الوقاية المدنية تسيطر على حريق مهول بأحد المطاعم الشعبية بوجدة

الجيش الملكي يجري آخر استعدادته لمواجهة الرجاء

المعارض الجزائري وليد كبير: ندوة جمهورية الريف تؤكد أن نظام الكابرانات أيقن أنه خسر معركته مع المغرب

كواليس آخر حصة تدريبية للرجاء قبل مواجهة الجيش الملكي في عصبة الأبطال الإفريقية

المعارض الجزائري وليد كبير يفضح نظام الكابرانات ويكشف أدلة تورطه في اختطاف عشرات الأسر بمخيمات تندوف

الحقوقي مصطفى الراجي يكشف آخر التطورات في قضية المدون الذي دعا إلى "بيع" وجدة للجزائر

تأملات على خطى فيروس

تأملات على خطى فيروس

محمد شاكري

 

لم يتوقع العالم بأسره و هو في أوج قوته العلمية و التقنية أن يهجم عليه و على حين غرة، كائن متناهي الصغر و الدقة و أن يقف عاجزا حيال غزواته الصامتة .

 

كورونا و في وقت وجيز أعطى للعالم درسين مهمين :

 

الدرس الأول هو لما نسميه في سؤال الهوية الآخر ، الغرب المتقدم تكنولوجيا ، المنحاز للعقل البشري ، الملحد الذي لا يؤمن سوى بالمادة و الطبيعة...هذا الدرس مفاده أن للكون خالقًا و للبشرية ربا. أن الإنسان مهما بلغ من التقدم فهو ضعيف أمام قدرة الله، و مهما بلغ من القوة فلن يعجزه سبحانه. العالم اليوم صار متطرفا للمادة يعبد العقل من دون خلفية إيمانية أو أخلاقية بمعناها الروحي أو حتى الفلسفي .

 

الدرس الثاني للعالم الإسلامي صاحب المرجعية الإيمانية الذي عطل العقل الخلاق و المبدع منذ قرون خلت و ارتكن إلى الخرافة و صم الأذان عن خطاب الله عز وجل "يا أولي الألباب" و الذي وجد نفسه حائرا أمام فيروس تتسابق مختبرات العالم المتقدم لإيجاد علاج له. نعم وضعنا هذا الفيروس أمام حقيقة مؤلمة و هي أننا رغم كل الموارد المالية الضخمة التي يحظى بها العالم الإسلامي إلا أننا متخلفون ، بالرغم من تاريخنا العلمي الحافل إلا أننا اليوم جاهلون ، بالرغم من مظاهر الحضارة الزائفة التي تؤثث دولنا من المحيط إلى أقصى الشرق إلا أننا في الحضيض قابعون.

 

إنه نفس العجز لكنه من جهتين مختلفتين فقر روحي في الغرب و فقر معرفي في الشرق . لقد بنى الغرب إنسانا عقلانيا مؤمنا بالعلم لكنه بروح إيمانية فقيرة ، أما نحن فبنينا إنسانا لا عقلانيا و لا مؤمنا ، لا إلى هؤلاء و إلى أولئك ، إنسان تائه غريب الهوية يعتقد أن كل ما يزعزع خموله و سكونه مؤامرة.

الدرس الثالث هو أن هذا الفيروس أعاد ترتيب الأولويات في عالم طغت عليه التفاهة و كثرت فيه البذاءة ، فإما أن تزرع الجد و تحصد الرقي و إما أن تزرع التفاهة فتحصد رقصًا و غناء و مجونا. تبين اليوم و بالملموس أن الإستثمار المربح هو ذاك الذي يكون في الإنسان و في المدرسة و في العلم. هنا أطرح سؤالًا جوهريًا ماذا استفادت الأمة من الإستثمار في الغناء و المسلسلات و الإعلام الهابط في الوقت الذي تتنافس فيه مختبرات العالم على أجل إيجاد علاج للفيروس، في حين ليس هناك مختبر واحد في دولة إسلامية يعلن أنه يخوض السباق، لأننا و منذ عطّلنا عقولنا صرنا مجتمعات استهلاك نشتري من الآخر أكلنا و سلاحنا و دواءنا ... إن بناء العقول هو ما سيبني الإقتصاد و يطور العلوم و يحث على البحث...و القرآن الكريم جاء مخاطبا العقل البشري كي يبقى متيقظًا متقدًا ما دام الإنسان حيا .

الدرس الأخير هو محلي خاص بنا كمغاربة ، ففي الوقت الذي رفعت فيه الدولة يدها عن القطاعات الحيوية التي تهم المواطن و أقصد النظام الصحي و التعليمي جاء هذا الفيروس ليقلب الطاولة و يوقظ الضمائر لعلها تعقل أو تتعظ. إن بناء المستشفيات أهم من بناء الملاعب و تمويل مراكز البحث العلمي أهم من تمويل المهرجانات فساعة الجد لا يصح إلا الصحيح. نحن اليوم في أشد الحاجة لأطباء و باحثين و علماء فيروسات إنه القطاع الذي مهما خُصص له من أموال فالدولة هي الرابح و الأجيال القادمة هي الرابحة . جاءت الجائحة فألغت جوازات السفر الحمراء و الزرقاء و كل من جسده بيننا و قلبه عابر للبحار خاب ظنه في هروب محتمل نحو المشافي المتطورة .

 

خلاصة القول أن التوازن سنة كونية و الإنسان ببعده العقلي لا تكتمل إنسانيته إلا ببعد روحي سليم .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات