شملال سفيان
كغيره من الدول، المغرب أيضا تعرض للجائحة كما أسمتها منضمة الصحة العالمية، و بالرغم من أن أعداد المصابين لا زالت شبه مطمئنة (الألف تقريبا) مقارنة بباقي الدول إلا أن التداعيات الإقتصادية للوباء بفعل الحجر الصحي الذي فرضته الدولة و إقفالها لجميع المداخل سواءا منها البحرية الجوية و أيضا البرية مما جعل الدولة تعاني اقتصاديا مثل بقية الدول أو ربما أكثر.
"الملك الذي فضل شعبه عن اقتصاد دولته"
هكذا عنونت صحيفة واشنطن بوسط مقالها بخصوص إجراءات الدولة المغربية لمواجهة انتشاء الوباء في عددها الصادر ليوم 21 مارس 2020
فما هي آثار هذا التفضيل على الإقتصاد الوطني ؟ و كيف سيخرج المغرب من هاته الأزمة العالمية ؟
اعياتها على الإقتصاد القطاعات الأكثر تضررا في المغرب و تدالوطني
لا شك أن جل القطاعات متضررة لكن إن تحدثنا عن اقتصاد الوطن فيجب الإشارة إلى قطاعين اثنين يشكلان الحجر الأساس لمداخيلنا و هما أيضا الأكثر تضررا بفعل الحجر إضافة إلى قطاع ثالث كان متؤثرا بالجفاف لتطلق عليه الكورونا رصاصة الرحمة.
الفلاحة، السياحة، الصناعة، ثلاث قطاعات تعتمد عليها الدولة في تكوين ميزانيتها و ازدهار مداخيلها، فالفلاحة مثلا تنعش اقتصاد الدولة بما مجموعه 60 مليار درهم سنويا و الفوسفاط ب 50 مليار درهم سنويا و قطاعات آخرى لا تقل أهمية... و يبقى في رأس هرم المداخيل كل من الصناعة (معامل السيارات ك رونو) و السياحة بما لا يقل عن 80 مليار درهم سنويا لكل منهما، و هنا تكمن الكارثة العظمى.
فمنذ إعلان المغرب للحالة الأولى المصابة ب الكورونا و السياحة تبدأ في الإحتضار لتنفض آخر أنفاسها حين أعلن المغرب رسميا الحجر الصحي كإجراء وقائي في كل ربوع المملكة، شأنه شأن صانعي السيارات الذين أقفلوا شركاتهم و مصانعهم و جل الشركات.
و هذا ساهم بفقدان حوالي 000.780 مستخدم لعملهم حسب تصريح الصندوق الوطني لضمان الإجتماعي أي ما يعادل تقريبا %24 من المنخرطين في الصندوق، دون غيرهم في القطاع الغير مهيكل... إلخ
و أكيد أن فقدان الشغل يساوي فقدان الدخل ما سيكلف الدولة قرابة 5.6 مليار درهم و هو رقم يشكل سدس اعتمادات صندوق مكافحة الفيروس.
فتدمر هذه القطاعات يؤثر سلبا على اقتصاد الدولة، بانخفاض مداخيل العملة الصعبة و قد بدأت فعلا تداعيات هذا الإنخفاض تظهر عقب تنازل سعر الدرهم أمام كل من الأورو و الدولار، و أكيد هذا متوقع لدى جل الخبراء الإقتصاديين، تبعا لمبدأ "الهروب نحو الأمام" أي أنه و كما هو معروف و متداول في مجال الأعمال، في كل أزمة اقتصادية يهرول الجميع لشراء العملة الأثقل وزنا في العالم ، ما جعل الطلب على كل من الأورو و الدولار يرتفع.
ماذا بعد الكورونا و ما هي الإجراءات الواجب اتخاذها للحفاظ لماكرو اقتصادي ؟على الإقتصاد الوطني و التوازن ا
أكيد أن قواعد اللعبة الرأسمالية في العالم بأسره ستتغير، فجل الدول و حتى الدول النامية أصبحت مؤمنة اليوم بنظام صحي مجاني و في المستوى.
وطنيا النمو سوف يتراجع لأدنى مستوياته منذ 20 عاما بسبب ما خلفه الجفاف و تبعيات انتشار وباء الكورونا، حيث من المتوقع تراجع نمو الإقتصاد الوطني المغربي لعام 2020 بنسبة الثلث، أي %2,2 ، هكذا صرح رئيس المندوبية السامية لتخطيط.
فبعدما أن باع الأوروبيون و الأمريكيون شركاتهم الموجودة في الصين ب أبخس الأثمان، فلابد من البحث عن مكان آخر للإستثمار ، يتميز بيد عاملة بتكلفة أقل و أقرب للقارة و لن يكون هناك أفضل من دول شمال أفريقيا للأوروبيين و منها المغرب و المكسيك للأمريكيين، فرغم نزاعات الأخيرين إلا أن المصالح الإقتصادية دائما ما تهزم السياسية، و كما هو وارد في العلاقات الدولية أن ما يحكم بين الدول هو المصالح فقط فليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم.
ما بعد الكورونا سيخلف رهانا أكبر لدولة و هو ما سيتمثل أولا في إعادة بناء و هيكلة ما هو ماكرو- اقتصادي لما كان عليه ثم وضعه في السكة حتى يتأنى له الإنطلاق.
أول إجراء متوقع هو الإستدانة طبعا، و وهو ما سيعلن عليه المغرب قريبا ، دين جديد تنعش به الدولة اقتصادها و قطاعاتها الأكثر تضررا، كالسياحة مثلا، و هي القطاع الذي ما فتئت الدولة تراهن عليه، فيجب تشجيع السياحة الداخلية بالمملكة ريثما تعود الأمور إلى سابق عهدها، مع بعض الإعفاءات الضريبية لمهنيي القطاع .
العودة للحياة الطبيعية:
رغم إعلان المغرب ليوم 20 أبريل كحد لفترة الطوارئ الصحية إلا أن هذا التاريخ قابل للتمديد حسب الحالات التي سيتم الكشف عليها مستقبلا و أيضا مدى سيطرة الدولة على الوباء.
فحتى ولو أعلنت نهاية فترة الطوارئ فالمغرب سيحتاج حوالي تقريبا من 8 إلى 18 شهرا لإعادة هيكلة اقتصاده
Le redémarrage de l’économie
و العودة لن ولا يجب أن تأتي فجأة و في لحظة واحدة، بل بالتدريج شيئا فشيئا، بدءا من حجر جزئي يسمح لبعض القطاعات بالعمل مع الإلتزام بالوقاية, متبوعة بقطاعات أخرى حتى تعود الأمور لنصابها
التبعيات الإقتصادية :
كما أسلفنا الذكر ، لا بد من قرض جديد ينعش اقتصاد الدولة ، و القرض طبعا لا يأتي مجانا، فله تبعياته، و هنا نتحدث عن غلاء في الأسعار و قد نقع في التضخم، إلا أن التضخم هنا سيكون حلا لإعادة الدين أكثر مما سيكون عبئا على الدولة ، افتراضا أن شخصا اقترض مبلغا معينا من الخارج و يجب إعادته في مدة محددة سلفا، و المبلغ المُقترض يشكل مثلا 5 سنوات من ميزانية المدين فبعد التضخم لن يبقى هذا المبلغ بنفس الثقل شأنه شأن اليوم مقارنة بالأمس القريب فلم تعد 500 درهم بنفس الثقل مقارنة ب 10 سنوات مضت...
ولكن العبئ الوحيد في هاته المسألة هو أنه يجب ألا نكون دولة مستوردة أكثر مما هي مصدرة ما قد يعكس الموازين.
فيجب ترشيد النفقات و استوراد ما هو أساسي فقط لنتخطى جميعا دولتا وشعبا أزمة القرن الواحد العشرين