دويتشه فيله
باتت إيطاليا البلد الثاني الأكثر تضرّرًا من فيروس كورونا المستجد في العالم، بعد الصين، والأول في أوروبا، وفق الأرقام الرسمية لمنظمة الصحة العالمية حيث تجاوز عدد المصابين 15.113 حالة، وهو ما يوازي 60 بالمئة من جميع الحالات المسجلة خارج الصين، فيما تجاوزت عدد الوفيات 1000 حالة.
وتسعى السلطات الصحية كما خبراء الفيروسات الألمان إلى فهم "السيناريو الإيطالي" والانفجار الوبائي الذي دفع بالسلطات الايطالية لاتخاذ إجراءات استثنائية غير مسبوقة، منها إغلاق كل المتاجر (غير الغذائية والصحية) وفرض حظر شامل على التجمّعات وعلى السفر حتى الثالث من نيسان / أبريل المقبل. فكيف يمكن فهم هذه الأرقام بجدية علمية تساعد الدول على اتخاذ إجراءات عقلانية استباقية، دون السقوط في هستيريا التأويلات الكارثية.
تفاصيل صغيرة بعواقب كبيرة
هل يُكذب الانفجار الوبائي الحالي للفيروس في إيطاليا المعارف العلمية ذات الصلة؟ تجنبا لسوء الفهم وبث الذعر، فإن خلاصات خبراء الفيروسات الألمان لم تُغيرها الأرقام الإيطالية المهولة، وهم لا يزالون يفترضون أن عدد المصابين الفعليين غير المكتشفين كبير جدا. هذا معناه أن معدل الوفيات العالمي أقل بكثير من الأرقام التي تردنا حاليا من إيطاليا. الخبراء الألمان يقدرون النسبة الفعلية للوفيات بسبب فيروس كورونا بـ 0.7 في المائة.
المثير في "السيناريو الإيطالي" هو سرعة انتشار الفيروس مقارنة مع بلدان أوروبية كألمانيا وفرنسا، وكأن أشخاصا كثيرين أصيبوا بالفيروس دفعة واحدة. ما دفع الخبراء الإيطاليين لوصف الوباء بـ"تسونامي" وضع المؤسسات الاستشفائية في البلاد تحت ضغط غير مسبوق. والنتيجة كانت تضاؤل إمكانية معالجة الحالات الخطيرة بشكل جيد بسبب نقص الموارد. وبالتالي، فمن الأهمية بمكان تعبئة الدول لكل إمكانياتها بهدف إبطاء انتشار الفيروس تفاديا لـ"السيناريو الإيطالي".
"السيناريو الإيطالي" يمكن أن يتكرر في كل مكان
ليس من الواضح تماما كيف استوطن الفيروس شمال إيطاليا قبل أن يزحف بصمت على مناطق أخرى في البلاد. غير أن المعطيات الجغرافية والاقتصادية قد تساعد على رسم تصور لما يكون قد حدث. فشمال إيطاليا مركز اقتصادي كبير ونقطة تبادل دولي تربط العالم بمناطق الجذب السياحي الأساسية في البلاد. وبالتالي، من الممكن جدا أن يتكرر ما وقع في إيطاليا في أي منطقة مشابهة في العالم.
إضافة إلى ذلك، كان هناك سوء تقدير، وحتى غياب للتنسيق بين السلطات المركزية في روما والمراكز الصحية الإقليمية حول الأشخاص الذين يجب أن يخضعوا للكشف عن الفيروس، ما جعل الوباء يواصل انتشاره بصمت. في منتصف فبراير/ شباط الماضي، ذهب رجل إيطالي مريض (38 عامًا) لاستشارة طبيبه، كما زار مستشفى محلي عدة مرات، لكن لا أحد اهتم بإخضاعه لكشف للفيروس، بدعوى أنه لم يزر الصين من قبل. "المُصاب الأول" كما أسمته الصحافة الإيطالية، نقل العدوى لعدة أشخاص قبل أن يوضع تحت الحجر الصحي، 36 ساعة بعد قراره التوجه للطبيب. السؤال هو كم من مصاب تم تجاهله، وكم من مريض لم يعلم حتى بإصابته؟ هذا الغموض يجعل الفيروس صعب الرصد، ما يدق ناقوس الخطر لدى باقي دول العالم لاتخاد الإجراءات اللازمة قبل فوات الأوان.
طبيب إيطالي يحذر دول العالم!
في مقابلة مع DW دعا الدكتور جياكومو غراسيلي، طبيب التخدير في جامعة ميلانو، ومنسق شبكة وحدات العناية المركزة في لومباردي، دول العالم إلى البدء في اتخاذ إجراءات جذرية من الآن لتجنب "السيناريو الإيطالي". وأكد أن "هناك خطر حقيقي للوصول إلى نقطة اللاعودة، لن تكون فيها الموارد كافية للجميع. حالة يكون فيها الطبيب مضطرا لإعطاء الأولوية في وحدات العناية المركزة للمرضى الذين لديهم أعلى فرصة للبقاء على قيد الحياة."
ودعا غراسيلي دول العالم إلى توعية المواطنين بمخاطر الفيروس المستجد "بمجرد حصول الانتشار الأول، على الجميع تغيير سلوكهم وتغيير نمط حياتهم الاجتماعية. نظريا إذا بقي الجميع في المنزل لمدة ثلاثة أسابيع، فإن ذلك سيمنع من ظهور مصابين جدد".