهيجة بالاحتفال .
كما تتزين موائد الطعام بالشموع التي تضيء الحفل من سنوات المحتفل بعيد الميلاد .
وإذا كان الصغار يحتفلون حول طاولة الكعكة، بالتقاط صور الذكريات من الحفل، وبإطفاء المحتفل الشموع، واحدة تلوى الأخرى على ذوي التصفيقات والأصوات المريحة، ثم تناول اقساط الكعكة وكؤوس المبردات المنعشة .
فإن الكبار عند تناول الصغار الكعكة، يشرعون بعدهم في تناول وجبة الطعام .
دجاجة الاعمى :
كانت وجبة الحفل المعدة للكبار، تتكون من طبق الدجاج الذي يتوسط صحن المؤنة المقدمة للضيوف، والذين كان من بينهم فاقد للبصر، يلتم مع الجماعة حول طاولة الأكل، تعلو رؤوسهم شموع ميلاد سعيد .
وبعد أن أعطى سعيد انطلاقة قص الكعكة لأصدقائه من الغرفة المجاورة، تقدم متخفيا الخطى نحو غرفة الكبار وهم منغرسون في تناول الوجبة يدا بيد، ثم هم بإطفاء شموع البيت، فرحا مسرورا بحضورهم من مشاركته فرحة الحفل بالميلاد.
وما لبث الجمع من اطفاء الشموع أن رفع الايدي من الطعام من غياب الضوء، مما أعلا المناداة وهي تردد الأصوات منادية على رب الاسرة أن يأتيهم بالضوء لاستكمال وجبة العشاء .
وما ان سمع الأعمى بذلك حتى ارتمى على الدجاجة في الظلمة مستمرا في الخفاء من تناول الوجبة، وحين حضر رب الاسرة قادما بالضوء، فإذا به يجد صحن الطعام خاليا من الدجاج والضيوف لم يقدروا على النطق ببث شفة .
فرفع الصوت في الجمع كيف تأخذون من الصحن لكل منكم دجاجتين في صحوة الحفل، ولا تتركون من مجيء الضوء شيئا .
وعند سماع الأعمى الدجاجتين صاح يطلب المزيد Ị كيف صحت للجميع دجاجتين ويصح للأعمى دجاجة، هاتوا دجاجة الأعمى .
وهكذا انطفأت اضواء الدجاجتين من ميلاد سعيد، وصحت من الوجبة دجاجة الأعمى .